الحكومة المغربية توافق على زيادة الأجور في القطاعين العام والخاص
توصلت الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية والاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى اتفاق نهائي، يقضي بالزيادة في الأجور ومراجعة الضريبة على الدخل، مقابل مباشرة إصلاح التقاعد وإخراج قانون تنظيمي للإضراب ومراجعة تشريعات العمل.
وأفضت المفاوضات إلى الكشف، قبل عيد العمال الذي يوافق الأول من مايو، عن إقرار زيادة في أجور الموظفين في حدود 100 دولار في الشهر، مقسمة إلى قسطين، واحد في يوليو المقبل والثاني في يوليو 2025.
وتوصلت الأطراف، حسب الاتفاق إلى إقرار زيادة في الحد الأدنى للأجور في النشاطات غير الفلاحية في القطاع الخاص بنسبة 10 بالمئة، وهي النسبة التي ستطبق بالنسبة للحد الأدنى للأجور في النشاطات الزراعية.
كما تم الاتفاق على مراجعة نظام الضريبة على الدخل اعتبارا من أول يناير الثاني المقبل، بالنسبة للأجراء، عبر اعتماد تدابير خاصة تتوخى تحسين دخل الطبقة المتوسطة، مع الحفاظ على الوضعية الحالية للمهنيين.
وسيتم رفع الشريحة المعفاة من الضريبة على الدخل من 3 آلاف دولار إلى 4 آلاف دولار، ومراجعة باقي شرائح جدول الضريبة على الدخل، من أجل توسيع تخفيض الأسعار المطبقة على دخول الطبقة المتوسطة، مما سيمكّنها من الاستفادة من تخفيض أسعار الضريبة بحوالي 50 بالمئة، مع خفض السعر الأعلى للضريبة من 38 بالمئة إلى 37 بالمئة.
وتقرر رفع مبلغ الخصم من المبلغ السنوي للضريبة برسم الأعباء العائلية التي يتحملها الخاضع للضريبة على الدخل عن كل شخص يعوله الملزم من 36 دولارا إلى 50 دولارا في الشهر.
وبالموازاة مع الأجور والضريبة على الدخل، اتفقت الأطراف الثلاثة على مباشرة إصلاح التقاعد عبر إحداث منظومة في شكل قطبين، عمومي وخاص، يتم التوافق على تفاصيلها، وذلك في أفق التوصل إلى تصور موحد وعرضه على جولة الحوار الاجتماعي في سبتمبر المقبل، على أن يعرض على البرلمان في أكتوبر.
وتوافقت تلك الأطراف على إخراج القانون التنظيمي للإضراب، كما جرى الاتفاق على المراجعة التدريجية لبعض مقتضيات قانون العمل، بما يتيح تحقيق التوازن بين إنتاجية المقاولة والحفاظ على تنافسيتها وبين محاربة الهشاشة في التشغيل لخلق مناصب الشغل وتشجيع الاستثمار.
ويتجلى أن الحكومة ورجال الأعمال ربطوا بذل مجهود على مستوى زيادة الأجور وتحسين الدخل، بموافقة الاتحادات العمالية على تشريعات تهم التقاعد وقانون العمل والإضراب، فقد أعادت الحكومة فتح ملف الإضراب الذي لم يكن موضوع قانون تنظيمي منذ أول دستور عرفه المغرب في ستينيات القرن الماضي، غير أن الاتحادات العمالية تؤكد أن مطلبها الرئيسي هو الحفاظ على حرية العمل النقابي، خاصة أن أرباب شركات يعمدون إلى طرد مسؤولين نقابيين.
وترى النقابات أن الإضرابات يراد تأطيرها بقانون تنظيمي، تأتي في غالب الأحيان نتيجة رفض أرباب العمل تطبيق قانون العمل والامتثال للقوانين ذات الصلة بالحماية الاجتماعية، ما يفضي إلى نوع من الاحتقان الذي يتسبب في احتجاجات.
وترنو الحكومة كذلك إلى إصلاح نظام التقاعد في المغرب، حيث أعدت تشخيصا لوضعيته وسيناريوهات الإصلاح عبر مكتب للدراسات، غير أن الاتحادات العمالية تشدد على ضرورة إشراكها في بلورة التشخيص ووضع تصور الإصلاح.
ولا تنشغل الاتحادات العمالية فقط بقانون الإضراب والتقاعد، فهي تواجه مطلبا مطروحا على طاولة المفاوضات ما فتئ الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، يعتبره أولوية ضمن انتظاراته، ويتمثل في إصلاح قانون العمل، حيث يسعون إلى تكريس المرونة في ذلك القانون، بما يتيح لهم التسريح عند مواجهة صعوبات اقتصادية.
ويجري فهم المرونة على أنها محاولة من رجال الأعمال لإطلاق يدهم لتقليص عدد العاملين عندما تواجه شركاتهم صعوبات، حيث يراد عندما يقع رب العمل في مشكلة لها علاقة بالنشاط أن يتم ضمان وسائل تمويل أو البطالة الجزئية أو النشاط الجزئي في فترة الأزمة والعودة بعد ذلك.
غير أن الاتحادات العمالية تتخوف من أن يفضي إصلاح قانون العمل إلى ترسيخ وضعية الهشاشة التي يعاني منها الأجراء في القطاع الخاص، في سياق متسم بارتفاع معدل البطالة في العام الماضي إلى 13 بالمئة، وسيادة العمل الناقص (العمل في غير مجالاتهم) والعمل غير المؤدى عنه (لا يتقاضى أجرا عنه).