استعرض رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش بالبرلمان أبرز إنجازات الحكومة في مجال حقوق الإنسان والقضاء ورقمنة الإدارة وتقليص الفوارق المجالية، وذلك تماشيا مع توجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وقال عزيز أخنوش خلال حضوره بجلسة شهرية مشتركة لمجلسي البرلمان إن ما تحقق خلال نصف الولاية الحكومية فاق كل التوقعات والانتظارات، واصفا ما أنجز بـ”الثورة غير المسبوقة لحكومته في البرامج الاجتماعية”، مؤكدا أن “ما تبقى من الولاية للحكومة سيتم التركيز خلاله على تعزيز دينامية الاقتصاد والتشغيل”.
ويترجم ما تم تحقيقه في منتصف الولاية الحكومية الحرص الشديد على تنزيل مختلف التعهدات، “دون البحث عن تبرير في توالي الأزمات المركبة التي عاشتها بلادنا”، مثل إشكالية ندرة المياه والتقلبات المناخية وتوالي سنوات الجفاف متعهدا بالوفاء بمختلف التزامات الحكومة.
وأكد أخنوش، في كلمته، أن “برنامج الحماية الاجتماعية، بكل مظاهره والمتمثلة في تعميم التغطية الصحية وإطلاق الدعم الاجتماعي المباشر ودعم السكن وغيرها من المبادرات، هو تجسيد لطموح وفلسفة الملك محمد السادس، ويحكمه الرهان نفسه المتمثل في تكريس الدولة الاجتماعية وصون كرامة المواطن، وأن الحكومة نجحت، ابتداء من أول ديسمبر 2022، في تعميم التأمين الإجباري الأساسي على المرض وفق الأهداف والإطار الزمني المحدد لها، وأن لحظة التنفيذ الفعلي لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر تبقى من المحطات التاريخية المتميزة التي سيتذكرها كل المغاربة”.
ومن المنتظر، حسب دراسة جديدة للمعهد المغربي لتحليل السياسات تحت عنوان “تسقيف الدولة الاجتماعية”، أن “تُسهِم الإصلاحات الرامية إلى تفعيل السجل الاجتماعي الموحد في عقلنة تدبير البرامج الاجتماعية، سواء تلك المتصلة بالمساعدة أو بالحماية، بشكل قد يوسّع مدى وحجم الاستفادة ويكرس الأحقية في استهداف الفئات المستفيدة”، مشيرا إلى “إدماج مختلف المواطنين في وضعية صعبة في شبكات البرامج الاجتماعية بشرط إتمام تطوير مساطر الاستفادة وآليات تقديم الدعم العمومي وتتبعه وتقييمه”.
وصادق مجلس الحكومة على مشروع قانون البرنامج الاجتماعي بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، ويهدف إلى إحداث مؤسسة عمومية، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي وتحمل اسم “الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي”، ويعهد إليها بالسهر على تدبير نظام الدعم الاجتماعي المباشر، وتتبعه وتقييمه بهدف الرفع من فعاليته.
واعتبر الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن “هناك نظاما ضريبيا منتظما وقارا يتيح هوامش مالية مُريحة للدولة المغربية لتمويل حصتها من برنامج الحماية الاجتماعية المرتقب اكتمال عقده بحلول سنة 2025”. وأضاف لـ”العرب” أن “اكتمال إنجاز تنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية المتعددة، يتطلب وفق تقديرات رسمية 51 مليار درهم ( 5 مليارات دولار) سنويا، ضمنها 23 مليار درهم (2.3 مليار دولار) حصة الدولة.
ومن مهام الوكالة تلقي طلبات الاستفادة من الإعانات في إطار نظام الدعم الاجتماعي المباشر والبت فيها ومعالجة التظلمات المرتبطة بها، وصرف الإعانات للمستفيدين، والتحقق من صحة المعطيات المصرح بها من أجل الاستفادة من الإعانات، فضلا عن مسك وتدبير الحسابات المتعلقة بالميزانية السنوية المخصصة للنظام، وإعداد المعطيات الإحصائية الخاصة بالفئات المستفيدة من النظام، وإصدار تقارير دورية تهم حصيلة تدبير النظام.
وعلى المستوى الصحي تم نقل المستفيدين سابقا من نظام راميد (نظام الصحة)، نحو نظام التأمين الإجباري عن المرض بميزانية تتحملها الدولة تبلغ 9.5 مليار درهم سنويا، مع ضمان الاستدامة المالية والاستهداف الناجح للمستفيدين كالتزام سياسي وتنموي أمام الملك وكاستجابة لانتظارات المغاربة، مع النهوض بوضعية الفئات الهشة والمتوسطة بتحسين ظروف عيش حوالي 110.000 أسرة سنويا، بغلاف مالي سنوي قدره 9.5 مليار درهم (0.94 مليار دولار) لمدة السنوات الخمس المقبلة.
وأكد أخنوش أنه كان بالإمكان أن تقف الحصيلة المرحلية عند ما حققته الحكومة من إنجازات في مجال الدعم المباشر والتغطية الصحية ودعم السكن، وهي إنجازات كافية للتأكيد على أن هذه الحكومة نجحت في أداء مهامها في فترة زمنية لا تتعدى سنتين ونصف السنة، والحقيقة أن ما حصده المواطنون المواطنات من ثمار لبرامج ملكية بتفعيل حكومي جاد وناجع كاف لكي يكون حصيلة مشرفة لولاية بكاملها وليس لحصيلة مرحلية.
واعتبر أن رؤية حكومته تقتضي جعل التشغيل أولوية قصوى والذي يضمن الكرامة الإنسانية للمغاربة، في النصف الثاني من هذه الولاية، إضافة إلى الرهانات المرتبطة بتدبير إشكالية المياه، حيث إن ندرة الموارد المائية المسجلة خلال السنوات الماضية أصبحت تلقي بظلالها على القيمة المضافة الفلاحية، وبالتالي على مسار التنمية الشاملة.
من جهته، شدد الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع على أن “الحكومة نجحت في وضع هندسة مالية عميقة ومضنية لهيكلة تمويل برنامج الحماية الاجتماعية، لا تراعي القدرة على التمويل فحسب بل أيضا تحقيق العدالة والتوازن المجتمعي”. وأضاف “حبذا لو كان مجرد إعادة توزيع الاعتمادات ممكنا في هذه الحالة، لربما كانت الحماية الاجتماعية قد تم إنجازها منذ زمن بعيد لولا أن الأمور أعقد من ذلك بكثير”.