ليبيا تنأى بنفسها عن خطة تبون: لا اتحاد مغاربيّا دون الرباط
أرسلت ليبيا مباشرة بعد نهاية اللقاء الثلاثي التشاوري، الذي احتضنته تونس الاثنين، وفدا دبلوماسيا رفيع المستوى إلى الرباط لتأكيد أن ليبيا تنأى بنفسها عن خطة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لإنشاء اتحاد ثلاثي مع تونس وليبيا خلفا للاتحاد المغاربي بهدف عزل المغرب.
ويتماشى الموقف الليبي مع موقف موريتاني سابق ومعارض للاصطفاف وراء الجزائر على حساب العلاقة التاريخية مع المغرب، ويظهر أن مساعي الجزائر لاستفزاز المغرب تنتهي باستفزاز الدول المغاربية التي يحاول تبون استمالتها لدعم خطته.
ونقل مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي سامي المنفي الدبلوماسي الليبي، على لسان رئيس بلاده محمد المنفي، في لقائه مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الثلاثاء بالرباط تأكيده على دور المملكة المغربية، كدولة فاعلة ومؤثرة في اتحاد المغرب العربي.
وتؤكد سرعة إرسال المبعوث الليبي إلى الرباط أن طرابلس تريد أن تبرر حضورها اللقاءَ الثلاثي بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا، وأنها ليست محسوبة على الجزائر، ولا تريد إنهاء عمل اتحاد المغرب العربي وبعث اتحاد جديد يستثني الرباط.
وأيا كان التفسير الذي قدمته طرابلس إلى الرباط فستعده الجزائر خروجا عن الهدف من محاولة لملمة تكتل ليس مهما وما الغاية منه طالما يحمل مسمى “مغاربي” ولا يشمل المغرب.
وقد يكون سبب ردة الفعل الليبية المعلنة هو نفسه الذي جعل موريتانيا تغيب عن اجتماع تونس الثلاثي بالرغم من معرفتها بمحتواه، وهو ما كان الرئيس الجزائري قد بلّغه للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في اتصال هاتفي في الخامس من مارس الماضي.
ويرجح أن عدم لحاق نواكشوط بلقاء تونس الثلاثي ناجم عن محاولة توجيه العلاقة مع الجزائر بطريقة تكون محصلتها ما يزعج المغرب فارتأت موريتانيا أن لا مصلحة لها في خلق مثل هذه العداوة، خاصة أن العلاقات الموريتانية – المغربية تحسنت كثيرا بعد وصول ولد الشيخ الغزواني.
وغاب الرئيس الموريتاني عن الاجتماع السابق في الجزائر، الذي ضم رؤساء تونس والجزائر وليبيا، وفُسر ذلك بأنه نأي من نواكشوط بنفسها عن هذا الملف.
وشدد السفير أبوبكر إبراهيم الطويل، القائم بأعمال السفارة الليبية في المغرب، عقب استقبال بوريطة مبعوثَ رئيس المجلس الرئاسي الليبي، على التقدير الكبير الذي تكنه بلاده للمملكة المغربية وشكرها لها على ما قدمته من دعم للمسألة الليبية من خلال احتضان جولات الحوار في الصخيرات وبوزنيقة وطنجة.
وأكد أن الزيارة الحالية للوفد الليبي تأتي من أجل تعزيز اتحاد المغرب العربي كإطار للدول المغاربية لتحقيق ما تطمح إليه من استقرار وتنمية.
واعتبر خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، أن رسالة المبعوث الليبي تشير إلى أن فكرة تشكيل اتحاد بديل ولدت ميتة إذ لا يمكن تصور أي اتحاد مغاربي دون المملكة.
وأوضح شيات في تصريح لـه أن المحاولة الجزائرية تأتي في إطار معاكسة المغرب، وليبيا تعرف ذلك جيدا ولا مصلحة لها في خلق توتر مع المغرب الذي يحتضن المباحثات بين الفرقاء الليبيين وتحظى وساطته بثقة الأمم المتحدة، حيث كانت هنالك نتائج واضحة لكل المسارات التي احتضنتها الرباط، سواء في الصخيرات سنة 2015 أو في بوزنيقة هذه السنة.
وكان الرئيس الجزائري قد تحدث بشكل علني خلال لقاء تلفزيوني، نهاية مارس الماضي، عن مشروع التكتل المغاربي الذي تنوي بلاده إطلاقه مع تونس وليبيا، مشيرا إلى أنه سيكون كتلة لـ”إحياء العمل المغاربي المشترك”، وتنسيق العمل من أجل “توحيد كلمة” هذه الدول بشأن العديد من القضايا الدولية.
وأكد شيات أن العلاقات الليبية – المغربية لن تتأثر كثيرا بهذا التوجه، وأن المغرب يتفهم الأمر في هذا السياق خصوصا وأنه حريص على أن يكون الاتحاد اندماجيّا عندما يكون الجميع مؤمنين بذلك وعلى رأسهم النظام الجزائري الذي يريد من خلال هذه المحاولة إقناع نفسه بفكرة أنه يقوم بدور إقليمي في المنطقة وأفريقيا.
وبدعوة من الرئيس التونسي قيس سعيد شارك الرئيس الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في اجتماع تشاوري تم الاتفاق خلاله على العمل معًا لمكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية.
وفي ختام الاجتماع التشاوري أعلن رؤساء تونس والجزائر وليبيا أنهم اتفقوا “على تنسيق الجهود لتأمين حماية أمن الحدود المشتركة والعمل سويا لمكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية، وتوحيد مواقفهم وخطاباتهم بشأن هذه الظاهرة”.
وأضاف البيان الختامي، الذي تلاه وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، أن القادة الثلاثة اتفقوا أيضا على “توحيد المواقف والخطاب مع التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية وجنوب الصحراء، وعلى أهمية تنظيم هذه اللقاءات التشاورية بشكل دوري”.