زيارة وزير الداخلية الفرنسي للرباط تفتح الباب لتعاون أوسع مع المغرب
– يحل وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، اليوم الأحد بالرباط، بدعوة من نظيره المغربي عبدالوافي لفتيت، في زيارة تهدف إلى “تعميق” التعاون بين البلدين في المجال الأمني “في سياق دولي من عدم الاستقرار”، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية.
وتندرج هذه الزيارة التي كانت مرتقبة الأسبوع الفارط في إطار الدينامية الجديدة التي تعرفها العلاقات الثنائية بين البلدين بعد تجاوز الأزمة الصامتة بين الرباط وباريس.
وأفادت الداخلية الفرنسية، في بيان السبت بأن “هذه الزيارة تندرج في إطار دينامية تعاون متعدّد الأوجه بين فرنسا والمغرب، لكي يتصديا معا للتحديات التي تواجه كلا البلدين وقضايا ذات الاهتمام المشترك بين الرباط وباريس مثل الهجرة ومحاربة الجريمة المنظمة”.
وسيلتقي وزير الداخلية الفرنسي خلال هذه الزيارة نظيره المغربي وأيضا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق، إضافة إلى ممثلين لمجتمع الأعمال الفرنسي المغربي والجالية الفرنسية في الرباط.
وأبرزت وزارة الداخلية الفرنسية أن دارمانان، الذي تمتد زيارته للمغرب حتى يوم الإثنين المقبل، سيرافقه مدراء عامون رئيسيون في وزارة الداخلية وأقاليم ما وراء البحار.
وينهي تحديد موعد زيارة وزير الداخلية الفرنسي للرباط التكهنات حول زيارات وزراء فرنسيين للمغرب.
وتأجلت زيارات وزراء فرنسيين للرباط كانت مرتقبة الأسبوع الفارط بسبب جدول أعمال مسؤولين مغاربة، فقد أكدت وسائل إعلام محلية في وقت سابق، أن زيارتي دارمانان ووزيرة الثقافة رشيدة ذاتي “تم تأجيلهما وليس إلغاؤهما”، مؤكدة أن التنسيق المشترك بين الرباط وباريس “مستمر” لتحديد موعد يناسب الطرفين.
وكانت زيارة وزير الداخلية الفرنسي محددة الأحد الماضي، لعقد سلسلة من الاجتماعات الرسمية مع أعضاء الحكومة المغربية، بدءا بوزير الداخلية المغربي، لمناقشة قضايا أمنية ذات أهمية متبادلة، وفق ما كشفته تقارير فرنسية.
وأبرزت أن الاجتماع كان من المقرر أن يتبعه جلسة عمل موسعة سيتناقش فيها الطرفان مواضيع مختلفة، بما في ذلك مكافحة الجريمة المنظمة، مع التركيز بشكل خاص على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.
وسيكون التعاون الأمني بين المغرب وفرنسا في قلب المناقشات المؤجلة، وذلك تعزيزا للجهود المشتركة ضد الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، حيث عمل البلدان على مدى السنوات العديدة الماضية، على إبرام اتفاقات أمنية تهدف إلى مكافحة أشكال مختلفة من الجريمة العابرة للحدود.
ويعترف بجهود المغرب في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية بانتظام من قبل مسؤولين من دول الاتحاد الأوروبي، آخرها إشادة درمانان نفسه بالمملكة بعد نجاح الأجهزة الأمنية المغربية بالإطاحة بأحد أشهر تجار المخدرات بفرنسا، مؤكدا أن العملية تتويج للتعاون الأمني بين البلدين وتبادل المعطيات والمعلومات بين المديرية العامة للأمن الوطني والشرطة الوطنية الفرنسية.
بالإضافة إلى المناقشات الأمنية، ووفق المصادر ذاتها، من المقرر أن يلتقي درمانان خلال زيارته للمغرب أيضا بوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي فرصة لمناقشة المواضيع المتعلقة بالإسلام وتدريب الأئمة، وفق تقارير إعلامية.
وقالت وسائل الإعلام الفرنسية إن باريس قررت الاستعانة بخبرة المغرب في تكوين الأئمة، تزامنا والقانون الجديد المتعلق بذلك، خاصة أن المملكة تضم معهد محمد السادس لتدريب الأئمة والمرشدات، وهي مؤسسة مشهورة بالتزامها بالإسلام المعتدل والمتسامح.
ويذكر أن عدد الطلبة الأجانب المنحدرين من الدول الأفريقية الذين استفادوا من التكوين بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات منذ سنة 2015 إلى متم 2022، بلغ ما مجموعه 2798 طالبا وطالبة، من جنسيات تسع دول، وفق المعطيات الرسمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي أكدت أن المغرب في رمضان 2023 قام بإيفاد 400 إمام وواعظ ديني إلى 9 دول، وهو الرقم الذي من المرتقب أن يتناقص في ظل الحظر الفرنسي الجديد.
من جهة ثانية، تأتي هذه الزيارة الرسمية، في وقت بدأت العلاقات المغربية الفرنسية تشهد بعض الدفء بعد أزمة امتدت لسنوات.
وكان سفير فرنسا بالمغرب، كريستوف لوكورتيي، قد تحدث في وقت سابق من الشهر الماضي عن أن العلاقات الفرنسية ـ المغربية تشهد “دينامية جديدة تتجه بحزم نحو المستقبل”.
وأعرب الدبلوماسي الفرنسي، الذي كان يتحدث خلال ندوة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الرباط أكدال، حول موضوع “العلاقات الفرنسية المغربية: رهانات وآفاق”، عن الإرادة القوية لبلاده، وعلى أعلى مستوى الدولة، للمضي قدما في شراكتها التاريخية مع المملكة.
وشدّد الدبلوماسي الفرنسي على أن البلدين، اللذين يتقاسمان “مصيرا مشتركا”، مدعوان إلى مواجهة التحديات المتعددة المتمثلة في التكامل الاقتصادي، والقدرة التنافسية، والازدهار المشترك، معربا عن ارتياحه لكون “ما يوفره المغرب من حيث البنيات التحتية، والاستقرار، ونوعية الرجال والنساء الذين يعيشون فيه، ومؤهلات موارده الطاقية، والقرب الجغرافي، يشكل معادلة رابحة لا نظير لها اليوم”.