القواعد التنظيمية المغربية تحمي المنافسة العادلة في سوق الطيران
أنهى المغرب الجدل حيال ما تم تداوله بشأن تقديمه دعما للمنافس الجديد رايان أير، والذي بدأ تسيير رحلاته الداخلية رغم إمهال شركة الطيران الأوروبية منخفضة الكلفة شهرا لتسوية أوضاعها، وذلك بالنظر إلى القواعد التنظيمية المحددة للمنافسة العادلة.
دخلت مساعي تنشيط السفر المحلي في المغرب منعطفا جديدا بعدما قطعت السلطات الطريق أمام كل محاولات التشكيك في نزاهة نشاط رايان أير، ثالث شركة تدخل المنافسة في السوق المحلية.
ويعول المسؤولون المغاربة على رحلات الطيران منخفضة الكلفة لإعطاء السفر الداخلي زخما أكبر بما يدعم السياحة، التي تشكل أحد روافد العملة الصعبة للبلد خاصة مع عزم أكبر شركة أوروبية في هذه الفئة المنافسة لحيازة حصة في السوق الآخذة في النمو.
وأكدت وزارة السياحة أنه لم يتم منح أي دعم مالي أو مساعدة مالية لشركة الطيران الأوروبية قصد تسيير رحلات داخلية، وذلك تبعا لبعض التساؤلات المتداولة عند بعض وسائل الإعلام. وشددت على أن التحدي الحقيقي في الوقت الحاضر هو التنمية وليس تفادي المنافسة.
وذكرت في بيان أوردته وكالة الأنباء المغربية الرسمية بشأن المخاوف المتعلقة بدعم مالي ممنوح للشركة الأيرلندية الرائدة في مجال الطيران منخفضة الكلفة من طرف مكتب السياحة قصد تسيير الرحلات الداخلية، أنه “التزام تم إثباته منذ البداية وسيظل على حاله”.
وأكدت أنه بالنسبة إلى النقطة المتعلقة بـ”المنافسة المباشرة التي تمثلها الشراكة مع رايان أير للخطوط الجوية الملكية المغربية”، فإن “هدف هذه الشراكة، كما هو الحال بالنسبة إلى جميع الشراكات الجوية، هو التكامل”.
وشددت وزارة السياحة في بيانها الذي نشرته الجمعة الماضية على أن رحلات رايان أير لا تتداخل مع تلك التابعة للشركتين العاملتين في السوق، وإنما تسهم جميعها في تعزيز الربط الجوي، بما في ذلك الربط بين الجهات.
وتحفز الإغراءات التي توفرها السلطات المغربية مع تتالي الفعاليات التي تحتضنها أبرز مدن البلاد، والاستحقاقات في السنوات المقبلة شركات الطيران الأجنبية على توسيع رقعة أعمالها في السوق المحلية.
وقبل انضمام رايان أير كانت سوق الرحلات الجوية الداخلية مقتصرة على شركتين فقط، هما الملكية المغربية المملوكة للدولة، والعربية للطيران الإماراتية.
ومع دخول الشركة الأيرلندية يتوقع أن تزداد المنافسة بما يخدم تطلع المغرب إلى تنمية هذا المجال، حيث تأتي خططه في خضم الإعلان التاريخي عن استضافته، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، بطولة كأس العالم لكرة القدم والمقررة في عام 2030.
وبدأت رايان أير، وهي أكبر شركة خطوط جوية في أوروبا من حيث عدد الركاب، رحلات داخلية في المغرب لتربط تسع مدن عبر 11 رحلة أسبوعيا خلال موسم الصيف، مع إضافة 24 مسارا دوليا آخر بين المغرب وثماني دول أوروبية.
وتسهم الرحلات التي تقدمها الشركة، مثل طنجة – الصويرة، ووجدة – مراكش، وفاس – أغادير، في تعزيز الربط بين الجهات وتعزيز السياحة الداخلية، وتمكين الزوار الأجانب من تمديد إقاماتهم من خلال زيارة المناطق التي كان من الصعب الوصول إليها حتى الآن.
وسبق أن أكد إيدي ويلسون رئيس رايان أير أن الحصول على تراخيص للطيران الداخلي في دولة غير أوروبية يعد إنجازا لأي شركة طيران أوروبية.
وقال في ديسمبر الماضي إن ذلك سيساعد “رايان أير على الاستفادة بشكل أفضل من الطائرات، مع الاستفادة أيضا من قطاع السياحة الداخلية للطبقة المتوسطة المتنامية”.
وسيرفع البرنامج الجديد لرايان أير الذي أعلنت عنه مع دخولها السوق المغربية من مستوى ربط البلاد بمطارات أوروبا عبر رحلات جديدة مباشرة، تطال الأسواق الرئيسية للسياحة بما في ذلك الدول الأسكندنافية وألمانيا وأوروبا الشرقية والمملكة المتحدة.
ولتحقيق زيادة رحلاتها إلى المغرب، قامت رايان أير بتخصيص طائرة إضافية لوجهة المغرب من طراز بوينغ 737 غيمشانجر بما يرفع إجمالي أسطولها إلى 12 طائرة، بكلفة استثمارية تقدر بنحو 1.2 مليار دولار، على مدى عقدين.
وفي ما يتعلق بعرض الدفع بالعملة الأجنبية مقابل رحلاتها الداخلية، على الرغم من الالتزام بتقديم خدماتها بواسطة الدرهم للمواطنين، أشارت وزارة السياحة إلى أن ريان أير تعمل على حل موضوع المعاملات التي يتم خصمها من الحصة المخصصة للسياحة.
◙ السلطات تطالب شركة رايان أير بتنفيذ بنود العقد ومن بينها بيع التذاكر للمغاربة بالدرهم وليس باليورو
وتزامن ذلك مع قرار وزارة النقل الذي يقضي بالسماح لرايان أير بتسيير رحلاتها الداخلية بشكل استثنائي لمدة شهر في انتظار امتثالها لالتزاماتها، وذلك بعد أن لاحظت أن التذاكر متاحة فقط للشراء عبر البطاقات البنكية المغربية الدولية بالعملة الصعبة.
وقالت الوزارة إنه “تم إصدار هذا الترخيص الاستثنائي بشرط صريح أن يكون بيع التذاكر متاحا بالدرهم، وهو الشرط الذي تم قبوله وتأكيده برسالة من شركة الطيران بتاريخ الـ29 من نوفمبر 2023”.
وأضافت أنه “بعد أن لاحظت الوزارة أن التذاكر متاحة فقط للشراء عبر البطاقات البنكية المغربية الدولية بالعملة الصعبة، قامت بتذكير شركة رايان أير بالتزاماتها يوم 29 مارس 2024، وأمرتها بالامتثال لها في أقرب وقت ممكن”.
وتابعت أنه “لتجنب إزعاج المواطنين الذين سبق لهم شراء تذاكرهم وتنظيم سفرهم، قررت الوزارة السماح لشركة رايان أير بتسيير رحلاتها الداخلية بشكل استثنائي لمدة شهر (ابتداء من الأحد 31 مارس) في انتظار امتثال الشركة لالتزاماتها”.
ويأمل المسؤولون من خلال تنشيط سوق السفر في جذب نحو 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026، ارتفاعا من 14.5 مليون سائح العام الماضي. وفي عام 2019 استقبل المغرب 13 مليون زائر.
وتعكس هذه الطموحات الإمكانيات الاستثنائية لوجهة المغرب، الذي عانت سوقه من تبعات وباء كورونا لمدة عامين، وهو ما انجر عنه تدخل الحكومة التي قدمت دعما ماليا للعاملين في القطاع.
وتقول وزارة السياحة إن أرقام 2023 تؤكد ضرورة تعزيز الطاقة الاستيعابية للنقل الجوي لتحقيق الأهداف الطموحة لخارطة طريق السياحة والأحداث الرياضية القادمة مثل بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 وبطولة كأس العالم 2030. وإلى جانب ذلك العمل على تعزيز الترويج والتسويق وزيادة المعروض من الفنادق، في بلد تسهم فيه السياحة بحوالي 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.