الأغلبية الحكومية في المغرب تدافع عن حصيلتها المرحلية
مع اقتراب افتتاح دورة البرلمان الربيعية، دافعت الأغلبية الحكومية في المغرب على حصيلتها المرحلية، واصفة إياها بالمشرفة جدا والإيجابية وتترجم الإرادة السياسية القوية للحكومة في إجراء الإصلاحات الاقتصادية، وتثبيت ركائز الدولة الاجتماعية. واعتبرت الأغلبية الحكومية أن الحصيلة تعكس “الوفاء بالالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي”، مشيدة بما اعتبرته “روح الانسجام والتعاون الذي يطبع علاقة الحكومة بفرق الأغلبية البرلمانية، وبالأدوار الكبرى التي تقوم بها هذه الفرق على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وعلى مستوى الدبلوماسية البرلمانية”.
وبعد اجتماع قيادة تحالف الأحزاب الثلاثة الأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة أكدت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في بيان لها، على مواصلة التنسيق والعمل المشترك والتعاون بين مكوناتها على مستوى التحالفات المتعلقة بتسيير الجماعات الترابية محليا وإقليميا وجهويا، والحرص على إنجاح هذه التجربة، لما تتيحه من إمكانيات مهمة لتنفيذ السياسات العمومية وفق سياسة القرب، وبالنجاعة والفعالية اللازمتين، منوّهة بمواصلة الحوار الاجتماعي الذي يجمع الحكومة بالمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وتطلعها إلى أن يكون مثمرا.
وتدارست الأغلبية الحكومية تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية، فضلا عن الأجندة المقبلة لعمل رئاسة الأغلبية الحكومية، و”سبل تعزيز وتقوية التعاون بين الحكومة وجميع مكونات الأغلبية البرلمانية، على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي”، وفق ما جاء في البيان الصادر عن الأغلبية الحكومية الذي أشار إلى أن الاجتماع شهد “نقاشا عميقا وجديا استحضر خلاله الحاضرون البرامج الإصلاحية الكبرى التي تحققت ببلادنا على جميع المستويات، والرهانات المستقبلية التي تنتظر المملكة”.
وأفاد رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن “الأغلبية الحكومية الحالية مطالبة بالإبقاء على التحالف متماسكا”، موضحا أن “المشاريع المهيكلة التي تم فتحها تقتضي مجهودا حكوميا أكبر لتنفيذ البرنامج التي أطلقتها الحكومة بإشراف ملكي مثل الدعم المباشر للفئات الفقيرة والبنيات التحتية المتعلقة بالمشاريع والقطاعات الحيوية. وأكد أن “التنافر بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي ليس جديدا، ففيه ما هو أيديولوجي وشخصي، وهو ما أثّر على أداء المعارضة داخل البرلمان”، موضحا أن “نجاح التنسيق بين مكونات المعارضة في هذه الدورة لن يتوقف مادام الصراع قائما بين الحزبين”.
وتفاديا لأيّ مزايدات سياسية في التعاطي مع متطلبات الدولة الاجتماعية، أكدت قيادات من أحزاب الأغلبية أن الحكومة جاءت في ظروف صعبة جدا، وأن انسجامها هو أساس النجاح، مضيفة أن الإرادة السياسية موجودة لدى الحكومة وأن خارطة الطريق أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وأكد رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة أحمد التويزي أن هذه الدورة مقبلة على انتخاب رئيس مجلس النواب وتجديد هياكل الحزب، كما ستشهد إكراهات كبيرة في التشريع والسياسة العامة والمراقبة، ومقبلة على مناقشة ملفات ومشاريع قوانين كبرى من قبيل مدونة الأسرة ومشروع قانون المسطرة المدنية، بالإضافة إلى مشاريع قوانين أخرى، مشددا على التصدي للخرجات المعادية عن طريق التمسك بأدوات للدفاع عن المشاريع والبرامج المهمة التي تصب في صالح المواطن المغربي.
ومع اقتراب موعد النصف الثاني من الولاية التشريعية الحالية، تم الحسم في المرشح لرئاسة مجلس النواب بتمديد رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار في شخص راشيد الطالبي العلمي، بعدما عبّرت في وقت سابق قيادات الأصالة والمعاصرة عن رغبتهم في حصول حزبهم على رئاسة الغرفة الأولى. في المقابل لا زالت مكونات المعارضة تتخبط في دوامة عدم الانسجام والتي تعمّقت خاصة بسبب مناقشة تعديلات مدونة الأسرة وانفراد الاتحاد الاشتراكي بالتلويح بملتمس الرقابة.
وأثّرت الخلافات القائمة بين إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على تنسيق قوى المعارضة داخل البرلمان، خصوصا التوافق على تقديم ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، الذي اقترحه الحزب اليساري والذي يسعى إلى إنجاح تقديمه رفقة الأحزاب الأخرى منها حزب العدالة والتنمية.
وأشار مصدر حزبي أن “اجتماع رؤساء فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب الخميس، أظهر تباينا واضحا في هذا الملف الذي عارضه حزب الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية لعدم توفر شروط نجاحه، كاشفا أن الاتحاد الاشتراكي يتعجل الأحزاب الأخرى في المعارضة لقبوله لتسجيل نقاط سياسية على الأغلبية دون أن يكون لها أثر في إسقاط الحكومة”.
بدوره، أكد رشيد حموني رئيس تكتل حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب أنه “منذ السنة الثانية من عمل البرلمان أصبح التنسيق بين أحزاب المعارضة الثلاثة (الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية)، في تراجع”. ودافع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، عن ملتمس الرقابة كون المرحلة تستوجبها، وتتجاوز الجوانب التقنية أو الحسابية بخصوص الحكومة إلى ما هو أبعد من حيث الثقافة السياسية المراد إعادة الاعتبار إليها، ومن حيث الضرورة الترافعية من أجل حرمة المؤسسات الدستورية الواجب احترامها.
ورغم الانتقادات التي طالت عمل الحكومة من طرف المعارضة، أبرز مصطفى بايتاس القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، أن الحكومة نجحت في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المملكة في أن تحافظ على مستوى الاستثمار العمومي، بل وترفع منه ومن حجم مناصب الشغل، وترفع من الإمكانيات المادية الموجهة لقطاعات الصحة والتعليم وتقوم بإصلاح ميثاق الاستثمار.
ونوّهت رئاسة الأغلبية في بيانها، بمواصلة الحوار الاجتماعي الذي يجمع الحكومة بالمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، معربة عن تطلعنا إلى أن يكون مثمرا، كما جددت “دعمها ومساندتها للبرامج الإصلاحية الكبرى التي تعتزم الحكومة إطلاقها خلال الأيام المقبلة، على المستوى المؤسساتي والقانوني والاجتماعي، بما يضمن الحوكمة الجيدة واستدامة الإصلاحات، والاستقرار الاجتماعي”.