مخاوف من لجوء أوروبا إلى تسقيف أعداد المهاجرين لمواجهة الهجرة
عرض حزب اتحاد الوسط الديمقراطي، أكبر الأحزاب السويسرية، مبادرة للحد من الهجرة تحت شعار “لا لسويسرا بعشرة ملايين نسمة”. ويثير المقترح تخوفات المنظمات التي تعنى بأوضاع المهاجرين لأنه يتعامل مع الظاهرة كرقم ولا يرتبط بمعطيات الحاجة أو البعد الإنساني.
وسيمثل تسقيف أعداد المهاجرين باعتماد أرقام مضبوطة خطرا حقيقيا إذا تبنته سويسرا وسارت على خطاها أوروبا. وهو خطر على أوروبا نفسها التي تحتاج دومًا إلى مهاجرين جدد، خاصة منهم أصحاب الكفاءات في مهن معروفة مثل الهندسة والطب وفي المهن الجديدة التي تتعلق بالتكنولوجيا.
وتظل أوروبا في حاجة باستمرار إلى اليد العاملة ذات المهارة القادمة من الجنوب. ومن شأن تحديد سقف لأعداد المهاجرين الجدد أن يمس من أمن أوروبا ونفوذها في دول الجنوب.
ويخفي مقترح التسقيف نزعة أوروبية شعبوية ازدادت إثر صعود اليمين المتشدد، وتقوم على تحميل الوافدين أسباب أزمات أوروبا ونتائجها، وتقر بأن الحل يكمن في طرد المهاجرين دون مراعاة ثقافة أوروبا وتاريخها القائم على الانفتاح وإعلاء القيم الإنسانية، لتتشكل على النقيض من ذلك أوروبا جديدة تحدد رقما وعندما تصله يُقْرع الجرس ويتوقف استقبال المهاجرين بقطع النظر عن ظروفهم.
وأكدت قمة القادة الأوروبيين في مدينة غرناطة الإسبانية في أكتوبر الماضي أن تحدي الهجرة يهدد بتعريض النسيج الأخلاقي للسياسة الأوروبية إلى الخطر، وأن عدم الاستقرار والصراع الجيوسياسي وعدم المساواة العالمية وحالة الطوارئ المناخية تعني أن الهجرة الجماعية هي ظاهرة عصرنا.
وناقشت القمة قضية الهجرة، التي تتزايد في الفترة الأخيرة، لكنها فشلت في صياغة موقف مشترك بشأنها. وبالنسبة إلى قارة تعاني من شيخوخة السكان وتحتاج إلى تحديث قواها العاملة، تظل هناك دومًا فرص يتيحها المهاجرون.
والأربعاء أودع الحزب اليميني المحافظ مبادرة لدى المستشارية الفيدرالية بعد أن جمع 114600 توقيع في ظرف تسعة أشهر، أي نصف المهلة المحددة. واعتبر الحزب أن النجاح الباهر الذي حققته المبادرة يظهر أن السكان يطالبون – بشكل عاجل – بهجرة مستدامة ومتحكّم فيها. وتدعو المبادرة إلى تعزيز الدستور الفيدرالي بمادة جديدة حول “النمو الديمغرافي المستدام”.
وفي حال الإجابة بنعم على المبادرة يجب العمل على ألا يتجاوز عدد السكان المقيمين الدائمين في سويسرا عشرة ملايين شخص بحلول عام 2050. وسيتعين على المجلس الفيدرالي (الحكومة) والبرلمان اتخاذ الإجراءات اللازمة بمجرد أن يتجاوز عدد السكان 9.5 مليون نسمة. ولم يعد بإمكان الأشخاص الذين تم قبولهم مؤقتا الحصول على تصريح إقامة أو الجنسية السويسرية، أو أي حق آخر في الإقامة، وفق المبادرة.
كما تقضي المبادرة الشعبية بانسحاب سويسرا من المعاهدات الدولية التي تفضي إلى الزيادة الديمغرافية، مثل اتفاقية حرية حركة الأشخاص مع الاتحاد الأوروبي، أو ميثاق الأمم المتحدة بشأن الهجرة.
ويرى الحزب اليميني، الذي تصدر الانتخابات العامة الأخيرة في أكتوبر 2023، أن الهجرة مسؤولة عن العديد من العلل مثل نقص المساكن وارتفاع الإيجارات والاختناقات المرورية على الطرق، واكتظاظ القطارات والحافلات، وانخفاض مستويات المدارس، وزيادة العنف والجريمة، ونقص الكهرباء، وركود دخل الفرد، وارتفاع أقساط التأمين الصحي، وإثقال الخدمات الاجتماعية بالديون، وزيادة الضغط على الموارد الطبيعية.