دعوة العاهل المغربي لمراسم تنصيب رئيس السنغال تجسيد للعلاقات الروحية
رأى خبراء أن الدعوة الاستثنائية التي تلقاها العاهل المغربي الملك محمد السادس، كقائد الدولة الوحيد من خارج غرب أفريقيا، لحضور حفل أداء اليمين الدستورية وتنصيب الرئيس المنتخب للسنغال، باسيرو ديوماي فاي، تجسد ثوابت العلاقات الروحية المشتركة العريقة بين الرباط وداكار.
واعتبر الباحث في الشؤون الأفريقية، الموساوي العجلاوي، الثلاثاء، أن الدعوة التي خص بها الرئيس السينغالي فاي، الملك محمد السادس، لحضور حفل تنصيبه، رسالة واضحة على أن العلاقات بين البلدين تستشرف آفاقا أكبر في المستقبل.
وأبرز العجلاوي أن دعوة العاهل المغربي لحضور حفل التنصيب، تأكيد على متانة وقوة العلاقات التاريخية بين البلدين والتي تمتد على مدى 10 قرون، وكذا عمق أواصر الأخوة والتضامن التي كانت دائما تربط بين المغرب والسينغال.
وأكد الباحث أن البلدين يجمعهما المشترك الديني والروحي والثقافي واللغوي، وكذا النظرة نحو المستقبل، مبرزا عمق الشراكة المتفردة التي تجمع بين المغرب والسينغال والتي تهم مجالات متعددة.
وعلاقات المغرب بأفريقيا عامة والسنغال بشكل خاص تعود إلى ما قبل ظهور الإسلام، حيث أنه مع مجيئ الإسلام أعطى هذه العلاقة طابعا روحيا ساميا يتماشى مع تطور العالم بفضل مختلف السلالات المغربية الحاكمة، ولا سيما الشرفاء العلويين.
وكان للزوايا الصوفية في المغرب دور بارز في توطيد الروابط الروحية بين المملكة والسينغال ، حيث أن فروع الزوايا في المغرب تمتد إلى عدة دول في إفريقيا، بما في ذلك السنغال.
وقال الباحث السنغالي، ماسامبا غاي، الثلاثاء، إن دعوة الملك محمد السادس لحضور حفل تنصيب الرئيس السنغالي تعكس متانة أواصر الصداقة والأخوة العريقة القائمة بين السنغال والمغرب.
وأضاف غاي، الخبير في العلاقات بين المغرب وأفريقيا، أن هذه الدعوة لحضور حفل التنصيب تشهد على قوة التعاون ومتانة أواصر الصداقة والأخوة القائمة بين السينغال والمغرب، والمتسمة بالاستدامة.
وأوضح أن الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية القوية، والروحية على وجه الخصوص، “متينة وتتخطى الزمن والحكومات والرجال”.
وأكد الباحث السنغالي أن المملكة المغربية تعد ملاذا روحيا مرجعيا للسنغال ولغرب أفريقيا عامة، وقوة اقتصادية تبذل كل ما في وسعها لتقاسم فرصها التنموية مع باقي دول القارة.
ومن جانبه، أكد الباحث في العلوم السياسية، الشرقاوي الروداني، أن دعوة الملك محمد السادس إلى حضور مراسم تنصيب الرئيس المنتخب للسنغال، تمثل إشارة قوية من الرئيس السنغالي الجديد على متانة وتميز العلاقات العريقة بين البلدين.
وقال الروداني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن هذه الدعوة، التي تأتي في سياق سياسي جديد، “تعبر ليس فقط عن التقدير والاحترام الذي يكنه الرئيس السنغالي الجديد للملك محمد السادس، بل أيضا عن الروابط المتينة والدائمة التي تجمع بين المغرب والسنغال”، مضيفا أن العلاقات بين البلدين لم تعرف أي فتور منذ حصولهما على الاستقلال رغم مرور الزمن والتغييرات السياسية والمؤسساتية.
وأضاف أن هذا السلوك السياسي الهام يعكس أيضا اعتراف مجموع النخبة السياسية في السنغال بالدور متعدد الأبعاد الذي يضطلع به العاهل المغربي في تعزيز العلاقات بين البلدين، وفي التناغم المثالي الذي يسود العلاقات بين البلدين.
وبحسب الباحث في العلوم السياسة، فإن هذه العلاقات الثنائية المتميزة كانت موسومة على الدوام بقيم ومبادئ الوحدة الإفريقية، مما يدل على الالتزام المشترك للمغرب والسنغال اتجاه الوحدة والتضامن الأفريقيين.
واستقبل الرئيس السنغالي الثلاثاء بديامينياديو قرب دكار الوفد المغربي، الذي يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والذي مثل العاهل المغربي في مراسم تنصيب رئيس السنغال المنتخب.
وجرى هذا الاستقبال، الذي حضره وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وسفير المغرب بدكار، حسن الناصري، على هامش حفل أداء اليمين الدستورية ومراسم تنصيب الرئيس فاي.
وخلال هذا الاستقبال، نقل الوفد المغربي تهاني الملك محمد السادس إلى الرئيس السينغالي، بمناسبة تنصيبه، وكذا تمنياته له بالازدهار والتقدم للشعب السينغالي.
وتأتي زيارة أخنوش إلى السينغال، مرفوقا بوزير الخارجية، بتعليمات من العاهل المغربي، إثر تلقيه دعوة من الرئيس السينغالي المنتخب لحضور حفل التنصيب.
وأدى مرشح المعارضة في السنغال والمسجون السابق فاي اليمين الثلاثاء ليصبح الرئيس الخامس للبلاد وأصغرهم على الإطلاق، متعهدا باستعادة الاستقرار وتحقيق التقدم الاقتصادي.
وتغلب فاي (44 عاما) على مرشح الائتلاف الحاكم أمادو با بأغلبية ساحقة في الجولة الأولى من الانتخابات، مما يعكس الآمال الكبيرة في التغيير في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 18 مليون نسمة.
وقال فاي بعد أن أدى اليمين في مراسم حضرها مع زوجتيه إن “نتائج الانتخابات أظهرت رغبة عميقة في التغيير”.
وحضر المراسم أكثر من عشرة من رؤساء الدول والممثلين الإقليميين، منهم الرئيس النيجيري بولا تينوبو ورئيس غانا نانا أكوفو-أدو ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد.
وأرسلت المجالس العسكرية الحاكمة لبوركينا فاسو ومالي والنيجر ممثلين عنها.
وكان الانتقال السلس للسلطة موضع ترحيب ومثل دفعة بعد ثلاث سنوات من اضطرابات سياسية غير مسبوقة في السنغال أثارت مخاوف بشأن تراجع الديمقراطية في غرب أفريقيا التي تشهد انقلابات، حيث تولت مجالس عسكرية السلطة وقطعت العلاقات مع الحلفاء الغربيين التقليديين لصالح روسيا.
وأضاف فاي أن “السنغال ستكون بلد الأمل والسلام، مع نظام قضائي مستقل وديمقراطية أقوى”، ووعد بإدارة الأمور بطريقة أخلاقية وبناء الاقتصاد.
واصطف الملايين لساعات للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي أجريت في 24 مارس بعد محاولات من حكومة الرئيس السنغالي المنتهية ولايته ماكي سال لتأجيلها من فبراير إلى ديسمبر، ثم إلى يونيو.
وأصبح باسيرو ديوماي فاي، الفائز في الانتخابات الرئاسية في جولتها الأولى، التي جرت في 24 مارس ، بنسبة 54.28 بالمئة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على المرشح أمادو با (35.79 في المئة)، خامس رئيس للسينغال، منذ استقلالها سنة 1960.