الإسلاميون يشنون حملة على وزير الأوقاف المغربي بسبب درس المعاملات البنكية
يواجه وزير الأوقاف المغربي أحمد التوفيق حملة تشهير عقب مشاركته في درس حسني رمضاني قدم قراءة حديثة للتعاملات البنكية يشاركه فيها العديد من رجال الدين المستنيرين في العالم الإسلامي.
واتهم مصدر مطلع على خلفيات هذه الحملة تيارات إسلامية بالوقوف وراءها رغم أن الإسلاميين عجزوا عن تقديم بديل للمعاملات البنكية القائمة خلال توليهم السلطة.
وقال المصدر إن “وزير الأوقاف رد على بعض المتكلمين في الدين الذين أحرجوا ضمير المسلمين بالقول إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت، مع العلم بأن حكمة القرآن جاءت للقطيعة مع ممارسة كانت شائعة في بعض الحضارات القديمة وهي استعباد العاجز عن رد الدين بفوائد مضاعفة، وكان بعض فلاسفة اليونان قد استنكروا ذلك. أما الاقتراض في هذا العصر فمعظمه للضرورة أو الاستثمار”.
وأضاف “إن فهم الوزير لمسألة الربا متأثر بالفتوى التي قدمها للحكومة الباكستانية العالم الكبير فضل الرحمان؛ وهو أستاذ في الفقه شديد التدين، وقال فيها إن الحل ليس بمنع بنوك الفوائد، بل في تنمية الاقتصاد”.
واعتبر أن مسألة المعاملات البنكية بفوائد في هذا العصر، عصر الائتمان والتضخم والتعاقد وأنواع الاستثمار، نظام لا علاقة له في نظر فضل الرحمان بسياق النهي القرآني عن الربا وأن هذا النهي هو عند طائفة من العلماء مرتبط بالفوائد الفاحشة.
ولفت المصدر إلى أن الكلام عن المعاملات البنكية جاء عرضا في الكلام عن التجديد، فمن بين النقط العشرين التي تلمس فيها الوزير ملامح التجديد في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس ذكر المالية التشاركية وهي نوع من المالية الذي لا يخلو من فوائد مقنَّعة من جهة ولا يجوز أن تشعر الناس بأن المعاملات البنكية العادية خارجة عن الإسلام ما دامت في إطار التعاقد وما لم تكن بالأضعاف المضاعفة.
وتابع “ما لمح إليه الوزير من إحراج الضمير الإسلامي بالقول إن الفوائد بقطع النظر عن مقدارها تدخل في الربا إشارة إلى ما خطه القرضاوي في موضوع فوائد البنوك هي الربا الحرام”.
ما ذكره الوزير ليس ابتكارا من عنده، ولكنه رأي الكثيرين العلماء الذين لا يستطيعون إظهاره خوفا من هذه الحملات
واعتبر المصدر المطلع أن الوزير كان يقصد بـ”الإحراج” الأسئلة التي ترد من بسطاء الناس على الفقهاء في البرامج الدينية الإعلامية والتي يغلب في الأجوبة عنها التنفير أو التحريم. وكذا الانفصام بين الفهم الفقهي الجامد وبين واقع المسلمين في حياتهم ضمن العيش في هذا العالم.
وشدد على أن ما ذكره الوزير ليس ابتكارا من عنده؛ ولكنه رأي الكثيرين من المنتسبين للعلماء والمفتين الذين لا يستطيعون إظهاره خوفا من أمثال هذه الحملات بل ومن الإرهاب.
ولفت إلى إن “الإسلاميين حتى لو انعزلوا جميعهم في جزيرة لا علاقة لها بالعالم وأعادوا فيها التعامل بالذهب والفضة لن يستطيعوا ضمان نظام مالي بلا قروض تترتب عليها فوائد، وإنما يحق للناس جميعا لا للإسلاميين وحدهم استنكار نظام الفوائد الفاحشة ونظام الاستغلال المالي والاقتصادي في آلاف من الأمور الأخرى غير فوائد البنوك؛ ولكن الناس مع الاستنكار مطالبون باقتراح الحلول الممكنة”.
ويرى المصدر أن من استسهلوا الحملة على أحمد التوفيق لا يُستبعد منهم إذا تمكنوا من الناس “غدا” أن يفرضوا العودة إلى بيع الرقيق؛ لأن نوعا من الفقه قد كرسه، ولأن المصالح التي خدمها هذا الفقه تجاهلت ما جاء في القرآن وفي السنة من الحث بوجوه عديدة على تحرير الناس من العبودية.
واعتبر أنه من غير المستبعد منهم أيضا أن يضعوا في نصوص القوانين ضرب الأزواج للزوجات؛ لأن ذلك مذكور في القرآن متجاهلين بذلك روح الكتاب في هذا الموضوع، وهي المودة والرحمة التي ينبغي أن تتخذ أساسا للتشريع ضد العنف ولاسيما ضد النساء.
وخلص إلى أن المفارقة النظرية الكبرى بين المتحاملين وبين الوزير تكمن في الفرق بين سياسة وهمية لا تعترف بالتاريخ وبين فكرة ترى أن التاريخ هو زمن تجلي الله تعالى في هذا الكون؛ وهو ما يستحق أن تقرأ في ضوئه نصوص رسائل الدين وهديه.