هجوم موسكو يكشف تقاطعات العلاقة الروسية بالعالم الإسلامي
كشف الهجوم، الذي تبناه تنظيم داعش على قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو تقاطعات العلاقة بين روسيا والعالم الإسلامي والتناقضات التي تسودها.
وفي الوقت الذي أحبطت فيه موسكو مشروع قانون أميركي في مجلس الأمن يهدف للضغط على الفلسطينيين تتلقى ضربة موجعة من الإسلاميين، وهو أمر يثبت أن الجماعات الإسلامية تقودها أجندات لا علاقة لها بمصالح العالم الإسلامي وهي لا تميز بين الصديق والعدو، وتبحث عن الاستعراض بقطع النظر عن النتائج.
وقالت روسيا إنها اعتقلت جميع المسلحين المشتبه بتنفيذهم مذبحة قاعة الحفلات، وتوعد الرئيس فلاديمير بوتين بتعقب المسؤولين عن الهجوم الذي خلّف العشرات من القتلى والجرحى.
◙ الهجوم استهدف “كروكوس سيتي” على بعد نحو 20 كيلومترا من الكرملين بعد أسبوعين من تحذير السفارة الأميركية في روسيا من أن “متطرفين” لديهم خطط وشيكة لشن هجوم في موسكو
وأعلن تنظيم داعش أن مسلحيه هاجموا ضواحي موسكو وقتلوا وأصابوا المئات، وهو ما سيفتح الباب أمام رد روسي قوي على المجموعة التي نفذت الهجوم والتي تقف وراءها سواء في منطقة القوقاز أو خارجها.
ومن شأن الهجوم، الذي لا يوجد أيّ مبرر سياسي أو أمني له في ظل توقف الصراع بين روسيا والتنظيمات المسلحة في مختلف الجبهات، أن يوسع الشُقَّةَ بين روسيا والعالم الإسلامي خاصة أن روسيا لا تدّخر جهدا في إظهار انحيازها لقضايا إسلامية، وخاصة في الموضوع الفلسطيني.
ويشيد الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ودول الجنوب عموما بمواقف بوتين ضد الهيمنة الغربية، لكن التنظيمات الإسلامية المتشددة لها موقف آخر.
وقالت لجنة التحقيقات الروسية إن 133 شخصا قُتلوا، بينما قالت مارجريتا سيمونيان مديرة قناة روسيا اليوم الرسمية في وقت سابق إن عدد القتلى بلغ 143 وذلك دون أن تذكر المصدر.
وقال بوتين في خطاب بثه التلفزيون إنه جرى اعتقال 11 شخصا منهم أربعة مسلحين. وأضاف “حاولوا الاختباء والتوجه صوب أوكرانيا حيث، وفقا لبيانات أولية، كانت ثمة نافذة مجهزة لهم على الجانب الأوكراني لعبور حدود الدولة”.
وذكر جهاز الأمن الاتحادي الروسي أن المسلحين اعتُقلوا أثناء توجههم إلى الحدود الأوكرانية وأنهم على صلة بأشخاص في أوكرانيا. وأشار إلى نقلهم إلى موسكو.
وصنف بوتين الهجوم “إرهابا دوليا”، وقال إنه مستعد للعمل مع أيّ دولة تريد هزيمة العدو.
وقال “جميع الجناة والمنظمين ومَن أمروا بارتكاب هذه الجريمة سيُعاقبون بشكل عادل ولا مفرّ منه. أيا مَن كانوا، وأيا كان مَن يوجههم”. وأضاف “سنحدد وسنعاقب جميع مَن يقفون وراء الإرهابيين ومن أعدوا هذا العمل الوحشي، هذا الهجوم على روسيا، على شعبنا”.
و أظهر التسجيل صحته لهجوم الجمعة مسلحين يرتدون ملابس مموهة وهم يفتحون النار بأسلحة آلية على الحضور في قاعة “كروكوس سيتي” للحفلات بالقرب من موسكو. وأظهر المقطع أشخاصا يجلسون في مقاعدهم ثم يهرعون إلى أبواب الخروج مع تكرر دوي إطلاق النار وسط الصراخ.
وقال محققون إن بعض الأشخاص لقوا حتفهم جراء إصابتهم بأعيرة نارية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة لحريق ضخم اندلع في المجمّع. وذكر صحافيون أن المسلحين أضرموا النيران باستخدام بنزين من عبوات حملوها في حقائب ظهر.
وفر الناس مذعورين. وذكر موقع بازا الإخباري الذي له اتصالات جيدة مع أجهزة الأمن وإنفاذ القانون الروسية أنه تم العثور على 28 جثة في دورة مياه، و14 على دَرَج. وأضاف “عُثر على العديد من الأمهات يحتضن أطفالهن”.
وذكر ألكسندر خينشتين عضو مجلس النواب الروسي أن المهاجمين فروا في سيارة من طراز رينو رصدتها الشرطة في منطقة بريانسك على بعد نحو 340 كيلومترا جنوب غربي موسكو، وأضاف أن السلطات طاردت السيارة بعد أن خالف ركابها التعليمات الصادرة لهم بالتوقف.
وقال خينشتين إن السلطات عثرت على مسدس وخزنة بندقية هجومية وجوازات سفر من طاجيكستان في السيارة. وطاجيكستان دولة ذات أغلبية مسلمة تقع في آسيا الوسطى وكانت جزءا من الاتحاد السوفييتي.
وقال الكرملين إن بوتين أجرى محادثات مع زعماء روسيا البيضاء وأوزبكستان وكازاخستان أكد فيها جميع الزعماء على اعتزامهم التعاون في مكافحة الإرهاب.
واصطف الناس في طوابير طويلة في موسكو السبت من أجل التبرع بالدم. وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن أكثر من 120 شخصا أصيبوا.
وذكرت وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش على تطبيق تليغرام أن الجماعة المتشددة التي سعت في يوم ما للسيطرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.
وقال التنظيم إن مسلحيه هاجموا ضواحي موسكو و”قتلوا وأصابوا المئات وتسببوا في دمار كبير في المكان قبل أن ينسحبوا إلى قواعدهم بسلام”. ولم يذكر البيان مزيدا من التفاصيل.
◙ الشرق الأوسط والعالم الإسلامي يشيدان بمواقف بوتين ضد الهيمنة الغربية، لكن المتشددين لهم موقف آخر
وقال مسؤول أميركي الجمعة إن الولايات المتحدة لديها معلومات تؤكد ما أعلنه تنظيم داعش من أنه مسؤول عن إطلاق النار. وأضاف المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه أن واشنطن حذرت موسكو “بصورة ملائمة” في الأسابيع القليلة الماضية من احتمال وقوع هجوم.
واستهدف الهجوم “كروكوس سيتي” على بعد نحو 20 كيلومترا من الكرملين بعد أسبوعين من تحذير السفارة الأميركية في روسيا من أن “متطرفين” لديهم خطط وشيكة لشن هجوم في موسكو.
وقبل ساعات من تحذير السفارة، قال جهاز الأمن الاتحادي إنه أحبط هجوما على معبد يهودي في موسكو كان يسعى لتنفيذه داعش في أفغانستان، ويعرف باسم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان أو الدولة الإسلامية – خراسان ويسعى لإقامة خلافة في أفغانستان وباكستان وتركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وإيران.
وأدى تدخل بوتين في عام 2015 ودعم الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة وتنظيم داعش إلى تغيير مسار الحرب الأهلية في سوريا.
وقال كولين كلارك من مركز سوفان وهو مجموعة بحثية مقرها واشنطن “ركز تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان اهتمامه على روسيا على مدى العامين الماضيين وتضمنت دعايته مرارا انتقادا لبوتين”.
وأعلن التنظيم مسؤوليته عن هجمات دامية في أنحاء الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان وإيران وأوروبا والفلبين وسريلانكا.