المغرب: تجدد الجدل حول زواج القاصرات بين المدافعين عنه والداعين إلى إلغائه وتجريمه
إذا كانت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة (قانون) الأسرة في المغرب قد أنهت الاستماع إلى اقتراحات مختلف الهيئات الحزبية والمدنية والقانونية والنسائية وغيرها، فإن النقاش ما زال متواصلا حول بعض النقاط الإشكالية في القانون المذكور، ولا سيما زواج القاصرات الذي انقسم الفاعلون السياسيون والحقوقيون في شأنه بين المدافعين عنه، وخاصة فئة المحافظين، وبين الداعين إلى إلغائه وتجريمه، ويتعلق الأمر بجمعيات نسائية ومنظمات حقوقية وبعض الأحزاب اليسارية.
وسجلت المحاكم المغربية ما مجموعه 128391 طلبا للإذن بزواج القاصر، خلال الفترة ما بين عام 2017 وعام 2021 بمعدل سنوي قدره 25678 طلبا، كما أن المحاكم تستجيب إلى ما يناهز 46 في المئة من الطلبات التي تتعلق أساسا بطفلات.
وأثارت تصريحات الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، عبد الإله بن كيران، الكثير من الجدل، عقب دفاعه عن «تزويج القاصرات» معتبرا أن إلغاءه سيُفاقم من العنوسة في المغرب، وسيرفع من منسوب العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. وسار إلى حد التهديد بالدعوة إلى تنظيم مسيرة مليونية.
وانتقد بن كيران الداعين لتجريم زواج القاصرات من منطلق أن « الأصوات المنادية بتجريم زواج القاصرات بدعوى حماية حقوق الطفلات وضمان تعليمهن لا تكترث للآلاف من الفتيات ممن لا يستكملن دراستهن».
ويرى رئيس الحكومة الأسبق أن مواجهة كل ما يتعارض مع الأسس الشرعية والدستورية لمدونة الأسرة مسؤولية جماعية، «تستوجب القيام بكل ما يلزم من أجل الحفاظ على الأسرة، ولو اقتضى الأمر تنظيم مسيرة وطنية مليونية» حسب تعبيره.
شكاية رسمية
تصريحات بن كيران التي أثارت الكثير من الجدل والنقاش، جعلت هيئات وجمعيات حقوقية تستعد لوضع شكاية بشكل رسمي ضد رئيس الحكومة الأسبق وفق ما كشفه الحسين الراجي، المحامي في هيئة مدينة مراكش، ورئيس «جمعية النخيل للمرأة والطفل».
واعتبر المتحدث أن التصريحات الصادرة «تمس بالاستقرار والنظام العام بالمغرب، وتحمل بين طياتها تحريضا للمواطنين وتجييشا لعواطفهم، والحال أنه نقاش عمومي هادئ حول تعديل مدونة الأسرة، تم فتحه بناء على رسالة ملكية موجهة لرئيس الحكومة بإنشاء لجنة ثلاثية تستمد فلسفتها من خطاب العرش لعام 2022 ومن دستور 2011».
ويرى المحامي المغربي أن كل هذه المرجعيات، كان لابد لبن كيران مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار، «إلا إذا كان يعتبر نفسه خارج هذا السياق والمنظومة» مستطردا «أشعر بالأسف أن تصدر هذه التصريحات من طرف شخص، كان على رأس حكومة المغرب، إذ كان من الممكن القبول بهذه التصريحات من طرف أشخاص آخرين باعتبارها وجهة نظر، لكن صدورها عن رئيسي حكومة أسبق وأمين عام حالي لحزب سياسي فالأمر صعب» وفق تعبيره.
ومضى رئيس جمعية «النخيل للمرأة والطفل» إلى الاعتقاد بأن هذه التصريحات «يُحركها الوازع الانتخابي لا أقل ولا أكثر، ولعل تموقُع حزب العدالة والتنمية في المعارضة هو الدافع لهذه الخرجات غير المحسوبة» يقول الراجي لـ «القدس العربي».
وتابع: «بن كيران وحزبه أتوا إلى رئاسة الحكومة بفضل دستور 2011 لو لا هذا الأخير لما تمكنوا من قيادتها، وبالتالي فلا يجب على بنكيران أن يأخذه بشكل تجزيئي، ذلك أن الدستور نفسه يؤكد أن المملكة المغربية ملتزمة بالاتفاقيات الدولية بل ويجعلها تسمو على القوانين الوطنية».
تبخيس للدولة ومؤسساتها
في غضون ذلك، وجَّه بن كيران سهام انتقاده كذلك لـ «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» بسبب ما تضمنته مذكرته من اقتراحات وتعديلات بخصوص مدونة الأسرة، معتبرا أن «هذه التوصيات تتعارض مع الأسس الدينية والدستورية للمغرب، وتعاكس التوجيهات الملكية ورغبة المغاربة».
كما انتقد المسؤول الحزبي، البلاغ المشترك الصادر عن حزبي «التقدم والاشتراكية» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» بسبب تأييدهما مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص إصلاح مدونة الأسرة. وقال بن كيران في حق الحزبين اليساريين: «كنت سأحترمهم إن قالوا بكل صراحة بأنهم لا يريدون القرآن الكريم ولا يريدون السنة ولا يريدون المذهب المالكي». وأضاف «الذين يشتغلون من خارج حدودنا لأجل تدمير الأسرة، يجدون عملاء لهم لتبنّي نهجهم في الداخل، ويضغطون على الدولة كلها لأجل القبول بإملاءاتهم».
«المجلس الوطني لحقوق الإنسان» أعلن رفضه لتصريحات بن كيران واعتبرها «مسا بمصداقية المؤسسة، وتشويها وتبخيسا للدولة المغربية ومكانتها الحقوقية» رافضا كذلك «نعت مذكرة المجلس بالمارقة (أي الخارجة عن القانون) وهي المؤسسة التي عينها الملك محمد السادس وتقدم تقاريرها إليه كل سنة وبشكل منتظم».
واعتبر المصطفى المريزق، العضو بذات المجلس ورئيس «لجنة النهوض بثقافة حقوق الإنسان وتعزيز البناء الديمقراطي» ما بدر عن بن كيران، «تهجما مجانيا على مؤسسة وطنية محترمة داخل المغرب وفي المنتديات والمؤسسات والمنظمات الدولية، وتسفيها لشخص رئيستها المناضلة الحقوقية والمرأة العصامية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة والاحترام والتقدير داخل الوطن وخارجه».
ويرى المريزيق، في بيان، أن تصريحات الأمين العام لـ «حزب العدالة والتنمية» تحريض على العصيان، وتابع: «لدي اليقين التام أن العديد من الفاعلات والفاعلين في ذات الحزب (والذين أكن لهم/ن كل الاحترام والتقدير) لا يتفقون مع أمينهم العام في تهجمه على المجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئيسته آمنة بوعياش».
وأبرز عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، «تشويش ممنهج على الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وابتزاز للدولة باسم الدعوة الدينية والتحريض ضد الإجماع الوطني والمس بمؤسساته الدستورية والشرعية، وتغليط الرأي العام الوطني، وتوسيخ سمعة المغرب وتبخيس إصلاحاته الكبرى».
المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية) دعا في مذكرته حول تعديلات قانون الأسرة إلى تحديد سن الزواج في 18 سنة شمسية وحذف المواد المتعلقة بإمكانية زواج القاصرين، داعيا إلى تجريم تزويج الأطفال والمشاركة في ذلك.
وسجل مجموعة من الاختلالات المرتبطة بتطبيق المادة 20 التي تجيز إمكانية الزواج من دون بلوغ السن القانوني، أبرزها ما يلي: عدم تحديد سن أدنى لزواج من هم دون 18 سنة؛ وعدم التنصيص على وجوب استماع المحكمة/ القاضي للطفل/ القاصر الذي يبدو أجنبيا على هذه المسطرة، بل وقد يتم التعامل معه كموضوع وليس كطرف معني بهذه المسطرة، بحيث لا تظهر إرادته إلا بشكل إجرائي عند التوقيع إلى جانب نائبه الشرعي.
ويستند هذا الاقتراح إلى ضرورة ملاءمة تعزيز الحماية القانونية للطفل في قانون الأسرة وملاءمتها مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، وخاصة اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 التي تعرف الطفل بكونه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه، إضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تمنع في مادتها 16 زواج الأطفال، حيث تنص في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني. ويؤكد المجلس أن منع زواج الأطفال هو السبيل الوحيد للحد من تفاقم الزواج المبكر وما يرتبه من مخاطر على حياة الفتيات وصحتهن وسبل ادماجهن في التنمية، بسبب ما يفوته عليهن من فرص التعليم والتكوين والنمو داخل الأسرة وتعريضهن لمخاطر الحمل المبكر.
كما يشكل اعتماد هذا الاقتراح فرصة للتفاعل الإيجابي مع ملاحظات وتوصيات لجان المعاهدات، وخاصة لجنة حقوق الطفل التي اعتبرت أن زواج الأطفال والزواج القسري ممارسات تقليدية مضرة، وبأن مفهوم مصلحة الطفل الفضلى تهدف إلى ضمان التمتع الكامل والفعلي بجميع الحقوق المعترف بها في الاتفاقية والنمو الشمولي للطفل، وأعربت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، ولجنة حقوق الطفل معا عن القلق إزاء استمرار وجود ممارسة تزويج الأطفال، وأوصتا الدول الأطراف بحظره، وذلك بتعديل التشريعات والممارسات، وبالنص على أن سن 18 سنة هو الحد الأدنى لسن الزواج، وهو ما أكدته لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في توصيتها العامة رقم 31 كما وجهت نفس التوصية إلى المغرب بمناسبة مناقشة تقريريه الدوريين الخامس والسادس حيث أوصت وبشكل واضح بإلغاء المادة 20 من قانون الأسرة دون إبطاء بحيث لا يسمح بعد الآن بالاستثناءات من الحد الأدنى لسن الزواج.
وبالإضافة إلى ذلك، يرى المجلس أن تحديد سن الزواج في 18 سنة من شأنه تعزيز جهود محاربة الفقر والهشاشة في أوساط النساء التي ترتبط إلى حد كبير بظاهرة تزويج الطفلات، ففي الوقت الذي تؤكد فيه إحصائيات «المندوبية السامية للتخطيط» (هيئة حكومية مكلفة بالإحصاءات والدراسات الاجتماعية والاقتصادية) ارتفاع متوسط سن الزواج لدى الجنسين، يلاحظ في المقابل تزايد نسب تزويج الطفلات. وقد أكدت دراسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول المبررات القضائية المعتمدة في تزويج الطفلات، أن الطلبات المقدمة إلى المحاكم غالبا ما تكون مبررة بالهشاشة الاجتماعية وترتبط بالفقر واليتم والانقطاع عن التمدرس والأعراف، كما أكدت دراسة رئاسة النيابة العامة فشل غالبية هذه الزيجات، في الوقت الذي أصبحت فيه ظاهرة تزويج الطفلات تأخذ صورا أكثر التباسا وانتهاكا لحقوق الطفلات مثل زواج الاتفاق أو الزواج العرفي، مما يكون معه التدخل التشريعي ضرورة ملحة واستعجالية؛ كما تؤكد مذكرة «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» التي تلقت «القدس العربي» نسخة منها.
على العكس من ذلك، دافعت حركة «التوحيد والإصلاح» الجناح الدعوي لحزب «العدالة والتنمية» عن «زواج الأفراد قبل سن الأهلية القانونية» إذ جاء في مذكرتها حول تعديلات مدونة الأسرة: «لا يختلف اثنان في أن الرشد يُسهم في الاستقرار الأسري، لكن من جهة أخرى فإن تحصين الشباب وإبعادهم عن الرذيلة مما دعت له الشريعة وحثت عليه. ولأجل ذلك ترى الحركة ضرورة الإبقاء على إمكانية الإذن بزواج من اقترب (ت) من السن القانوني للزواج (18 سنة شمسية) والتي يكون الزواج فيها مصلحة واقعة وراجحة، يقدرها القضاء المختص مع الأولياء الشرعيين. ولأجل ذلك تركت جل قوانين الأسرة في العالم إمكانية الإذن بهذا الزواج بعد التحقق من بعض الشروط».
وأضافت المذكرة أن الواقع العملي أكد على أن الشروط التي وضعتها المدونة في ذلك، قد حققت مقاصدها وأسهمت في استقرار هذا النوع من الزيجات في نسبة ضعيفة وعدد قليل 5 في المئة من عدد الزيجات يقترب فيه أطراف العقد من سن أهلية الزواج. ولأجل ذلك ـ تقول حركة «التوحيد والإصلاح» ـ لا نرى مبررا لإزالة الاستثناء الوارد في المادة 20 من القانون ما دامت السلطة التقديرية بيد قاضي الأسرة الذي يأذن بتزويج من هم دون سن الأهلية. وتنص تلك المادة على أنه لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية (18 عاما) مع تبيان المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي، والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.
وتقترح «الحركة» ما تسميه «تجويد المادة من خلال التنصيص على إلزامية الجمع بين البحث الاجتماعي والخبرة الطبية وكذلك إسناد مهام قضاة الأسرة المكلفين بالزواج للقضاة الذين خبروا وعالجوا المنازعات الأسرية لفترات معتبرة، مع تزويدهم بكل ما يُسهم في حسن إعمال سلطتهم التقديرية، وتوفير أفضل الظروف لمساعدتهم على التنزيل الأمثل لهذه السلطة، تحقيقا للمصلحة المرجوة من الإذن بالزواج قبل السن القانوني. ولا يرى الجناح الدعوي للحزب الإسلامي بأسا من اعتماد 15 سنة كحد أدنى لإمكانية إعطاء الإذن».
ناقوس الخطر
في غضون ذلك، دق «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» (مؤسسة رسمية) ناقوس الخطر حول ظاهرة تزويج الأطفال بوصفها ممارسة ضارة تخص الفتيات بالدرجة الأولى، وما زالت مستمرة على رغم الجهود المبذولة لمكافحتها.
وأفاد تقرير حديث للمجلس بأن مدونة الأسرة التي جرى اعتمادها سنة 2004 لسنّ أهلية الزواج في عمر الـ18 سنة، لم تنجح في القضاء على هذه الظاهرة، نظراً إلى نص المدونة على «استثناء» يخول القاضي خفض سن الزواج في بعض الحالات المعزولة، لكنه استثناء سرعان ما تحول إلى قاعدة.
هذا الواقع عكسه عدد عقود الزواج المتعلقة بالقاصر المبرمة سنة 2022 والذي بلغ 12 ألفاً و940 عقد زواج، علماً أن حجم هذه الظاهرة يظل أكبر لكون الإحصاءات الرسمية لا تأخذ بالاعتبار حالات الزواج غير الموثقة.
واعتبر المجلس الدستوري المغربي، الذي يضطلع بمهام استشارية في القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الزواج المبكر، إلى جانب «تأثيره السلبي الكبير على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي للفتيات بوصفهن نساء المستقبل، فإن له تأثيراً سلبياً أشمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب».
واعتبر التقرير أن زواج القاصرات يؤدي إلى تضييق الآفاق المستقبلية للفتاة من خلال إقصائها عن منظومة التعليم، ومن ثم «حرمانها من فرص المشاركة الاقتصادية». كما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الخصوبة وتكريس وضعية الفقر، ويعرض الصحة الجسدية والنفسية للفتيات وأطفالهن لأخطار كبيرة.
نفس الرأي سارت إلى تأكيده سميرة موحيا، رئيسة «فيدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب» متحدثة لـ «القدس العربي» حيث شددت أن مكان الطفلات هو المدرسة لبناء مواطنات ذوات كفاءة وكاملات المواطنة.
وترى الحقوقية المغربية أن لتزويج الطفلات كلفة اقتصادية واجتماعية باهظة على ميزانية الدولة، وآثارا سلبية على الصحة النفسية والجسدية والعقلية للطفلات غير مكتملات النمو على جميع الأصعدة، وتابعت: «لا تستطيع تلك الطفلات تحمل الأعباء ومسؤوليات مشروع تأسيس أسرة والإنجاب» «هن طفلات أمهات ينجبن أطفالا ويعدن سريعا إلى بيوتهن ما يزيد من تفقير الفتيات والنساء ومن هشاشة الأسر».
ووجهت موحيا سؤالها للمدافعين عن تزويج الطفلات قائلة، «هل تستطيع طفلة في الـ 13 أو الـ 14 من عمرها، تحمُّل العملية الجنسية والإنجاب وأن تكون على قدر المسؤولية مع رعاية الأسرة والأطفال جسديا وعقليا ونفسيا؟» مستطردة: «عن أي نموذج أسرة وقيم يدافعون؟ وهل يستوي أن ندافع عن تزويج الطفلات وما يجرُّه من مآسٍ ومشاكل وهشاشة في القرن الـ 21 في ازدواجية غريبة وخطيرة وتزكية للبيدوفيليا» (الاعتداء الجنسي على الأطفال) وفق تعبير المتحدثة.
وبالعودة إلى توصيات «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» دعا تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالإسراع بوضع حد لتزويج الأطفال بمختلف صوره، من خلال ملاءمة الإطار القانوني مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صدق عليها المغرب، لا سيما من خلال نسخ المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة التي تفتح الباب أمام الاستثناء في تطبيق قاعدة سن أهلية الزواج (18 سنة) وتخصيص نص في مدونة الأسرة متعلق بمبدأ «مصلحة الطفل الفضلى.
وأوصى التقرير بمحاربة الممارسات الضارة بالأطفال، ووضع سياسة أسرية تأخذ بالاعتبار التربية على تحمل المسؤولية المناطة بالوالدين، وتوعية الأسر بالممارسات الضارة بالأطفال.
ودعا إلى وضع نظام رقمي من أجل تتبع وتقويم التقدم المحرز في مجال القضاء على الممارسة المتعلقة بتزويج الطفلات في انسجام مع حقوق الطفل ومصلحته الفضلى وأهداف التنمية المستدامة، وعلى المعطيات المتعلقة بالحالات المحتملة لزواج وطلاق الطفلات، وحالات الزوجات القاصرات المهجورات، والعنف الزوجي والأسري ضد الزوجات القاصرات.
130 جلسة استماع
وكان العاهل المغربي محمد السادس وجّه، في أيلول/سبتمبر 2023 رسالة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، تتعلق بإعادة النظر في مدونة (قانون) الأسرة، مسندا الإشراف العملي على هذه المهمة إلى كل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة. وجاءت هذه الرسالة تفعيلا للقرار الذي أعلن عنه ملك المغرب في «خطاب العرش» لسنة 2022.
وفي كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، أعلنت الهيئة المكلفة بمراجعة قانون الأسرة أنها أنهت جلسات الاستماع للتصورات في هذا الخصوص، حيث عقدت 130 جلسة استمعت خلالها لأقصى ما يمكن من الفاعلين في المجتمع (مؤسسات، مجتمع مدني، أحزاب سياسية، مركزيات نقابية، مراكز أبحاث…) الذين قدموا تصوراتهم ومقترحاتهم حول تعديل مدونة الأسرة.
وقال الوكيل العام للملك (المدعي العام) لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، وعضو الهيئة المذكورة، الحسن الداكي، في تصريح للصحافة: «سيظل الباب والمجال مفتوحين لكل من يرغب في إضافة آراء أو تحليل أو توصيات أو مقترحات لتزويد الهيئة بها، سواء بمقتضى مذكرة كتابية أو عن طريق الموقع الإلكتروني للهيئة الذي يبقى رهن إشارة الجميع». وأوضح أن الهيئة ستتداول بشأن الاقتراحات والتوصيات والدراسات التي قدمت لها في مختلف جلسات الاستماع وأيضا في مذكرات مكتوبة، معلنا أن الهيئة ستكون لها كذلك لقاءات مع خبراء آخرين للاستعانة بآرائهم وأفكارهم لاسيما في المجال الفقهي.