إسبانيا ترفض مواقف المدعية العامة للاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية الصيد البحري مع المغرب
أعلن لويس بلاناس وزير الزراعة والصيد البحري والأغذية الإسبانية الجمعة، بأن إسبانيا تؤكد مجددا اقتناعها بأن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب “قانوني تماما” ويتوافق “مع القانون المجتمعي والدولي”، وهو ما يتعارض مع ما أعلنه الاتحاد الأوروبي، ودافعت عنه المحامية العامة التي طالبت بإلغاء الاتفاقية عل اعتبار أنها تنتهك مبدأ “تقرير المصير” الذي تدعو إليه جبهة بوليساريو الانفصالية.
وفي مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع المسؤولين في قطاع الصيد، قال بلاناس إنه “لن يعلق على استنتاجات المدعي العام، بل سينتظر حكم محكمة العدل الأوروبية، لكنه ذكّر بأن تصريحات محامي الاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان تتوافق مع الأحكام ولكن في أحيان تكون عكس ذلك، كما حدث مع الحكم الأخير بشأن صيد الأسماك في أيرلندا.
وبحسب الوزير الإسباني، إذا وافقت محكمة العدل الأوروبية على رأي المدعي العام، فسوف تفقد إسبانيا “منطقة صيد مهمة للأسطول الأندلسي أو الجاليكي أو الباسكي، على الرغم من أنه لم يتم استخدامها كثيرًا مؤخرًا على غرار العديد من مناطق الصيد”.
ومنذ انتهاء بروتوكول الصيد في يوليو الماضي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ينتظر الصيادون الإسبان بقلق حكم محكمة العدل الأوروبية، في حين أن المساعدات المالية لا تعوض كل الدخل الناتج عن النشاط في مياه المحيط الأطلسي بالمغرب.
وفي السياق ذاته حذر تقرير “معهد ألكانو الملكي” المخصص للسياسة الخارجية لإسبانيا في عام 2024، من كون سفن الصيد الإسبانية ستكون هي الخاسر الأكبر في هذه المحاكمة.
تقرير “معهد ألكانو الملكي” المخصص للسياسة الخارجية لإسبانيا في عام 2024، حذر من كون سفن الصيد الإسبانية ستكون هي الخاسر الأكبر في هذه المحاكمة
ودعمت المدعية العامة للاتحاد الأوروبي تمارا كابيتا، قرار المحكمة بإلغاء اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد والمملكة المغربية، واقتراحها أن يتم رفض طعون المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، وذلك في وقت دعا فيه المغرب، عبر الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس الاتحاد الأوروبي إلى العمل على صون شراكاته التي تجمعه مع المملكة المغربية، وحمايتها من “الاستفزازات والمناورات السياسية”.
وقال بايتاس في الندوة الصحفية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للحكومة الخميس إن “الحكومة أخذت علما بالرأي الذي صدر عن المدعية العامة بمحكمة العدل الأوروبية، بخصوص القضايا المعروضة أمامها بشأن الاتفاق الزراعي واتفاق الصيد البحري ما بين المغرب والاتحاد الأوروبي”، مضيفا أنه “على الاتحاد الأوروبي بأجهزته ودوله الأعضاء أن يتحمل مسؤوليته كاملة لصون الشراكة مع المغرب وحمايتها من الاستفزازات والمناورات السياسية”.
وأشار المتحدث إلى أنه من المهم التذكير بأن “ما صدر ليس حكما للمحكمة الأوروبية ولا هو أمر قضائي، إنما يتعلق الأمر بوثيقة تلخص رأي المدعية العامة بخصوص مختلف جوانب القضايا المعروضة للنقاش”، لافتا إلى أن تلك الوثيقة “هي مساهمة فكرية وتقنية تدلي بها المدعية العامة في هذه المرحلة من المسطرة، تمهيدا للمداولات بين قضاة المحكمة لاحقا، في أفق الوصول إلى مرحلة النطق بالحكم النهائي بعد أشهر”.
وعلق هيو لوفات، مسؤول في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، بأن مواقف تمارا كابيتا، متناقضة حيث دعّمت قرار إلغاء اتفاقية الصيد البحري بمبرر أن الاتفاق شمل إقليم الصحراء الذي لا يُعد جزءا من المغرب، وبالمقابل، خلصت إلى أنه لا يوجد مانع من إبرام الاتفاق الزراعي بين بروكسل والرباط، باعتبار أن الأخيرة هي القوة المديرة في إقليم الصحراء المغربية.
المهنيون المغاربة يطالبون بأن يواصل الاتفاق شَمْلَ منطقة الصحراء المغربية، كما توجد مخاوف من ممارسات الصيد الأوروبية
وأضاف المسؤول الأوروبي، على موقع “Euractiv” المهتم بالشؤون الأوروبية بأن هذه الخلاصات المتناقضة تخدم مصالح المغرب أكثر من أي طرف آخر، أولا، لأن اتفاق الصيد البحري لا يُمثل أهمية كبيرة للمغرب بقدر ما هو اتفاق يهم سفن الصيد الأوروبية التي تُعتبر هي الأكثر تضررا من قرار إلغاء اتفاقية الصيد في المياه المغربية، وثانيا، أن إبرام الاتفاق الزراعي له أهمية كبرى بالنسبة إلى المملكة المغربية أكثر من الصيد البحري، بالنظر إلى قيمة وحجم الصادرات المغربية من الزراعة إلى الاتحاد الأوروبي.
وتعد الاتفاقية، التي انتهت صلاحيتها في يوليو 2023، حاسمة بالنسبة إلى كلا الجانبين، حيث تعتمد الأساطيل الأوروبية على الوصول إلى المياه المغربية، بينما يستفيد المغرب من التعويض المالي والدعم لصناعة صيد الأسماك.
ويطالب المهنيون المغاربة أن يواصل الاتفاق شَمْلَ منطقة الصحراء المغربية، كما توجد مخاوف أيضًا بشأن ممارسات الصيد الأوروبية، مع دعوات لتحديد حصص واشتراط إنزال الأسماك في الموانئ المغربية للمراقبة وتحقيق فائدة اقتصادية.
ودعا المغرب الاتحاد الأوروبي إلى العمل على صون شراكاته التي تجمعه مع المملكة المغربية، حيث يتحمّل الاتحاد الأوروبي بأجهزته ودوله الأعضاء مسؤوليته كاملة لصون الشراكة مع المغرب وحمايتها من الاستفزازات والمناورات السياسية.
ولم يتم بعد تحديد الموعد النهائي لإصدار محكمة العدل الأوروبية قرارها الرسمي والنهائي في قضية اتفاقية الصيد البحري الملغاة مع المغرب، في الوقت الذي تشير فيه تقارير عديدة، أن خلاصات المدعية العامة، غالبا ما تكون هي الأساس والمصدر الذي يتم الاعتماد عليه لإعلان القرار في نهاية المطاف.
وتوقعت النائبة الاشتراكية بالبرلمان الأوروبي كلارا أغيليرا تأخير تفعيل اتفاقية الصيد البحري بين الرباط وبروكسل لمدة عامين على أفضل تقدير، مشيرة إلى أنه حتى في حالة التجديد، ستظل المفاوضات اللاحقة ضرورية، حيث يتضمن السيناريو الأفضل تعليق الاتفاق لمدة عامين.
وتقدم الأطراف الأوروبية التي تطعن في الحكم السابق للمحكمة، دلائل على أن إبرام الاتفاق مع المغرب في مجال الصيد البحري وحتى الزراعة بما يتضمن إقليم الصحراء المغربية، يتم بموافقة سكان الإقليم، على عكس ما تدعيه جبهة بوليساريو الانفصالية التي تطعن في الاتفاقية، بدعوى أنها لا تمثل ما يسمى بـ”الشعب الصحراوي”، وأن توقيع الاتفاق تم دون موافقة الممثلين الرسميين لسكان الإقليم.