بَرَّأَ تقرير للوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس، التابعة لرئاسة الحكومة الإسبانية، المغرب من أيِّ اتهام بالتجسسِ والتدخل في الشؤون الداخلية لإسبانيا، داحضا بذلك جميع الاتهامات التي وجهت إلى الرباط بشأن أنشطة التجسس المزعومة التي استهدفت رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، وأيضا كبار المسؤولين الحكوميين الإسبان.
نفت وكالة مكافحة التجسس الإسبانية في تقريرها السنوي حول “الأمن الوطني خلال سنة 2023”، بشكل قاطع مزاعم التجسس والتدخل في الشؤون الداخلية لإسبانيا من طرف المغرب، حيث شدد التقرير على أن “المغرب لا يمارس أي تدخل في الشؤون الداخلية للجارة الشمالية”، بخلاف دول أخرى التي قال عنها التقرير إنها “تمارس أعمالا عدائية فوق الأراضي الإسبانية، وهي روسيا والصين”.
وذهب التقرير الإسباني الجديد إلى تأكيد الشهادة البرلمانية التي سبق أن أدلى بها كبار مسؤولي المخابرات الإسبانية، في 28 نوفمبر 2022، أمام لجنة البرلمان الأوروبي المسؤولة عن التحقيق في مزاعم استخدام برنامج التجسس “بيغاسوس”، حيث نفوا حينها “رصد أية صلة للمغرب بالاختراقات السيبرانية المسجلة”.
وينضاف تقرير الأمن القومي الإسباني إلى قرار المحكمة الوطنية الإسبانية في يوليو 2023، القاضي بإغلاق قضية “بيغاسوس” لعدم وجود الأدلة، بتفنيد، كل التقارير والاتهامات الكيدية التي هاجمت المغرب واتهامه بالضلوع في التجسس على هرم السلطة التنفيذية والرئاسية بكل من إسبانيا وفرنسا، التي لاحقت المغرب لسنتين، مشددا على أن المملكة المغربية لا تمارس أي أعمال عدائية على إسبانيا.
وكشف التقرير أن أغلب أنشطة التجسس التي تم رصدها داخل إسبانيا في 2023، كانت من أجهزة وأفراد تابعين لكل من روسيا والصين، مشيرا إلى أن روسيا ترغب في الحصول على معلومات متعلقة بالغرب بسبب حربها المستمرة على أوكرانيا، فيما تسعى الصين للحصول على معلومات متعلقة بقرارات الاتحاد الأوروبي وقرارات حلف الشمال الأطلسي.
وأكد نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، أن” التقرير الصادر عن الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس بمثابة انتصار للمغرب وتأكيد صدقيته في نفي أي علاقة له ببرامج تجسس موجهة ضد المسؤولين الإسبان وغيرهم، وتشديد على ما ذهبت إليه تقارير إسبانية سابقة، بعد الاتهامات الموجهة للمغرب بشأن ادعاءات تورطه في ملف التجسس على مسؤولين حكوميين إسبان في قضية بيغاسوس المشهورة”.
وأوضح في تصريح لـه، أن “المقصود بالأعمال العدائية، هو كل فعل تقوم به دولة أو منظمات أو أفراد ضد دولة أخرى للمس بأمنها واستقرارها، ومنها القيام بأعمال تجسس ضد مسؤولي هذه الدولة وعلى رأسهم رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، ووزير الدفاع، مارغريتا روبلس، ووزير الداخلية، فرناندو غراندي مارلاسكا، وهو ما يحيل إلى الأذهان، الاتهامات غير الحقيقية الموجهة للمغرب، والتي نفاها هذا التقرير”.
ولفت رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، أن “التقرير الاستخباراتي مبني على معطيات موثقة وخضعت للتمحيص من لجان متعددة داخل هذا الجهاز، ما يزيد من تعزيز العلاقات المغربية- الإسبانية من حيث التوجهات الإستراتيجية الثابتة والتي تخضع لمنطق التراكم في بلورة المواقف والتوجهات في عدد من الملفات ليست فقط الأمنية والإستخبارية”.
ومن بين الشخصيات التي سيفاجئها تقرير الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس، الصحافي الإسباني إغناسيو سامبريرو، الذي إدعى أنه ضحية مزعومة للتجسس المغربي باستعمال برمجيات “بيغاسوس”، مُتّهِماً المخابرات المغربية بممارسة أعمال عدائية ضد مسؤولي السلطة التنفيذية بإسبانيا.
وكان جهاز الاستخبارات الإسبانية قد استبعد في صيف عام 2022 أن يكون المغرب هو المتورط في اختراق هواتف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، ووزيرة الدفاع مارغريتا روبلس، ووزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا.
التقرير الصادر عن الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس بمثابة انتصار للمغرب وتأكيد صدقيته في نفي أي علاقة له ببرامج تجسس موجهة ضد المسؤولين الإسبان
وأكد تقرير صادر في يوليو الماضي، عن لجنة تحقيق البرلمان الأوروبي بخصوص قضية “بيغاسوس” على عدم وجود أي أدلة تدين المغرب في استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي ضد الدول الأوروبية، بعدما قامت بزيارة الدول المتضررة من برنامج التجسس، واستمرت التحقيقات سنة كاملة حيث عقدت اللجنة جلسات استماع مطولة مع أشخاص زعموا أنهم كانوا ضحايا لعمليات الاختراق، والاستعانة بخبراء في المجال، وإنجاز دراسات متعددة، وهو المعطى الذي شددت عليه المملكة في مواجهة الاتهامات الموجهة إليها.
ورفضت الحكومة الإسبانية برئاسة سانشيز على مدار السنتين الماضيتين توجيه أي اتهام للمغرب، بدعوى تعرضها للتجسس ببرنامج “بيغاسوس”، بسبب غياب أي أدلة تثبت ذلك، وقد أكد وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، في عدة تصريحات، بأنه لا يُمكن توجيه أي اتهام لأي طرف دون توفر دلائل تدعم تلك الاتهامات.
واستغلت العديد من الأحزاب السياسية الإسبانية وبعض الصحف الموالية لها المعادية للرباط الادعاءات في خطابها، رغم أنها لم تقدم أي دليل مادي على تلك الاتهامات، ما دفع وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، إلى اتهام الحزب الشعبي اليميني المعارض، بأنه “مهووس بالعداء للمغرب”، وذلك في معرض جوابه على النائبة البرلمانية بيلار روخو، التي تنتمي للحزب المذكور، في جلسة بالبرلمان، حول ما إذا كان المغرب اخترق هاتف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز.
وأضاف ألباريس في نفس السياق، بأن الحزب الشعبي الإسباني “أدار ظهره” للمغرب تحت قيادة ألبيرتو نونييز فييخو، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه العلاقات مع بلد مثل المغرب، جيدة، خاصة في ظل الروابط والشراكات العديدة التي تجمع بين البلدين، موضحا بأن قيمة العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا تتجاوز 20 مليار أورو، كما أن المملكة المغربية تُعتبر ثالث شريك لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التعاون الثنائي الذي يجمع البلدين في قضايا مثل الهجرة ومكافحة الإرهاب.