مائدة افطار رمضان لا تخلو من البسطيلة
تعد البسطيلة في المغرب من الأطعمة النوعية على مائدة رمضان، وهي في الأصل موريسكية أندلسية مشتقة من كلمة “Pastel”، أي الكعكة والحلوى باللغة الإسبانية، وصلت إلى المغرب عن طريق طباخين مهرة من ذوي الأصول الموريسكية الأندلسية، الذين أغنوا المائدة المغربية بأنواع شتى من الطعام، ونشروها بالمدن العريقة في فاس وسلا والرباط ومراكش وطنجة.
والبسطيلة التي يلف محشوها من مطبوخ السمك أو الدجاج، في ورق عجيني شفاف، هي غذاء بارد يحتفظ به في الثلاجة لأسابيع، وأكثر إذا كانت ظروف التبريد صحية، مثلما يحفظ طعام أَلْخَلِيع، وعند الشعور بالحاجة السريعة للأكل يتم تسخين قطع البسطيلة.
ويقول الشاب حمزة، المعروف بالعرائشي، نسبة إلى مدينة منشأه، العرائش شمال المغرب، في حديث لـه إنه يعمل، مثلما علمه والده، صانع ورق البسطيلة، مضيفا أنها لا تستعمل للف الأطعمة المالحة، المعروفة لدى رؤساء المطابخ بالمملحات فحسب، بل أيضا تستعمل للف الأطعمة الحلوة، وهي تلك التي تُحشى ورقتها بمطحون الجوز واللوز المُحلى بالعسل، وتصاحب حساء “الحريرة” المغربية في شهر الصيام، إلى جانب حلوى “الشباكية” و”السفوف” والتمر.
وأكد الشاب حمزة صانع ورقة البسطيلة وهو واقف إلى فرنه الغازي، المخفية ناره الحامية تحت مقلاتين من نحاس على شكل دائري يشبه الذي تكون عليه ورقة البسطيلة الدائرية، “يحمل العجين المُخَثَر، بين المطلوق والمقبوض، ثم يمرر العجين على المقلاتين بطريقة مسح متكرر ينقص من سُمْك الورقة ويسد ما يظهر عليها من ثقوب دقيقة حتى تنضج الورقة وتتقوى، فيرفعها جاهزة لاستعمال البسطيلة”. ويعلق حمزة العرائشي أن كل ثقب يظهر على ورقة البسطيلة ينهي صلاحية استعمالها، ما يجعل النساء لا يشترينها.
كما قالت الزبونة رحمة حين كانت تشتري رزمة أوراق لصناعة البسطيلة هرمية الشكل، المحشوة بالمملحات والمحليات من الأطعمة “كنت أتعامل مع والد حمزة منذ زمان، منذ أن كنت يافعة، وأنا اليوم في نهاية عقدي السادس، أتعامل مع ابنه حمزة لما يبذله من جهود في صناعة ورقة البسطيلة التي تزيد محشوها من السمك والكفتة والدجاج، ونظيرتها المُعَدَّة من اللوز والجوز، لأقدمها طعاما لذيذا يستمتع به جل أفراد عائلتي في شهر رمضان”.