مبادرة الأطلسي المغربية تفتح الباب لمسار شراكة عربية افريقية أوسع

تستقطب مبادرة المغرب لتعزيز وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي اهتماما عربيا وافريقيا متزايدا، برز من خلال بيان مجلس جامعة الدول العربية، الذي ينظر إلى المبادرة باعتبارها خطة استراتيجية لتطوير التجارة والتواصل بين البلدان الأفريقية وإتاحة فرص كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها، بما ستسهم فيه من تسريع للتواصل الإقليمي وللتدفقات التجارية ومن ازدهار مشترك في منطقة الساحل.

وسلط مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الضوء على مبادرة “الدول الإفريقية الأطلسية” التي أطلقها الملك العاهل المغربي محمد السادس، كمسار لشراكة إفريقية هدفها تعزيز روابط التعاون والاندماج بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، بغية توطيد السلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة، مؤكدا على أهميتها الاستراتيجية المندرجة في إطار التضامن الفاعل للمغرب مع البلدان الإفريقية عموما ومنطقة الساحل على وجه الخصوص.

ومع تقدم المشروع والنجاح الدبلوماسي المغربي في استعراض أهمية وفعالية المبادرة، انضمت بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد إلى المبادرة، بينما أشادت واشنطن إضافة لعواصم غربية أخرى مثل مدريد وباريس بالمشروع. واتفق وزراء خارجية الدول الأفريقية الأربع على “إنشاء فريق عمل وطني في كل بلد من أجل إعداد واقتراح أنماط تنفيذ هذه المبادرة”.

وكان العاهل المغربي قد أعلن عن هذه المبادرة في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء التي خاضها المغرب لاسترجاع أقاليمه الصحراوية من الاستعمار الإسباني.

وتقول صحيفة “مغرب انتليجنس” إن مشروع ربط دول الساحل على المحيط الأطلسي الذي عرضه المغرب على أربعة من دول الساحل سيزيد من عزلة الجزائر وسيمكن الرباط من لعب أدوار هامة في ملفات حساسة في مالي والنيجر ما سيسحب الأوراق الجزائرية في منطقة الساحل.

وتؤكد الصحيفة أن الجزائر التي دخلت في خلافات دبلوماسية مع عدد من دول الساحل خاصة مالي بسبب ما وصف بانه دور سلبي في النزاع بيت باماكو والطوارق ستتحمل بمفردها السيطرة على الجماعات المسلحة المتمردة من الطوارق، والتي لن تتمكن من منافسة دول مالي والنيجر عسكريًا بفضل الإيرادات الاقتصادية المحتملة التي ستجنيها من خلال التعاون الاقتصادي مع المغرب.

وفي محاولة وصفت باليائسة لإفشال المبادرة المغربية دخلت الحكومة الجزائرية في مفاوضات مع موريتانيا بحثا عن منفذ للمحيط الأطلسي يتيح لها الصيد في أعالي البحار لكن مراقبين يشككون في نجاح هذه الخطوات مع إصرار السلطات الجزائرية على إظهار العداء للمغرب عوض العمل على تعزيز حسن الجوار. والتوجه نحو موريتانيا يشير إلى توجس جزائري كبير من مبادرة الأطلسي التي ستفتح أفق تنمية واسعا للدول التي ستنخرط في المبادرة.

في المقابل، يعمل المغرب على تفعيل القوة الناعمة له على كافة المستويات، إذ دعا مجلس جامعة الدول العربية إلى مواصلة الاستفادة من مركز محمد السادس للعلماء الأفارقة، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات بالمملكة المغربية، ورحب باستضافتها لمكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب بإفريقيا.

ويحسب للمغرب استقبال أكثر من 20 ألف طالب إفريقي للدراسة في مختلف المعاهد والجامعات المغربية، من منطلق الحرص على تعزيز الروابط والتضامن العربي مع الدول الإفريقية الصديقة.

وثمن المجلس دور لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس، والجهود التي تبذلها وكالة بيت مال القدس التابعة لها. وأبرز تقرير الأمين العام للجامعة، المقدم أمام أعمال الدورة 161 لمجلس الجامعة مساهمة المملكة المغربية في الدعم الإضافي لـ”صندوقي الأقصى وانتفاضة القدس” بمبلغ 25 مليون دولار أميركي.

وأشاد وزراء الخارجية العرب، بانتخاب المملكة المغربية لرئاسة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لسنة 2024، كأول دولة عربية تتبوأ هذا الموقع الهام. كما عبر وزراء الخارجية، بمناسبة انعقاد مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، عن دعمهم للترشيحات المغربية في المنظمات الإقليمية والدولية.

وحظيت خمس ترشيحات مغربية لشغل مناصب في منظمات إقليمية ودولية بدعم وتأييد وزراء الخارجية العرب. منها إعادة ترشيح محجوب الهيبة، لعضوية لجنة حقوق الإنسان للفترة 2024-2028، وترشيح شرفات أفيلال، لعضوية اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفترة 2025-2028، وإعادة ترشيح جلال توفيق، لعضوية الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات للفترة 2024- 2027.

وتقرر ترشيح عبد المجيد مكني، لعضوية اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة) للفترة 2024- 2027 وترشيح محمد الدخيسي، لمنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذي للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية عن منطقة إفريقيا للفترة 2024- 2027.

وكان مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية انعقد الخميس بالقاهرة حيث تم في مستهل الاجتماع تسليم الرئاسة الدورية للمجلس من المملكة المغربية لموريتانيا.

ومثل المغرب في الاجتماع وفد ترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة وضم بالخصوص محمد آيت وعلي سفير المغرب بالقاهرة ومندوبه الدائم لدى الجامعة العربية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: