يستمر التنسيق الأمني بين المغرب وبريطانيا، وهو ما جسدته زيارة المدير العام للأمن ومراقبة التراب الوطني بالمغرب، إلى لندن، أين التقى كبار المسؤولين الأمنيين البريطانيين، فضلا عن مباحثات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
أجرى عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن ومراقبة التراب الوطني بالمغرب، زيارة عمل إلى المملكة المتحدة، حيث التقى بمسؤولين أمنيين بريطانيين لبحث آليات تعزيز التعاون الأمني، واستمرت الزيارة لمدة يومين وشملت عدة لقاءات ومباحثات حول مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وتضمن برنامج الزيارة لقاءات عمل جمعت المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني مع كل من “كين مكالوم” رئيس جهاز المخابرات الداخلية (MI5)، ومجموعة من المسؤولين البريطانيين المتخصصين في مجال مكافحة الإرهاب، حيث تباحث الطرفان وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما استعرضا التحديات الأمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتم خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى تنشيط آليات التعاون الأمني بين المملكتين، كما شملت الزيارة فحصًا للتجهيزات والمرافق الأمنية البريطانية، وخاصة مركز القيادة وتدبير العمليات الأمنية بلندن.
وتجسد هذه الخطوة التزام الطرفين بتعزيز التعاون الأمني والتنسيق لمكافحة التهديدات الأمنية المشتركة، كما تعكس أيضًا العمق والقوة في العلاقات بين القطاعين الأمنيين في المملكة المغربية والمملكة المتحدة.
وأفاد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية هشام معتضد، أن “هذا التعاون الأمني والتنسيق الاستخباري يعد انعكاسا للعلاقات الثنائية الجيدة بين الرباط ولندن، فضلا عن المعاملات الاقتصادية والتجارية، بالإضافة إلى وجود رؤية بريطانية جادة للاعتماد على منصة الرباط الإستراتيجية من أجل دعم حضورها في القارة الأفريقية، والتي سيكون عنوانها الأمن والاستقرار، وفرصة للبلدين لتدبير ملفات الأزمات الإقليمية؛ من خلال الاعتماد المتبادل على فعالية التواجد المغربي بأفريقيا.
وأكد في تصريح لـه، أن “أهمية التعاون الأمني والإستراتيجي مع بريطانيا يعد ضمن رؤية موحدة لركائز الاستقرار في المنطقة، خاصة أن لندن متحمسة للدور الجديد الذي تلعبه الرباط على المستويين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى أن المغرب يعد شريكا إستراتيجيا واقتصاديا مهما للتجارة والصناعة البريطانية في المنطقة، إذ تعتبر لندن المملكة المغربية منصة مستقرة تحتضن مؤسسات ذات مصداقية على المستوى الأفريقي، خاصة في غرب القارة؛ ولذلك تريد الاعتماد على الرباط كنافذة للاستثمار في أفريقيا”.
وأعرب المغرب والمملكة المتحدة عن قلقهما إزاء التهديدات الأمنية بمنطقة الساحل، حيث اعتبرا أن مكافحة التطرف العنيف بالمنطقة، تتطلب إلى جانب البعد الأمني، تعزيز الإجراءات الملموسة للتنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية والمؤسساتية.
وتعتبر المملكة المتحدة الرباط، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، شريكا إقليميا ودوليا ذا مصداقية وصوتا مسموعا، يضطلع بدور رئيسي، ويمثل فاعلا أساسيا للاستقرار والسلام والتنمية الإقليمية، لاسيما في منطقة البحر الأبيض المتوسط والساحل والصحراء وغرب أفريقيا.
أهمية التعاون الأمني والإستراتيجي مع بريطانيا يعد ضمن رؤية موحدة لركائز الاستقرار في المنطقة
وتشهد العلاقات بين الرباط ولندن تطورا ملحوظا وتعزيزا للشراكات في عدد من المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية منها، منذ توقيع اتفاقية الشراكة بينهما في العام 2019 إثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يتوافق مع ما ذهب إليه تقرير حديث للمعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن، عندما شدد على أنه “بالنسبة إلى المملكة المتحدة يعد أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها أهمية حيوية، فتهديد استقرارها يتفاقم ويتسارع بفعل النفوذ والأنشطة الخبيثة لفيلق القدس الإيراني ووكلائه من حزب الله، إضافة إلى كون العلاقة بين طهران وحزب الله وبوليساريو تتغذى على هذا التهديد الأمني”.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه التقرير أن هناك توافقا كبيرا بين المغرب والمملكة المتحدة في المجال العسكري والطاقة، أكدت المديرية العامة للأمن الوطني المغربي على مواصلة مسار تدعيم وتكثيف عمليات التعاون الأمني الدولي مع مختلف الشركاء الدوليين، من وكالات حكومية ومنظمات مهتمة بالشأن الأمني وبتطبيق القانون، وانصب هذا التعاون أساسا على التنسيق العملياتي وعلى المساعدة التقنية مع الدول الصديقة والشريكة.
وفي خطوة لتوطيد للعلاقات الثنائية ترأس في مايو الماضي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ووزير الدولة للشرق الأوسط، وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، والأمم المتحدة، والمملكة المتحدة، وبريطانيا العظمى، وإيرلندا الشمالية، اللورد طارق أحمد لويمبلدون، الدورة الرابعة للحوار الإستراتيجي بين البلدين، الذي يرتكز على أربعة محاور هيكلية، تتمثل في الشقيْن السياسي والدبلوماسي، والتعاون الأمني، والتعاون الاقتصادي، والتعاون الثقافي، وكذلك في مجال التعليم.
وفي إطار التعاون الأمني، دخلت اتفاقية تسليم المطلوبين الموقعة بين المغرب وبريطانيا حيز التنفيذ، وسلمت الرباط نانا أوبونج، 43 عاما، لبريطانيا وهو أحد أكثر المطلوبين الفارين من العدالة، والذي كان مطلوبا من قبل شرطة “إسيكس” في جريمة قتل في يونيو 2020.
واكد سايمون مارتن، سفير المملكة المتحدة في المغرب، “المملكة المتحدة تتمتع بعلاقة إيجابية للغاية مع المغرب في العديد من المجالات، بما في ذلك العمل في شراكة للتصدي للجرائم المنظمة الخطيرة، إن عودة هذا المشتبه به إلى المملكة المتحدة لمحاكمته بشأن هذه التهم الخطيرة هي نتيجة ملموسة لتلك الشراكة، أنا ممتن لتعاون شركائنا المغاربة”.