بعدما أخرجت الجزائر كل ما في جعبتها في قضية الصحراء المغربية التي إنتهت ديبلوماسيا لصالح المملكة المغربية ، فتحت جارة السوء جبهة أخرى للضرب في وحدة المغرب بمساندة حراك الريف بأوروبا بعد فتح تمثيلية لمسرحية جمهورية الريف بشارع البشير الإبراهيمي بالأبيار بالعاصمة الجزائر بعدما قامت المخابرات الجزائرية بتجنيد العديد من النشطاء الانفصاليين المبحوث عنهم بالمغرب في العديد من القضايا المتعلقة بالمخدرات و تكوين عصابات إجرامية و على رأسهم جابر الغديوي .
هذا و قد استغلت المخابرات الجزائرية تسكع بعض نشطاء حراك الريف في الدول الأوروبية لتغيير مصير القضية الريفية التي قادها ناصر الزفزافي إلى قضية الانفصال حيث قامت بدعمهم ماديا و معنويا للدفع بإنشاء حزب وطني ريفي يترأسه كل من جابر الغديوي المقيم بالمانيا و فاروق المقيم بالسويد.
وجاء الإعلان عن افتتاح مسرحية التمثيلية في فيديو بثّه أعضاءٌ من المجلس الوطني الريفي ومنخرطون في الحزب الوطني الريفي، مع كلمة بالمناسبة “حول نضال منطقة الريف”، وتضمن “رفع علم جمهورية الريف على أنغام النشيد الوطني الريفي”. في جو يدل على الغباء و الجهل سواء من قادة الجزائر او من بيادق ما يسمى الحزب الوطني الريفي ، الذين يجهلون أسس و مكونات الدولة .
و اصبح من البديهي استحضار كلمة السفير و الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السيد عمر هلال خلال اجتماع اللجنة الأممية حول تصفية الاستعمار، قائلاً: “أنتم تطالبون بتقرير المصير لـ 20 ألف شخص تحتجزونهم في مخيمات تندوف، لكنكم تصادرون حق سكان يبلغ عددهم 12 مليون نسمة”، متسائلاً عن “سبب عدم سماح الجزائر لشعب القبائل بتقرير مصيره والتعبير عن نفسه واختيار مصيره بحرية، على غرار ما تطالب به لسكان مخيمات تندوف”، على حد وصفه.
و تعمل المخابرات الجزائرية على حث بعض النشطاء الذين يتزعمهم جابر الغديوي الملقب بـ“يوبا أدغينو“ويوبا دوسلدورف“، لكونه مقيم في ألمانيا، الذي وثق للعلاقة الشائنة التي تجمع خونة الوطن معأيادي الغدر التي تدير الجزائر، و من بينهم عزيز أكراولي و موحند الخلفيوي و أحمد الطاهري الذين يطالبون بما أسموه “تحقيق الحرية والعدل والكرامة لأبناء هذا الوطن، وللاحتجاج و تنظيم مظاهرات أمام القنصليات و السفارات المغربية بأوروبا و مساندة مرتزقة البوليساريو .
وعلى الرغم من عدم رضى بعض النشطاء الريفيين على طلب قيام جمهورية ريفية إلا أن جابر الغديوي و الانفصاليين المذكورين سابقا و الذين باعوا دمتهم للجزائر مقابل مبالغ مالية مهمة يتقاضونها كل شهر اصبحوا ينفذون كل أوامر المخابرات الجزائرية و التي تم التخطيط لها في قصر المرادية .
ويقول مراقبون إن انفلات جابر الغديوي و من معه في أحضان الجزائر كان الغرض منه السطو على مسار الحركة والركوب على مطالبها للوصول إلى أهداف أخرى لم تكن ضمن أجندة الأطياف الأخرى المختلفة منهجا وأيديولوجيا، الشيء الذي أصبح واضحا من خلال نشر صور المغرب بدون صحرائه و الدفاع عن جبهة البوليساريو و العمل على التهكم على مقدسات البلاد.
هذا و قد زادت جارة السوء من عدائها للمغرب بوضع خطة لإنشاء حزب وطني ريفي الذي أعلن عنه يوم 16 شتنبر 2023 الذي يتكون من عدة نشطاء ريفيين دوي التوجه الجمهوري زيادة على النائب البرلماني المغربي السابق سعيد شعو الهارب والمطلوب للقضاء المغربي بتهمة تهريب المخدرات، قبل الاحتماء بالحركة المذكورة منذ عام 2014، والتي تولى قيادتها بعد ذلك”.
ما يخفى من الشرور التي يضمرها النظام العسكري الجزائري للمملكة المغربية أكثر مما ظهر، ولو أن ما ظهر حاليا يكشف مدى الخسة والدناءة التي يتصف بها “كابرانات” جعلوا من أموال الشعب الجزائري مطية لتمزيق جار ساند بلاهم في حربها للتخلص من أغلال الاستعمار الفرنسي.
المخطط الذي تضمره الطغمة الحاكمة في الجزائر، عبر عنه الانفصالي “يوبا أدغينو“،حين دعوته عبر شريط مصور، النظام العسكري الجزائري إلى فتح مراكز تدريب لخونة المغرب من أجل تعلم كيفية استخدام الأسلحة وبالتالي إثارة الفوضى في المملكة المغربية،في تعبير سافر عن استعداده ومن هم معه في ركب الخيانة لتنفيذ مخططات الـ“كابرانات” الرامية لإثارة الفوضى في المملكة الشريفة.
وبدا جليا كيف أن المخابرات الجزائرية استطاعت تجنيد خونة المغرب، وفق ما سبق وكشفته أخبارنا الجالية في مقال سابق ، منخلال تقرير فصل في تعبيد“كابرانات” الجزائر الطريق لبعض المنتسبين إلى شبكات الابتزاز بالانفصال، خاصة من أعضاء حركة 18 شتنبر لاستقلال الريف، من أجل الإعلان عن تأسيس ما أطلق عليه خونة المغرب “الحزب القومي الريفي“، بالعاصمة البلجيكية بروكسيل.
وقال الصحفي بوشعيب البازي الذي أعد التقرير إن “منطقة شمال أفريقيا تتجه نحو تشتيت ورثة “عبد الكريم الخطابي” وأن الجزائر تتجه إلى “التحول تدريجيا إلى دولة حاضنة ومنتجة لخلايا وتنظيمات الإرهاب، تجمع شتات الانفصال و تتحول إلى مركز لإصدار الإرهاب ضد دول المنطقة”.
وأضاف “فالجنرالات ، الذين يحكمون الجزائر، أطلقوا ثلاث إشارات جديدة مرتبطة خلال الشهور الاخيرة توضح أنهم باتوا مقبلين على مغامرة جديدة مع المغرب”.
وبخصوص الإشارة الأولى، فقد عقدت المخابرات الجزائرية جلسات بالقنصلية الجزائرية بفرانكفورت الالمانية مع انفصاليين مغاربة يعملون لصالح هذه الاخيرة تحت غطاء حراك الريف ، اللقاء الذي جمع كل من جابر الغديوي و يوسف العسروتي و آخرين من فرنسا و هولندا للعمل على التحريض ضد السفارات و القنصليات المغربية بأوروبا و القيام على المطالبة بتأسيس جمهورية ريفية في الاراضي المغربية .
أما الإشارة الثانية، فهي “جمع ما يسمى بحراك الريف في “أوروبا ” ودفعه إلى إصدار “بلاغات” تدعو إلى عمليات عنيفة ضد المغرب”.
و انشاء حزب وطني ريفي و تمثيليات داخل التراب الجزائري و بعض البلدان المعادية للقضية الوطنية كجنوب أفريقيا .
والإشارة الثالثة “هي نشر معلومات استخباراتية عبر الصحف الجزائرية (جريدة الخبر والشروق) تتوقع ضربات إرهابية وشيكة في دول الجوار وتحديد الدول المعنية بهذه الضربة، حسب المعلومات الجزائرية، في تونس ومصر والمغرب وليبيا دون الإشارة إلى الجزائر”.
ويضيف البازي انه ليست المرة الاولى التي تخاطر الجزائر بمثل هذه المجازفة ضد المغرب “وداخل هذه الترتيبات الجديدة، أنشأت الجزائر في أواخر يناير 2013 تنظيما سمي برابطة علماء وأئمة الساحل تحت رئاسة “عبدو داوود” من دولة النيجر و”محمد ديكو” من مالي و”يوسف مشرية” كأمين عام للتنظيم، وهو الشخص الذي عرفه الجزائريون في الإذاعة، هذه الرابطة التي رسمت لنفسها دورا أمنيا يقوم على إطلاق حوار مع سجناء قضايا الإرهاب ومساعدتهم على التحول إلى تبني أراء معتدلة والعمل على الإفراج عنهم لكي يتحولوا إلى وسطاء للحوار مع التنظيمات الإرهابية”.
ويخلص البازي إلى القول إنه “ليس من الصدف، أن تترادف زمنيا وقائع وأحداث مساعدة الجزائر للإنفصاليين من حراك الريف وفتوى رابطة علماء الساحل ضد المغرب وتصريحات قيادة البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح، فجناح المخابرات الجزائرية الحاكم بقيادة “جمال كحال ” يدفع المنطقة إلى مزيد من التوتر في وقت بدأت فيه مخيمات البوليساريو تنقسم إلى فئتين عريضتين: فئة اللامبالين الحالمين بالهروب إلى منطقة “نواذيبو” بموريتانيا لتقديم طلب العودة إلى المغرب، وفئة المترددين الذين يستقطبون تدريجيا من طرف تنظيمات القاعدة”.
هذا فوقوف حكام الجزائر وراء تأسيس ودعم هذا الحزب لم يعد خافيا، وإمعانا في ذلك تم من حينها فتح المجال الإعلامي الجزائري الرسمي من أجل إذاعة تصريحات هذه الثلة الحزبية في المهجر للدعوة إلى انفصال الريف، بل وحتى للتعبير عن دعمها لما أسمته “استقلال الصحراء الغربية”.
وقد وصل هذا التحريض حد إحياء حكام الجزائر رسميا، لأول مرة في تاريخ البلد، في 6 فبراير 2023، الذكرى 60 لوفاة الأمير الخطابي والذكرى 100 لتأسيس جمهورية الريف في سياق مهاجمة المغرب، في استغلال مقيت لرمزية الأمير الخطابي وللمقاومة التي كان يقودها.
كما أن هذه الزمرة الحاكمة نسجت علاقة لهذه الثلة بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وهو الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا، الذي استقبل ممثلين عنهم داخل قبة البرلمان الجنوب إفريقي في 2 نونبر 2023 باعتبارهم مواطنين من “جمهورية الريف”، وفق وصف النائب البرلماني منظور شيخ إمام أثناء انعقاد جلسة برلمانية، حيث أقدم الحزب الحاكم على ترتيب لقاءات لهم مع أحزاب أخرى.
غير أن هذا الحزب وإن كان هدفه الأساسي المعبر عنه في ميثاقه التأسيسي سلميا، إلا أن وسائل العمل على تحقيقه غير ذلك تماما، فقد صرح مؤسسوه عبر الإعلام بأنهم يسعون إلى العمل المسلح من أجل تحقيق أهدافهم، حيث جاء في تصريحات إعلامية لمسؤول في التنظيم: “إنه نداء عاجل نوجهه إلى حكام الجزائر الكبرى. نريد من حكام الجزائر أن تفتح لنا مراكز التدريب حتى نتمكن من تعلم كيفية استخدام الأسلحة”، وهو ما يعني أن هذا الحزب يخالف التشريع الفرنسي الذي لا يسمح بتأسيس تنظيمات مسلحة.
إن تأسيس هذا الحزب جاء كاستمرارية وكواجهة لتحركات تاجر المخدرات سعيد شعو المشتبه فيه قضائيا بالمشاركة في القتل والتعذيب في إطار نشاطه في مجال الاتجار غير المشروع بالمخدرات، وهو الذي كان أول من أسس سنة 2014 تنظيما يدعو إلى انفصال الريف رفقة زمرة من الأشخاص الذين انفض جلهم من حوله، ويتعلق الأمر بالجمعية المسماة “حركة 18 شتنبر”، حيث لم يجد بدا من استغلال من تبقوا معه إلى جانب آخرين جدد عبر دفعهم لتأسيس هذا الحزب وربط علاقات بحكام الجزائر والسعي الحثيث نحو خلق مليشيات مسلحة، انتقاما من استمرار فتح ملفه القضائي في المغرب.
والدعوة إلى استخدام العنف المسلح للدفاع عن انفصال الريف سبق أن عبر عنها سعيد شعو على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بتاريخ 17 نونبر 2014، إذ كتب: “العنف يصبح أيضا ضرورة تاريخية، خاصة عندما يرتبط بشرعية التحرر الوطني الذي يعد هدفا نبيلا، وعملا مشروعا. فعندما تغلق المسالك السلمية والفعالة أمام رغبة التغيير، يظل العنف السياسي أحد الأساليب، بل ربما الأسلوب الوحيد للتغيير السياسي والاجتماعي. أما الجمعية الحقوقية فمن حقها الاحتفاظ بسلميتها وقواعدها وتكتيكاتها النضالية، لكن لا يمكن اعتبارها نموذجا للمقاومة السلمية أو الشعبية. أرى شخصيا أن العنف السياسي الواعي والمنظم، أكثر فاعلية من المقاومة السلمية التي سرعان ما تذوب في المنظومة العامة. وفي هذا الإطار يمكن فهم التحولات الثورية الكبرى في تاريخ الإنسانية، التي لم تكن لتحدث لولا وجود درجة من العنف المنظم والهادف”.
في الختام، يتضح أن محاولات استعمال الريف لمضايقة المغرب من طرف حكام الجزائر بتحالف مع بارون مخدرات مطلوب لدى العدالة، لن تؤتي النتائج المتوهمة، لأن الريف حسم موقفه تاريخيا ونهائيا، لكنها في المقابل، تؤكد انخراط حكام الجزائر في خلق ودعم حركات الانفصال والتحريض على العنف في سبيل تقويض الاستقرار في المنطقة بالمناولة، ولعل موقف مالي الأخير من الجزائر لخير دليل على ذلك.
-……..