الجزائر في سباق مع الزمن لكبح النجاحات المغربية في افريقيا
شرع رئيس جمهورية موزمبيق فيليب خاسينتو نيوسي الأربعاء في زيارة إلى الجزائر بدعوة من نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، فيما احتفت وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية بالزيارة وأطلقت عليها “زيارة صداقة وعمل”، بينما بات واضحا أن الجزائر تسعى إلى الإيحاء بعلاقات جيدة مع المحيط الأفريقي، مدفوعة بمخاوفها من انحسار نفوذها في المنطقة.
وفي المقابل يشهد التعاون المغربي – الأفريقي تناميا لافتا بالتوازي مع الترحيب الدولي الذي قوبلت به مبادرة الأطلسي التي أطلقتها الرباط بهدف تسهيل وصول دول منطقة الساحل الأفريقي إلى المجال البحري الحيوي.
وأفادت رئاسة الجمهورية الجزائرية في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك بأن “رئيس موزمبيق يؤدي زيارة إلى الجزائر قُبيل مشاركته في القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدّرة للغاز ما بين 29 فبراير و2 مارس الجاري” وأضافت في بيان اليوم الخميس بأن “تبون أجرى محادثات على انفراد مع ضيفه”.
ويضم المنتدى 12 دولة هي الجزائر ومصر وبوليفيا وغينيا الاستوائية وإيران وليبيا ونيجيريا وقطر وروسيا وترينيداد وتوباغو والإمارات فنزويلا، بالإضافة إلى دول بصفة مراقب وهي أنغولا وأذربيجان والعراق وماليزيا وموريتانيا وموزامبيق وبيرو.
وتأتي زيارة فيليب خاسينتو نيوسي إلى الجزائر بعد فترة وجيزة من الزيارة التي أداها محمد ولد الشيخ الغزواني الرئيس الموريتاني والتي تم خلالها تدشين معبر حدودي بين البلدين رغم تواضع حجم التبادل التجاري بين الجارتين، فيما تنطوي هذه الخطوة على رغبة جزائرية في مزاحمة معبر الكركرات في الصحرء المغربية الذي يشكل شريانا تجاريا تتدفق عبره السلع من المغرب إلى موريتانا ومنها إلى العديد من الدول الأفريقية.
وتعكس أغلب تحركات الدبلوماسية الجزائرية الأخيرة رغبة واضحة في الخروج من العزلة الدولية، فيما ينظر إلى الجزائر على أنها لم تستوعب بعد تراجع حضورها في أفريقيا، خاصة بعد إنهاء باماكو اتفاق السلام، بسبب ما اعتبرته تدخلا جزائريا في شؤونها الخاصة إثر عقد اجتماعات مع الانفصاليين الطوارق دون إشراك السلطات المالية.
ولم تجد المبادرة التي أعلن عنها تبون في منتصف الشهر الجاري بإحداث منطقة للتبادل الحر بين الجزائر وكل من موريتانيا والنجير وليبيا وتونس أي تفاعل إيجابي من طرف حكومة الدول، في وقت تتوجه فيه الأنظار إلى المبادرة الأطلسية المغربية التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس وتمنح منفذا بحريا هاما لدول منطقة الساحل الأفريقي وتشكل فرصة تاريخية للإقلاع الاقتصادي.
وكانت تقارير استخباراتية جزائرية قد حذرت خلال الآونة الأخيرة من المبادرة المغربية، مشددة على ضرورة التحرك الفوري وطرح برنامج اقتصادي مشابه، في محاولة لمجاراة النجاحات التي تراكمها المملكة على طريق ترسيخ نفسها كبوابة نحو العمق الأفريقي.
وعززت المبادرة الأطلسية التقارب بين المغرب والنيجر ومالي وبوركينا فاسو التي أعلن وزراء خارجيتها عن تشكل لجنة مشتركة لبحث سبل تفعيل البرنامج الطموح، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين الجزائر ونيامي وباماكو جفاء دبلوماسيا بسبب محاولات الجزائر التدخل في شؤونها بدعوى التوسط لإنهاء الصراعات، رغم أنها فشلت في تسوية أغلب الملفات التي تعهدت بمعالجتها.
كما أدّت زيارة رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة الأسبوع الماضي لرواندا إلى أزمة بين الجزائر والكونغو الديمقراطية التي استدعت السفير الجزائري لديها محمد يزيد بوزيد للاستفسار عن سبب زيارة دولة تؤوي تنظيما انفصاليا معاديا لوحدتها الترابية، فيما تبدو الأزمة مشابهة لتلك التي تسببت في تصدع العلاقات بين الجزائر وباماكو.
وتؤشر الدعوة التي وجهها تبون إلى فيليب خاسينتو نيوسي على مخطط جزائري للتشويش على التقارب الذي بدأ بين المغرب والموزمبيق في العام 2022 وأنهى سنوات من الجفاء، بعد أن تخلت مابوتو عن دعمها لجبهة بوليساريو الانفصالية واختارت الحياد الإيجابي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.