استنكار جزائري لتجاوز وكالة الأنباء أدبيات الصحافة في مهاجمة المغرب
ظهرت وكالة الأنباء الجزائرية مرة أخرى بعيدة عن المهنية، بالتعبير عن أمزجة سياسية لا ترقى إلى مستوى بلورة وتسويق الخطاب الإعلامي للدولة، وأثارت غضب الجزائريين باستخدام أسلوب غير مهني في الرد على تقارير إعلامية بشأن الانتخابات.
كشفت برقية لوكالة الأنباء الرسمية الجزائرية عن قصور غير مسبوق في بلورة وإيصال خطاب الدولة، وظهرت في شكل يبتعد كثيرا عن المهنية الإعلامية وعن الصورة المطلوبة للتسويق، بردها على تقارير إخبارية في وسائل إعلام مغربية عن تأجيل الانتخابات الرئاسية، بشكل أثار موجة غضب واسعة بين الجزائريين.
وأبدى ناشطون جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي استنكارهم ورفضهم لما قامت به وكالة الأنباء الرسمية من إساءة واستخدام ألفاظ خارجة عن الحدود وغير مهنية في ردها، معتبرين أن هذه الطريقة في الرد إساءة للجزائر باعتبار أن الوكالة ناطقة باسم الدولة وتمثلها واستخدام هذه التعابير يعكس صورة سلبية للدولة بأكملها.
وقال ناشط:
وعادة ما ترد وسائل الإعلام الرسمية على ما تعتبره معلومات كاذبة أو مضللة بالنفي والتصحيح وذكر الحقائق بالأدلة والبراهين، غير أن وكالة الأنباء الجزائرية اختارت استعمال ألفاظا غير مهنية وهجوما لاذعا لا يمت لقواعد الصحافة بصلة.
وتجاوزت برقية الوكالة الرسمية الجزائرية حدود الرسالة التي أرادت تبليغها عبر برقية مقتضبة، والمتعلقة بتثبيت تاريخ الانتخابات الرئاسية في موعدها المنتظر نهاية العام الجاري، إلى توجيه اتهامات غير مهنية لأطراف وصفتها بـ”العميلة” و”المنبطحة” للمغرب وإسرائيل.
وظهرت مرة أخرى بعيدة عن المهنية الإعلامية، بالتعبير عن أمزجة سياسية لا ترقى إلى مستوى بلورة وتسويق الخطاب الإعلامي للدولة، فكما سبق لها أن هاجمت مؤسسات رسمية فرنسية، والتورط في سجال سياسي بين جهات في السلطة وبين سيدة أعمال، وضعت مفردات غير مهنية للرد واتهام جهات تصفها بـ”المعادية”.
وكان بإمكان وكالة الأنباء الجزائرية تسويق خبر التأكيد على “إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المنصوص عليه في الدستور احتراما للدستور وللشعب الجزائري الوحيد صاحب السيادة”، بدون المساس بأصول وثوابت المهنة الإعلامية، وبالدور المنوط بالوكالات الرسمية أو المستقلة.
فصياغة البرقية وإخراجها، افتقدا للرسالة الإعلامية التي تعتبر إحدى أذرع بلورة وتسويق الخطاب الرسمي، بتضمينها محتوى يؤدي مفعولا عكسيا، لما يتعلق بنزول مؤسسة رسمية ذات صبغة سيادية إلى مستوى الرد العشوائي على أخبار يجري تداولها من قبل أطراف مستقلة أو رسمية.
ويرى متابعون للشأن الإعلامي الجزائري أن الوكالة الرسمية الممولة من طرف موازنة الدولة، والمنوطة بأداء رسالة إعلامية عمومية وتبليغ الخطاب الرسمي للدولة، تحولت في السنوات الأخيرة إلى أداة توظف من طرف أجهزة السلطة، الأمر الذي كلفها مصداقيتها، خاصة لما انحرفت عن الحيادية وهوت إلى الانحياز لصالح أطراف فاعلة في السلطة. وجاء في تعليق:
وعلق البعض بأن البرقية كان بإمكانها تأكيد موعد الانتخابات والرد على الجهات المعادية، دون النزول إلى مستوى أقل من مستوى تلك الأطراف، واستعمال مفردات كشفت عن قصور كبير في تحرير موقف الدولة في برقية مقتضبة، على غرار استعمال عبارة “كانيش” المخزن، أو “كليب”، بدول “جرو” الذي هو صغير الكلب، وليس كليب.
ورددت دوائر سياسية جزائرية تلميحات حول فرضية تأجيل الانتخابات الرئاسية المنتظرة نهاية شهر ديسمبر القادم، بدعوى الأوضاع السياسية المحيطة بالبلاد، كما جاء على لسان رئيسة حزب العمال لويزة حنون، ورئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، ولم تورد الشخصيتان الصيغة أو الشكل الذي تتم به العملية، واكتفتا بالتحذير من المخاطر الإقليمية السائدة.
واتهمت البرقية التي حملت عنوان “على أتباع المخزن الالتفات نحو قصرهم وملكهم”، بنشر وترويج أكاذيب عن الجزائر وعن الانتخابات الجزائرية، دون أن تشير إلى أي انتخابات، والراجح هو الانتخابات الرئاسية المذكورة.
وكان تقرير لموقع “مغرب إنتلجنس”، قد تحدث عن “تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى موعد لاحق، بما يسمح للسلطة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، بالاستمرار في موقعها، وأنها ستلجأ إلى افتعال حرب مع المغرب للتكيف مع مقتضيات الدستور، الذي يجيز إرجاء أو تأجيل الانتخابات في حالة الظروف القاهرة”، وهو ما تم تداوله على نطاق واسع في فرنسا والمغرب.
برقية الوكالة الرسمية الجزائرية تجاوزت حدود الرسالة التي أرادت تبليغها والمتعلقة بتثبيت تاريخ الانتخابات الرئاسية
ورغم ما تردد عن إعادة انتشار للجيش الجزائري على حدود البلاد الغربية، تحسبا لأي تصعيد، إلا أن الرئيس تبون صرح في أكثر من مناسبة، “قررنا القطيعة مع المغرب تفاديا لسيناريو الحرب”، مما يوحي باستبعاد الرجل لفرضية المواجهة العسكرية.
لكن تهاوي الوكالة الرسمية إلى مستوى الخطاب الذي تردده دوائر سياسية وإعلامية تستهدف تأجيج الصراع والدفع إلى المواجهة، بمثل هذه البرقية، جعلها تتبادل معهم نفس الكلام والسجال ولا تحمل الخطاب المضبوط الذي تلتزم به الحكومات مهما كانت نوعية الخصومات والصراعات.
وسبق لوكالة الأنباء الجزائرية أن جعلت نفسها طرفا علنيا في عدة محطات، على غرار الهجوم على مقرر البنك الدولي، الذي اتهمته بفبركة عمله عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بإيعاز من القصر الملكي المغربي، ثم هاجمت موظفين وضباطا في الخارجية الأميركية وجهاز الاستعلامات الخارجي، بتدبير فرار المعارضة الفرانكوجزائرية أميرة بوراوي إلى فرنسا من تونس.
وحتى السجال الذي اندلع بين سيدة الأعمال سعيدة نغزة، ومسؤولين رسميين في السلطة، أخذت فيه موقفا وردت عليها في برقية خاصة، اتهمتها فيها بـ”الانتماء إلى العصابة”، وتقصد بذلك رموز الحقبة البوتفليقية، وبـ”الدفاع عن مصالح المافيا واللوبيات”، رغم أن الأمر كان يتعلق بنقاش حول الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.