اتفاق دفاعي بين الجزائر ورواندا يثير أزمة دبلوماسية مع الكونغو
فجرت زيارة رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة إلى رواندا أزمة بين الجزائر والكونغو الديمقراطية التي لم تخف انزعاجها من الزيارة واستدعت السفير الجزائري لديها محمد يزيد بوزيد للاستفسار عما بدا دعما من الجزائر لرواندا التي تعيش على وقع خلاف مع الكونغو بسبب دعم حركة انفصالية مناوئة لكينشاسا.
وما أثار غضب المسؤولين في الكونغو أنه تم على هامش زيارة شنقريحة توقيع اتفاق دفاعي بين الجزائر ورواندا.
وعزت كينشاسا استدعاء السفير إلى مسائل تتعلق بالمساس بسيادة البلاد ارتباطا بزيارة قائد الجيش الجزائري إلى كيغالي التي تتهمها كينشاسا بدعم ميليشيات “إم 23” (حركة 23 مارس) المتمردة التي تحاول السيطرة على إقليم كيفو الشمالي شرق البلاد والموجود على الحدود مع أوغندا ورواندا.
مبادرة الأطلسي التي طرحها الملك محمد السادس، أججت مخاوف الجزائر من انحسار نفوذها في أفريقيا ومن تفاقم عزلتها في محيطها
وقالت الخارجية الكونغولية في بيان الثلاثاء إن “نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الخارجية والفرنكفونية الكونغولي كريستوف لوتو استقبل سفير جمهورية الجزائر محمد يزيد بوزيد”، مضيفة “بعيدا عن الاعتراف بسيادة كل دولة، كان الأمر يتعلق بتوضيح يهم الزيارة التي قام بها رئيس أركان الجيش الجزائري إلى كيغالي يوم 20 فبراير الجاري”.
وفيما سعت الجزائر لتوسيع علاقاتها الأفريقية في منافسة مع المغرب، لا تبدو النتائج جيدة إلى حد الآن. وقبل الأزمة الطارئة مع الكونغو، شهدت علاقة الجزائر توترا جليا مع مالي التي بادرت إلى إلغاء اتفاق السلم والمصالحة الوطنية الذي رعته الجزائر في 2015، واتهمتها بـ”التدخل في الشؤون الداخلية، ورعاية تنظيمات إرهابية”.
وقبل ذلك وجدت الجزائر نفسها في أزمة مع النيجر بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أن نيامي قبلت مبادرة وساطة جزائر لحل الأزمة بين المجلس العسكري الحاكم والرئيس السابق محمد بازوم. لكن المجلس العسكري نفى أن يكون قد قبل بالمبادرة التي أطلقتها الجزائر التي باتت في إحراج شديد.
وأججت مبادرة الأطلسي التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل فترة مخاوف الجزائر من انحسار نفوذها في أفريقيا ومن تفاقم عزلتها في محيطها، بما توفره تلك المبادرة من مكاسب للدول الأفريقية التي تخطط للانخراط فيها بهدف الولوج إلى الأطلسي وتعزيز التكامل بين دول غرب أفريقيا والاتحاد الأوروبي.
ويرى مراقبون أن زيارة قائد الجيش الجزائري إلى كيغالي جاءت في وقت متزامن مع التصعيد العسكري على الحدود بين رواندا والكونغو ما بدا وكأنه رسالة دعم ومساندة لرواندا ودخول على خط الصراع.
وكان شنقريحة قد اختتم زيارته بتوقيع اتفاقيات عسكرية ومباحثات تشمل تعزيز التعاون العسكري بين جيشي البلدين. وقال في كلمة له بالعاصمة الرواندية إن “الزيارة تعد مؤشرا جليا على طموح السلطات العليا للبلدين من أجل بعث ديناميكية جديدة لآلية التعاون العسكري بين الجيشين وبما يسمح بمواجهة التحديات الأمنية، التي تعرفها القارة الأفريقية”.
وتشتد المعارك بين حركة “إم 23” مدعومة بوحدات من الجيش الرواندي من جهة، والجيش الكونغولي في ساكي (بلدة تقع على بعد 20 كيلومترا عن غوما، عاصمة الإقليم) من جهة أخرى.
ظهرت “إم 23” -وهي حركة تمرد يهيمن عليها التوتسي- في عام 2012، وفي نهاية العام استولت على مساحات واسعة من الأراضي في إقليم شمال كيفو.
وتتهم جمهورية الكونغو الديمقراطية رواندا بدعم المتمردين في محاولة للسيطرة على الموارد المعدنية الهائلة في المنطقة، الأمر الذي تنفيه كيغالي.
ومن جانبها تقول “إم 23” إنها تدافع عن فئة سكانية مهددة وتطالب بإجراء مفاوضات، وترفض كينشاسا الحوار مع من تعتبرهم “إرهابيين”.