العاهل المغربي يستقبل سانشيز في ثاني لقاء قمة بين الزعيمين

جدد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الأربعاء خلال لقاء مع العاهل المغربي الملك محمد السادس في القصر الملكي بالرباط، تأكيده على موقف إسبانيا الثابت والمضمن في البيان المشترك لأبريل 2022، من مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية باعتبارها الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية النزاع المفتعل من قبل جبهة بوليساريو.

ووصل سانشيز في وقت سابق إلى الرباط على رأس وفد رفيع يضم وزراء ورجال أعمال ورؤساء لكبرى الشركات الاسبانية، في زيارة عمل تندرج في إطار استمرارية الدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية والتي تم تدشينها منذ لقاء القمة بين العاهل المغربي ورئيس الحكومة الاسبانية في أبريل/نيسان 2022.

وقد توج لقاء القمة باعتماد البيان المشترك بين البلدين، بينما تتواصل هذه الدينامية في العلاقات الثنائية بشكل يبعث على الارتياح.

وأعرب الملك محمد السادس الأربعاء لسانشيز عن شكره لاسبانيا على موقفها الجديد البناء والهام من قضية الصحراء وهو الموقف الداعم لسيادة المغرب على كل أقاليمه الجنوبية ووحدة أراضيه.

وتتميز العلاقات بين البلدين بتعزيز التعاون والتنسيق والشراكة في كافة المجالات على أساس مبادئ الثقة والاحترام المتبادل والطموح وحسن الجوار والوفاء بالالتزامات.

وأكد الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز خلال لقاء الأربعاء على الآفاق المتفردة للتعاون المفتوحة أمام البلدين الجارين والتي يمثل التنظيم المشترك – مع البرتغال – لكأس العالم لكرة القدم 2030 رافعة إضافية لتعزيزها.

ومن المتوقع أن يعطي لقاء القمة الثاني بين الزعيمين دفعة أقوى لعلاقات التعاون والشراكات بين البلدين في ظل حرص الجانبين على الرقي بها لأعلى مستوى بما يخدم المصالح المشتركة وتطلعات شعبيهما.

وأشاد رئيس الحكومة الاسبانية بالمبادرات الإستراتيجية التي أطلقها الملك محمد السادس وعلى رأسها مبادرة الأطلسي التي تتيح للدول الإفريقية الولوج إلى الأطلسي فيما تضع المملكة البنى التحتية والموانئ وما تتطلبه عملية الانفتاح خدمة لأهداف التنمية والتواصل بين الدول الافريقية والأوروبية عبر البوابة المغربية.

وأبدى سانشيز كذلك اهتمام بلاده بالمبادرات المغربية وخاصة مبادرة البلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي والمبادرة الملكية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وفق وكالة أنباء المغرب العربي الرسمية.

كما شدد على اهتمام مدريد بمشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي نيجيريا – المغرب، وهو المشروع الواعد الذي بات يجذب اهتماما دوليا كبيرا.

وسيؤدي هذا المشروع إلى تكامل اقتصادي في غرب أفريقيا إضافة إلى الشبكة الحالية لخطوط أنابيب الغاز التي توصل الإمدادات إلى أوروبا. وينتظر عند اكتماله أن يحقق نقلة جذرية في تسريع حصول الدول على الطاقة وتحسين ظروف معيشة السكان ودعم تكامل اقتصادات المنطقة وتخفيف حدة التصحر من خلال توفير إمدادات غاز مستدامة وموثوقة.

وحضر لقاء القمة بين الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون وإيما باريتشي والكاتبة العامة للشؤون الخارجية برئاسة الحكومة الاسبانية.

وعن الجانب المغربي حضر اللقاء فؤاد عالي الهمة مستشار العاهل المغربي ووزير الخارجية ناصر بوريطة.

وتأتي زيارة سانشيز للمغرب تأكيدا لمتانة العلاقات الثنائية واستكمالا لمسار التعاون الذي تعزز بعد لقاء أبريل 2022، بينما تبدي مدريد والرباط رغبة كبيرة في انفتاح أوسع وأوثق يعزز علاقات الشراكة بين البلدين.

وتعتبر هذه أول زيارة لسانشيز بعد إعادة انتخابه على رأس الحكومة الإسبانية والثالثة بعد إعلان مدريد عن تغيير جذري في موقفها المتعلق بقضية الصحراء المغربية من خلال تأييدها موقف الرباط علنا وللمرة الأولى، لتنهي بذلك خلافا دبلوماسيا كبيرا بين البلدين امتد لأشهر.

ورافق سانشيز خلال هذه الزيارة وفد إسباني رفيع المستوى يضم وزراء في الحكومة ومسؤولين كبار إضافة إلى ثلة من كبار رجال الأعمال ورؤساء كبريات الشركات الإسبانية.

كما رافقه وزير خارجيته خوسيه مانويل ألباريس، في هذه الرحلة، التي “تؤكد العلاقات العميقة التي باتت تربط بين البلدين”، وأكد مكتبه أن المغرب “جار صديق وحليف استراتيجي لإسبانيا في جميع المجالات”.

وكانت آخر زيارة لسانشيز للمغرب، في فبراير الماضي والتي وقع فيها مع نظيره المغربي عزيز أخنوش 19 اتفاقية للتعاون بين البلدين في مجالات مختلفة خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى في الرباط من أجل تعزيز “الشراكة الإستراتيجية”.

وشدد ألباريس على أن “كل ما تم الاتفاق حوله خلال القمة الثنائية الأخيرة بين البلدين، سيتم تنفيذه”، في حين أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن المشكل في موضوع سبتة ومليلية “تقني، وليس سياسيا”.

والسياق الآخر لهذه الزيارة، هو استمرار “التباعد” بين الجزائر وإسبانيا، حيث ألغىت زيارة ألباريس إلى الجزائر لأسباب تدور رحاها، بحسب وسائل إعلام إسبانية، إلى اشتراط المسؤولين الجزائريين تراجع مدريد عن موقفها الداعم لسيادة المغرب على صحرائه مقابل إتمام الزيارة.

وحافظت إسبانيا منذ إعلانها دعم الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية على موقفها رغم العديد من الضغوط الداخلية والخارجية. وبعد تشكيل الحكومة الإسبانية الجديدة، زار ألباريس الرباط لتجديد هذا الدعم.

ومن المرتقب أيضا أن يحظر ملف التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات بين البلدين ضمن جدول أعمال زيارة سانشيز.

الملف الآخر أيضا الذي يحمله سانشيز إلى الرباط، هو التنسيق بين الدول الثلاث المستضيفة لمونديال 2030، المغرب والبرتغال وإسبانيا، الذي تسعى أيضا مدريد من خلاله للاستفادة من حصص في المشاريع المغربية.

وقبل أكثر من عام، عقد البلدان قمة ثنائية توجت بالتوقيع على 19 مذكرة تفاهم شملت العديد من القطاعات، أبرزها الأمن والاقتصاد والصحة والتعليم.

ووفق وزير الخارجية المغربي، فإن “مدريد هي أول شريك تجاري خارجي للمملكة”، مشيرا خلال لقائه مع نظيره الإسباني في ديسمبر الماضي، إلى أن “العلاقات بين البلدين لها آفاق قوية في إطار تنظيم مونديال 2030، وتدفعنا إلى تطويرها بشكل كامل”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: