ماذا حصل في الجزائر في أسبوع واحد بدأ بإلغاء زيارة وزير خارجية إسبانيا ثم تحذير رعايا عدة دول من زيارة الجزائر؟
بدأت أسباب إلغاء زيارة وزير الخارجية الإسبانية للجزائر تظهر شيئا فشيئا ، كانت البداية بتبرير عسكر الجزائر بأن السبب هو ( ازدحام الأجندة الجزائرية) لكن تبين أن الأمر أكبر وأخطر من أجندة عسكر الجزائر، بل هو ناتج عن تقييم إسبانيا للوضع الأمني الحقيقي لعموم دولة الجزائر ومراجعة الإسبانيين لمواقفهم من الحالة الأمنية الخطيرة التي تعيشها الجزائر خصوصا بعد أحداث مالي والنيجر … والغريب جدا أن عددا من الدول الكبرى لم تدرك ذلك إلا في الأيام الأخيرة هي أيضا، فأين هو بعبع مخابرات أمريكا وإسرائيل وفرنسا وغيرها؟
أكثر من أربع سنوات وبالضبط في 28 نوفمبر 2019 سبق لجريدة الشرق الأوسط أن نشرت خبرا يقول :
” أوصت وزارة الخارجية الإسبانية مواطني بلدها بتجنب السفر إلى مخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر ، حيث مقر جبهة البوليساريو الانفصالية [….] وأشارت وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية على موقعها الإلكتروني، إلى أن التوجه إلى مخيمات تندوف «محفوف بالمخاطر بسبب حالة عدم الاستقرار المتنامي في شمال مالي»، إضافة إلى «تزايد نشاط الجماعات الإرهابية بالمنطقة»، وتدهور الوضع الأمني عموما هناك بسبب ذلك .
وشددت التوصية بشكل خاص على ارتفاع مخاطر تعرض السياح الأجانب للاختطاف، أو لهجمات إرهابية على كامل التراب الجزائري، داعية المواطنين الإسبان الذين يقومون بزيارات للجزائر إلى التزام «أقصى درجات الحذر» في جميع أنحاء البلاد .
ونشرت جريدة القدس العربي في اليوم الموالي أي 29 نوفمبر 2019 ” ردة الفعل الشديدة لانزعاج البوليساريو من موقف إسبانيا ، نقتطف منه ما يلي : ” أعربت جبهة “البوليساريو” عن إدانتها لبيان وزارة الخارجية الإسبانية بخصوص تحذير رعاياها من زيارة مخيمات تندوف في الجنوب الجزائري، بحجة عدم استتباب الامن هناك وكونه منطقة معرضة للخطر الإرهابي.
واعتبرت ( البوليساريو) ذلك البيان غير دقيق ويفتقد للمصداقية.وقالت الجبهة في بيانها إن “التحذير من زيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين ليس له ما يبرره، اللهم إلا إذا كانت هناك دواع أو أهداف سياسية، خلفيتها التواطؤ المفضوح الذي لا يستهدف هؤلاء اللاجئين وحدهم، بل يتعداهم إلى البلد الذي يستضيفهم. ( أي الجزائر ) …
وبعد أربع سنوات وبالضبط في 15 فبراير 2024 نشرت وزارة الخارجية الإسبانية بيانا على موقعها الالكتروني خبر مشروع زيارة وزير خارجيتها خوزيه مانويل ألباريس إلى الجزائر لكن تم إلغاء هذه الزيارة بعد ثلاثة أيام من إعلانها ، وكثرت التأويلات عن سبب هذا الإلغاء ذكرنا بعضها في بداية المقال ، لكن المفاجأة الكبرى هي أن تستيقظ إسبانيا من سباتها العميق يوم الأحد 18 فبراير 2024 لتنشر تحذرات شديدة اللهجة لرعاياها من القيام بزيارة الجزائر ولتقول للعالم بأنها ( أدركت مؤخرا أن الجزائر بلد غير آمن ) ، بدأت تحذيرها لرعاياها من زيارة مخيمات العار بتندوف لتنتقل إلى تنبيه رعاياها من زيارة جنوب الجزائر ولتختم تحذيرها بتجنب زيارة عموم الجزائر .
بحث الملاحظون عن سبب هذا التحذير الشديد لرعايا الإسبان بعدم زيارة بلد القوة الأعظم في شمال إفريقيا أو بلد المليون ونص شهيد فوجد بعضهم أن الجزائر تنتشر فيها ثلاث منظمات إرهابية هي : القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجيش الخلافة في الجزائر وتنظيم داعش في الصحراء الكبرى … ثم بدأنا نرى أخبارا في المواقع الالكترونية أن أمريكا وانجلترا قد نشرت نفس التحذيرات لرعاياها بعدم زيارة الجزائر ..
ولابد من ملاحظة أن أمر تحذير رعايا هذه الدول من زيارة الجزائر يبدأ بالتحذير من زيارة مخيمات تندوف ثم يتحول التحذير إلى تجنب زيارة عموم الجزائر ، فماذا يحدث في الجزائر ؟
السؤال : هل يعقل أن لا تدرك هذه الدول بأن الجزائر بلد غير آمن إلا متأخرة جدا جدا ، أم أن هذه الدول توصلت أخيرا بمعلومات استخباراتية تفيد بوقوع انفجار خطير قريبا في الجزائر ؟ فإعلان انعدام الأمن في عموم الجزائر متأخرا أمر غير طبيعي ، إذ كيف يتم إلغاء زيارة وزير إسباني بعد ثلاثة أيام من إعلانها، وفي نفس الوقت بعد ثلاثة أيام تبدأ تحيذرات هذه الدول لرعاياها من زيارة الجزائر ، فماذا حدث في الجزائر خلال أسبوع واحد ؟