تنامي التحذيرات الغربية من خطر إرهابي يطرق أبواب تندوف
تواترت التحذيرات الدولية من السفر إلى الجزائر وتحديدا إلى ولاية تندوف التي يوجد فيها المقر المركزي لجبهة بوليساريو ومخيمات تندوف، فبُعيد تحذير اسبانيا لرعاياها من السفر إلى تلك المنطقة ودعوة المتواجدين هناك للمغادرة فورا بسبب تهديد ارهابي جدّي يشمل عمليات خطف للأجانب، أصدرت كل من بريطانيا والولايات المتحدة تحذيرا مماثلا.
وأشارت الدول الثلاثة إلى وجود تهديد إرهابي مؤكد بناء على معلومات مؤكدة، بينما لم يصدر عن الخارجية الجزائرية أي تعليق على تلك التحذيرات كما لم تعلق وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية وغيرها من وسائل الإعلام الحكومية على هذه المعلومات، ما يثير أسئلة حول الصمت الرسمي الجزائري.
ويفترض في مثل هذه التحذيرات وحسب المعمول به في أي دولة ، أن تصدر عن الجهات الرسمية ما يؤكد أو ينفي صحة تلك المعلومات على اعتبار أنها تتعلق بمسائل أمنية حساسة وبالنظر إلى تأثيراتها السياسية أيضا على الدولة المعنية.
وقد أبرزت وزارتا الخارجية الأميركية والبريطانية في آخر تحديث للمعطيات تزايد احتمالات تنفيذ أعمال إرهابية أو أعمال اختطاف هناك.
وذكرت السفارة الأميركية في الجزائر أن هناك “تنبيها أمنيا من زيادة خطر اختطاف المواطنين الغربيين بالقرب من المخيمات في تندوف”، محددة التنبيه بأنه على صلة أيضا بـ”الماراثون المقرر في 28 فبراير 2024″، في إشارة إلى ما تسميه الجزائر “ماراثون الصحراء”.
وكانت جبهة بوليساريو قد أعلنت عن مشاركة أجانب في الماراثون، مدعية أن هذه المشاركة تأتي دعما لطروحاتها الانفصالية التي تسوق لها تحت مسمى “حق تقرير المصير”.
ودعت السفارة الأميركية الرعايا الأميركيين إلى تجنب الوصول إلى تلك المنطقة إلى غاية 15 مارس 2024. كما دعتهم أيضا إلى الحيطة والحذر في أماكن تواجدهم والبقاء في حالة تأهب في المواقع التي يرتادها السياح الغربيون،.
وحثت الرعايا الأميركيين في الجزائر وتحديدا في ولاية تندوف على وضع خطة للمغادرة ومراجعة خطط الأمان الشخصية إلى جانب حمل وثائق هويتهم بما فيها جواز السفر الأميركي.
وحذرت الخارجية البريطانية رعاياها. وتحدثت مساء أمس الاثنين في آخر تحديث لتوجيهات السفر عن وجود معلومات تؤكد تنامي المخاطر الإرهابية بما يشمل تعرض مواطنين غربيين للاختطاف من مخيمات تندوف قبل ما يسمى بـ”ماراثون الصحراء”، ناصحة مواطنيها بعدم السفر إلى تلك المنطقة.
ويشمل التحذير البريطاني كامل الخط الحدودي الجنوبي والشرقي للجزائر على امتداد نحو 30 كيلومترا، بما في ذلك ولاية تندوف والمنطقة الفاصلة بين الجزائر والمنطقة العازلة في الصحراء داخل التراب الجزائري.
وتحدث البيان البريطاني عن وجود احتمال لضرب المصالح الغربية بما يشمل استهداف المواطنين البريطانيين. ونصحت الخارجية البريطانية مواطنيها بالبقاء في حالة يقظة نظرا للخطر الإرهابي المتنامي.
وبحسب المصدر ذاته يشمل التحذير منطقة الحدود مع ليبيا وموريتانيا ومالي والنيجر على نحو 30 كيلومتر إلى داخل التراب الجزائري ومثلها من الحدود مع تونس إلى داخل الأراضي الجزائرية في ولايتي إليزي وورقلة ومنطقة جبل الشعانبي، مع دعوة ملحة لعدم السفر إلى محيط باقي الحدود مع الأراضي التونسية إلا للضرورة القصوى.
وتأتي التحذيرات البريطانية الأميركية مباشرة بعد إصدار اسبانيا تحذيرا لمواطنيها بعدم السفر إلى ولاية تندوف والمخيمات التي تديرها جبهة بوليساريو بدعم جزائري. كما حثت المتواجدين هناك على المغادرة فورا، مؤكدة وجود احتمال كبير لحدوث عمل إرهابي قد يستهدفهم.
وجاء ذلك وفق آخر تحديث لوزارة الخارجية الإسبانية ضمن التوصيات الأمنية التي تقدمها لمواطنيها بشكل دوري.
وتشير التحذيرات الدولية إلى حالة من عدم الاستقرار وإلى زيادة نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة خاصة في ظل تقارير عن تنامي التطرف في مخيمات تندوف كنتيجة طبيعية لبيئة الاستبداد والتهميش والانتهاكات الواسعة التي ترتكبها بوليساريو بحق سكان المخيمات جنوب الجزائر.
وكانت تقارير سابقة قد حذّرت من أن مخيمات تندوف باتت حاضنة لجماعات متطرفة، بينما أثر الوضع في مالي على استقرار الجزائر اذ تحدثت تقارير عن تسلل متطرفين إلى داخل التراب الجزائري بعد قامت القوات المالية بعمليات تمشيط على اثر سيطرتها على شمال البلاد التي كانت معقلا خاصة للمتمردين الطوارق.
وهذه الجماعات العرقية المسلحة على تواصل مع النظام الجزائري الذي كان وسيطا في اتفاق العام 2015 الذي تحلل منه المجلس العسكري المالي بسبب تدخلات الجزائر في شؤون مالي الداخلية واستقباله قيادات من الطوارق دون تشاور أو تنسيق معه.
وتعلن وزارة الدفاع الجزائرية من حين إلى آخر عن إحباط اعتداء إرهابي أو عن تفكيك خلايا إرهابية أو تسليم مطلوب في قضايا إرهاب نفسه للسلطات، بينما دفعت سابقا بتعزيزات عسكرية إلى مناطق حدودية بينها على طول الشريط الحدودي مع كل من تونس وليبيا.
وعززت مؤخرا من تواجد قواتها على الحدود مع مالي بعد أن اقتربت عمليات القوات المالية ضد المتمردين الطوارق من الحدود الجزائرية. كما دفعت بتعزيزات عسكرية لحماية منشآت النفط والغاز.
وفي فبراير 2013 تعرضت منشأة عين أميناس للغاز في جنوب شرق الجزائر إلى أسوأ هجوم إرهابي تم خلالها احتجاز مئات الرهائن من العاملين الأجانب في المنشأة.
ونفذ الهجوم مسلحون ينتمون لأحد أفرع تنظيم القاعدة عام 2013، كرد فعل على عملية برخان الفرنسية في مالي. وقرر الجيش الجزائري التدخل لإنهاء العملية التي انتهت بمقتل 32 مسلحا و23 رهينة.
وتعيد التحذيرات الغربية من تهديد إرهابي جدّي في ولاية تندوف الواقعة إلى الأذهان سيناريو عين أميناس، إذ شملت التحذيرات الأميركية والبريطانية وقبلها الاسبانية عمليات خطف رعايا غربيين.
وتقع تندوف في الجنوب الغربي للجزائر وتبعد عن العاصمة نحو 1750 كيلومتر وهي قريبة أيضا من الحدود الموريتانية والصحراء المغربية، بينما تكتسب أهمية من موقعها الاستراتيجي. كما تضم قواعد عسكرية جزائرية.
وتضم أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال على مستوى البلاد تم إنشاؤه في العام 2006 وبها مطار تخدمه الخطوط الجوية الجزائرية، كما تربطها طرق صحراوية ببقية أنحاء الجزائر.
ومنذ 1975 تضم المخيمات في تندوف سكانا صحراويين أغلبهم محتجزون تحت حراب بوليساريو التي تتاجر بقضيتهم وترتزق من معاناتهم من خلال مساعدات وتمويلات دولية يفترض أنها مخصصة لسكان المخيمات لكن معظمها يجري تحويل وجهتها وفق تقارير دولية.