المغرب أول مصدر للفوسفاط …أين الثروة المغربية ؟
قبل أربعين سنة قيل أن أموال الفوسفاط ستعود على كل مغربي ب20 درهما يوميا….
اليوم وبعد مرور هذا العمر نكتشف أن 3 ملايين مغربي سيدخلون نادي الفقر من أوسع أبوابه، في الوقت الذي تحقق فيه مداخيل الفوسفاط مكاسب تاريخية، وغير مسبوقة، بفعل تضاعف سعر هذه المادة التي تتحكم في الأمن الغذائي لعدد من الدول.
من حق المغاربة أن يعرفوا إذن أين تذهب ثروات هذا البلد، كما قال ملك البلاد حين تساءل ذات يوم أين الثروة دون أن نحصل على جواب.
كما من حقهم طبعا أن يطلعوا على أوجه صرف العوائد المتأتية من تصدير هذا الفوسفاط الذي نسمع به فقط.
هذا الحق فضل رئيس المجلس الأعلى للحسابات السابق، وللأسف، أن يسقطه بتبرير غير مقنع، بعد حجبه لمضمون التقرير الذي أعد حول المكتب الشريف للفوسفاط، مكتفيا بتقديم خلاصة إنشائية أمام لجنة مراقبة المالية بدعوى أن نشر معطيات “ذات حساسية” بشان أنشطة المكتب، واحتياطيات الفوسفاط يمكن أن تستغل من طرف منافسيه؟؟؟؟.
اليوم من حق المغاربة أن يرفضوا سياسية شد الحزام التي تفرض عليهم حكومة بعد أخرى بداعي الأزمة، و الوضع الصعب لميزانية الدولة.
هذا في وقت تسيل فيه الملايير من صفقات مشبوهة ويواصل الفساد الكبير افتراس جزء مهم من الناتج الخام للبلاد ومعه مستقبل العباد.
لقد كنا نعيب في السابق عدم التفاعل مع تقارير المجلس الأعلى رغم المجهود الذي يبذله في رصد الثقوب الكثيرة التي تسمح بتبديد مدخرات هذا الوطن وثرواته.
لكن اكتشفنا بأن المجلس خانته الشجاعة والجرأة، و تورط في تكريس “الطابوهات” والخطوط الحمراء، بعد حجب معلومات مهمة ومطلوبة، ليس فقط عن المغاربة، بل عن نواب برلمانيين ضمن لجنة يبقى من صميم اختصاصها النبش في مثل هاته الملفات.
ما وقع يبين باختصار أن أهم ثروة للمغاربة وهي الفوسفاط لازالت “علبة سوداء” يمنع الاقتراب منها أو طرح الأسئلة عن كيفية تدبير أرباحها.
هذا رغم أننا نتحدث عن بلد هو أكبر مصدر ومنتج للفوسفاط في العالم.
الأمر يتعلق بحقيبة للدولة تصرف منها كيفما تشاء حتى في زمن الأزمة والغلاء الذي جعل الناس تنزل للشارع للاحتجاج .
لقد كان تبرير جطو بمثابة جدار عال يكرس المزيد من السرية والتحفظ على كيفية إدارة أهم ثروة للمغاربة.
كما كان بمثابة قتل رحيم لمهمة رقابية استغرقت ثلاث سنوات، و علقت عليها آمال كبيرة لإخراج هذه المؤسسة إلى ضوء الشفافية، والقطع مع ما قال عدد من البرلمانيين أنها “ادعاءات تلاحقها”.
اليوم يتبين من جديد أن مشكلتنا ليس في الثروة، بل في احتكارها والاستحواذ عليها.
مشكلتنا أن هناك نية لإبقاء عدد من المؤسسات والشركات العمومية التي تتحكم في ميزانيات فلكية خارج أي رقابة فعلية، وبالتالي يبقى السؤال الكبير معلقا….
أين الثروة….؟