برلمانات جنوب-جنوب تشيد بالمبادرة المغربية لتعزيز الولوج للأطلسي
عبّر رؤساء الوفود الوطنية والاتحادات البرلمانية العربية والأفريقية والأميركو-لاتينية، المشاركين في “المؤتمر البرلماني للتعاون جنوب-جنوب”، عن إشادتهم بمبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، معبرين عن رفضهم النزعات الانفصالية والمس بسيادة الدول والتدخل بشأنها الداخلي.
وأكد المشاركون في بيان صدر اليوم الجمعة في ختام أشغال المؤتمر الذي نظمه مجلس المستشارين برعاية الملك محمد السادس على “الضرورة الملحة لمعالجة الخصاص الكبير في البنيات التحتية والاستثمارات بمنطقة المحيط الأطلسي في أفريقيا”، مثمنين الدور الريادي الذي يلعبه المغرب بقيادة الملك محمد السادس، في إطلاق ودعم كل المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى دعم التعاون جنوب-جنوب.
وأبرزوا في هذا السياق، أن المبادرة الأطلسية للعاهل المغربي، والتي تهدف إلى خلق إطار مؤسساتي متين يوحد بلدان القارة الـ23 المطلة على المحيط الأطلسي، “من شأنها جعل الواجهة الأطلسية للمغرب منطلقا لتعزيز الربط اللوجيستي على المستويات البحرية والجوية لتسهيل تبادل السلع”.
وأضافوا أنه من شأن هذه المبادرة أيضا تأهيل آليات التدفقات الاستثمارية في دول الجنوب وتقريب السلاسل الانتاجية المدرة للثروة من مصادر المواد الأولية، خاصة في الفضاء الجيو اقتصادي الأفريقي- العربي -الأميركولاتيني الذي تتركز فيه الموارد والمواد الأولية العالمية.
ودعا المشاركون في هذا الصدد، إلى “استلهام مثل هذه المبادرات من أجل تقوية التنسيق والتعاون والتضامن جنوب-جنوب بين بلدان أفريقيا والعالم العربي وأميركا اللاتينية والكراييب على المستويات الثنائية” وكذا “تعزيز آليات الاندماج الإقليمي وسبل التعاون البيني وخصوصا في المجالات المرتبطة بضمان السيادة والأمن الغذائي والطاقي والصحي والتبادل الاقتصادي والتنمية المستدامة والتنسيق والتشاور المستمر عبر قنوات مؤسساتية دائمة”.
وتندرج المبادرة المغربية الأطلسية ضمن سياسة جنوب – جنوب التي ستمكن دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي واستغلال الموانئ البحرية لتحقيق ديناميكية اقتصادية وأمنية متفردة.
وجرى الإعلان عن هذه المبادرة في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء الذي أكد فيه أن “المشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة”.
وانضم إلى المبادرة المغربية بشكل رسمي كل من النيجر وتشاد، وبوركينافاسو، ومالي، فيما تؤكد الرباط أن موريتانيا هي أيضا جزء أساسي. وبعد زيارة رئيس الوزراء النيجري علي محمد لمين زيني، إلى المغرب، يقول الإعلام في النيجر، والمنطقة، إن “المبادرة المغربية تتحرك”.
وأكد البيان الختامي على أن “التحديات الكبرى المشتركة للإنسانية اليوم، تستدعي بناء نظام عالمي جديد للتعاون مبني على أسس عادلة ومنصفة لكل دول العالم وفي طليعتها دول الجنوب، حيث ندعو المجتمع الدولي للانخراط العاجل في تعزيز الثقة في مسارات التعاون التنموي العالمي وتقوية التضامن الدولي من أجل ضمان تحول تنموي عميق بدول الجنوب وتقليص الهوة الاقتصادية مع دول الشمال”.
وشدد على أهمية تضافر جهود جميع الدول من أجل “تعزيز الاستقرار العالمي بجميع جوانبه كأساس للسلام الدائم”، إلى جانب تأكيد المشاركين على “ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان عالم مستقر وخال من المخاطر التي تشكلها الحروب والنزعات الانفصالية”، مسجلين أي تدخل في شؤون الدول الداخلية “يعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حسن الجوار مع التشديد على أهمية احترام وحدة وسيادة الدول وسلامة أراضيها وحل النزاعات بالطرق السلمية”.
وأعرب المشاركون عن إدانتهم “لتصاعد أعمال العنف في قطاع غزة والضفة الغربية وما يسببه من خسائر بشرية” مشددين على “ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي”.
كما أعربوا عن “رفضهم للتهجير القسري للفلسطينيين ودعوا إلى ضمان تدفق كاف وآمن وسلس للمساعدات الإنسانية الموجهة للمدنيين في قطاع غزة”.
كما أكد المؤتمر في بيانه الختامي على ضرورة تقوية عمل البرلمانات العربية والأفريقية والأميركولاتينية وضمنها مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة بتعدد مكوناتها وغنى تركيبتها، “بغاية تعزيز رقابتها على أداء الحكومات ومدى التزامها بتنفيذ التعهدات الوطنية والدولية، والاضطلاع بدورها في سن التشريعات التي من شأنها تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين إفريقيا والعالم العربي وأميركا اللاتينية وبلدان الجنوب على العموم”.
ونوه المشاركون والمشاركات بالجهود التي باشرها مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، “من أجل مواصلة هذا الحوار البرلماني ومأسسته عبر آليات مؤسساتية دائمة اعتبارا لأهميتها في استكشاف سبل وإمكانيات الاندماج الجهوي وتعزيز التعاون جنوب ـ جنوب، وفق منظور استراتيجي تنموي تشاركي وتكاملي وتضامني، يرتكز على تمتين نسيج المصالح الاقتصادية والتجارية والروابط الإنسانية بين البلدان بكل من أفريقيا والعالم العربي ومنطقة أميركا اللاتينية والكراييب، وكذا آلية للترافع البرلماني عن القضايا المشتركة، ومجابهة التحديات المطروحة، وإسماع صوت شعوب الجنوب في مختلف المحافل الدولية”.
وشكل هذا الحدث البرلماني الرفيع الذي انعقد يومي 15 و16 فبراير بالرباط لاستكشاف الفرص التنموية المشتركة، والتعريف بالروابط الثقافية بين أفريقيا والعالم العربي وأميركا اللاتينية، وكذا التفكير والتفاعل الجماعي حول مختلف المبادرات التي يمكن أن تسهم بها الدبلوماسية الموازية في دعم بناء نموذج شراكة تضمن لشعوب دول الجنوب الأمن والاستقرار والكرامة الإنسانية.
وناقش المشاركون في المؤتمر، على مدى يومين، مواضيع ذات صلة بـ”تحقيق التحول الاقتصادي والتكامل الإقليمين والتنمية المشتركة: أهمية السياسات المرتبطة بتعزيز الشراكات الاستراتيجية وتشجيع الاستثمار والتكنولوجيا والبنيات الأساسية وتعزيز القدرات التنافسية”، و”ثلاثية التنمية المستدامة – الطاقة – البيئة”.