تبون يعلن إنشاء منطقة حرة لتدارك مسار الشراكة المغربية مع دول الساحل
لا يُخفي الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، مساعيه لتدارك مسار الشراكة الجديدة بين المغرب ودول منطقة الساحل، التي تنبني على منحها إطلالة على المحيط الأطلسي، حيث أعلن الثلاثاء، إحداث ما أسماها “منطقة للتبادل الحر” بين بلاده ودول موريتانيا ومالي والنيجر، بالإضافة إلى ليبيا وتونس.
ونقل بيان عن رئاسة الجمهورية عن تبون قوله إن “الجزائر ستعرف في 2024 إنشاء مناطق حرة للتبادل بينها وبين أشقائها، بداية بموريتانيا الشقيقة، ثم دول الساحل، مالي والنيجر، بالإضافة إلى دولتي تونس وليبيا”.
وتابع تبون في كلمة ألقاها بتقنية الفيديو كونفرانس، بمناسبة الاجتماع الـ 41 للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي (نيباد)، أن بلاده تتمسك “بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتكامل القارّي وتؤكد على أهمية العمل لتحسين مستوى كفاءة عمليات التكامل الاقتصادي الأفريقي”.
و”نيباد” هي مختصر ترجمة تعني “الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا”، تتضمن رؤية الاتحاد الإفريقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة الإفريقية، وتضم أعضاء الاتحاد الإفريقي الـ55.
وأضاف الرئيس الجزائري “يتعلق هذا التكامل خاصة بتحسين البنية التحتية من خلال زيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من الموارد الوطنية، إضافة إلى استخدام صناديق تطوير البنية التحتية الإقليمية والعالمية وغيرها من أدوات التمويل المُبتكرة. وتحسين الشبكات الإقليمية للإنتاج والتجارة من خلال تعزيز القدرات الإنتاجية. واستمرار المساعي لتعزيز دور القطاع الصناعي والانخراط في سلاسل القيمة المضافة عالميًا، عبر تحفيز تنوع الصناعات الأفريقية.”
وذكر تبون في كلمته أن ” الجزائر تولي أهمية بالغة للاستثمار في البُنى التحتية والمنشآت القاعدية”.
وأضاف “الجزائر أطلقت أيضا مشروع شبكة الألياف البصرية المحورية العابرة للصحراء لتطوير الاقتصاد الرقمي الإقليمي في منطقة الساحل. كما أطلقنا كذلك مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الرابط بين نيجيريا والجزائر وصولا إلى أوروبا، بالإضافة إلى مشروع تطوير شبكة النقل بالسكك الحديدية عبر التراب الوطني والتي يُمكن أن تمتد إلى دول الجوار وفق منظور الطريق العابر للصحراء”.
ودعا الرئيس الجزائري “إلى ضرورة المزيد من حشد الموارد البشرية والتقنية والمالية من أجل تنفيذ المشاريع القارية الرائدة لأجندة أفريقيا التنموية لعام .2063 إلى جانب تعزيز الجهود لتحقيق التكامل والاندماج القارّي بما في ذلك العمل على تسريع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرّة القارّية”.
ويمثل هذا التحرك من طرف تبون، محاولة لمجاراة المبادرات المغرببية، بعد المبادرة الدولية التي أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس، في السادس من نوفمبر الماضي، خلال خطابه في الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، حين تحدث عن تمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي، وهي المبادرة التي أعلنت 4 دول الانخراط فيها رسميا، وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.
وأدت تلك المبادرة إلى إحداث تقارب كبير بين الرباط وباماكو ونيامي، في الوقت التي تدهورت فيه العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الجزائر وجارتيها مالي والنيجر، حيث يتهم قصر المرادية بمحاولة فرض مسارات سياسية انتقالية على البلدين، بل إن الماليين تحديدا اتهموه بضرب استقرارهم، من خلال استقبال حركات انفصالية.
وبدا واضحا من خلال تصريحات تبون، محاولته تدارك تأخر بلاده أمام المغرب، إثر سلسلة الانقلابات التي عرفتها منطقة الساحل، والتي أتت بقيادات جديدة لتدبير المرحلة الانتقالية، وهو ما أدى إلى إعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو مغادرة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “سيدياو” بأثر فوري.
ويشكل مُضي المغرب، إلى جانب دول الساحل، قدما في مبادرة الوصول إلى الأطلسي، توجيه ضربة استراتيجية للجزائر، إذ سيكون محيطها المباشر قد اعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، من أجل الحصول على منفذ قار عبر ميناء الداخلة الجديد، وهو ما يفسر محاولات الحكومة الجزائرية، نهاية السنة الماضية، الضغط عليها ماليا من خلال وقف اتفاقيات القروض مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو.