النيجر تنفتح على شراكة إستراتيجية مع المغرب

بعد إعلان انخراط بلاده في مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس لتمكين مجموعة دول الساحل الأفريقي من الاستفادة من المحيط الأطلسي يقود رئيس وزراء النيجر علي مهمان لامين زين وفدا رفيع المستوى في زيارة رسمية إلى الرباط، وهو ما يؤسس لشراكة إستراتيجية بين البلدين ويربك الجزائر المتوجسة من المبادرة.

ووفق ما أعلنته حكومة نيامي، فإن رئيس الوزراء، الذي يحمل أيضا صفة وزير الاقتصاد والمالية، يقود وفدا رفيع المستوى يشمل وزير الدولة المكلف بالدفاع الوطني، ساليفو مودي، ووزير الخارجية، بكاري ياو سانغاري، ما يؤكد ثقل الزيارة على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري.

وتعد هذه أول زيارة يقوم بها أعضاء الحكومة النيجرية إلى المغرب منذ إعلان وزير خارجيتها، من مدينة مراكش، في 23 ديسمبر 2023 انضمام نيامي إلى المبادرة الدولية، التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز ولوج مجموعة دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

◙ على عكس ما قامت به الجزائر وممارستها الضغوط المكثفة على نيامي، التزم المغرب الحياد تجاه مشاكل النيجر الداخلية

وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن زيارة رئيس وزراء النيجر يمكن فهمها انطلاقا من الدور الاستثنائي الذي يلعبه المغرب في بناء الاستقرار والأمن في منطقة الساحل، كما أن موقف المغرب من الأحداث في النيجر كان موقفا عقلانيا يستند إلى قراءة رصينة وبعيدة النظر لواقع التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة.

وأوضح الطيار في تصريح لـه أن “موقف المملكة كان مغايرا للموقف الفرنسي والجزائري وأغلب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وهي مواقف لم تستطع استيعاب المتغيرات الحاصلة، في حين أثبت المغرب أنه شريك مضمون وقراراته راسخة وتمتاز بطابع الاستمرارية والثبات والمصداقية”.

ووجهت نيامي بوصلتها نحو الرباط حيث انضمت إلى المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس للسماح للنيجر، إلى جانب مجموعة دول الساحل، بالولوج إلى المحيط الأطلسي باعتباره متنفسا اقتصاديا وأيضا سياسيا لهذه الدول، وفي اليوم التالي لهذا الإعلان استقبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف نظيره النيجري بكاري ياو سانغاري بالجزائر العاصمة.

ويتخوف الجزائريون من أن تنجح الرباط في تطويق بلادهم من خلال مبادرة الأطلسي الهادفة إلى تمكين دول الساحل والصحراء من الانفتاح على الواجهة الأطلسية، ووجدت تفاعلا كبيرا من بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، في وقت فشلت فيه الدبلوماسية الجزائرية في كسب ثقة القيادة الجديدة التي تولت حكم النيجر، وكذلك مالي.

 

محمد الطيار: انفتاح النيجر على الشراكة مع المغرب ستتعامل معه الجزائر كتهديد لمصلحتها
محمد الطيار: انفتاح النيجر على الشراكة مع المغرب ستتعامل معه الجزائر كتهديد لمصلحتها

 

واستفاقت الجزائر بشكل متأخر على ضرورة ضخ الاستثمارات من أجل كسب ثقة دول الجوار بعد التوتر مع مالي وزيارة وفد نيجري رفيع المستوى إلى المغرب وما ستؤسس له الزيارة من اتفاقيات.

وقال وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب لمجلة “الجيش” إن الجزائر ستستثمر 442 مليون دولار في مشروعات بمجال الطاقة في بلدان مجاورة منها ليبيا والنيجر ومالي.

وأضاف الوزير أن الاستثمارات ستغطي الفترة ما بين 2024 و2028 بهدف زيادة إنتاج البلد العضو في أوبك من النفط والغاز.

لكنْ من الواضح أن التعهد الجزائري جاء متأخرا، ولا يمكن أن تغير مالي أو النيجر علاقتهما الاقتصادية مع المغرب لمجرد تعهد جزائري ليس ثمة ما يضمن تنفيذه.

وتربط بين المغرب والنيجر علاقات وطيدة قائمة على التضامن والدعم المتبادل، ولم يسبق للنيجر أن اعترفت بالجمهورية الوهمية لبوليساريو. كما كانت أيضاً من الدول الأولى التي دعمت وأيدت عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي.

وعلى عكس ما قامت به الجزائر وممارستها الضغوط المكثفة على نيامي، التزم المغرب الحياد تجاه مشاكل النيجر الداخلية، مؤكدا أنه “واثق من حكمة الشعب والقوى الفاعلة في النيجر للحفاظ على المكتسبات، والحفاظ على دورها الإقليمي البنّاء المهم، والعمل على تحقيق تطلعات الشعب”.

وراسلت الجزائر الجنرال عبدالرحمن تياني، رئيس السلطة الانتقالية في النيجر، بخصوص خط الغاز الذي دخل مرحلة جمود، مطالبة بمعرفة مصير مشروع خط الغاز، لكن الأمور أصبحت أكثر صعوبة بعد التوتر الذي حصل إثر تكذيب نيامي خبر قبولها بعرض الوساطة الذي قدمه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في أكتوبر العام الماضي.

كما أوفدت الجزائر إلى النيجر الأسبوع الماضي المدير العام للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، اللواء المتقاعد عابد حلوز، للقيام بـ”مهمة عمل”.

واعتبر الطيار أن “انفتاح النيجر على الشراكة مع المغرب ستتعامل معه الجزائر كتهديد لمصلحتها، وإشارة إلى سعي المغرب لتطويقها من حدودها الجنوبية، ما سيعمق الأزمة السياسية والدبلوماسية التي تشهدها علاقات الجزائر مع النيجر ودول الساحل والصحراء الأخرى ولو بدرجات متفاوتة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: