دبلوماسية برلمانية تعزّز الشراكة الثنائية بين المغرب وموريتانيا
أكد مجلسا النواب المغربي والموريتاني بنواكشوط على الدور البارز الذي تؤديه لجنتا الصداقة بالمؤسستين التشريعيتين في تعزيز العلاقات البرلمانية ومد جسور التعاون المثمر والارتقاء بالعلاقات بين البلدين.
وجاء ذلك في بيان ختامي مشترك صدر عقب زيارة عمل قام بها رئيس مجلس النواب المغربي راشيد الطالبي العلمي على رأس وفد نيابي هام إلى نواكشوط (9 – 10 فبراير)، وذلك بدعوة من رئيس الجمعية الوطنية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، محمد بمب مكت.
وأشار البيان إلى أن الطرفين أوصيا بتنمية التعاون في مجال العلاقات البرلمانية من خلال تبادل التجارب والخبرات في ميادين التشريع والتكوين والاتصال السمعي البصري والدبلوماسية البرلمانية وتقنيات التواصل الإداري البرلماني.
وجدد الطرفان، حسب المصدر ذاته، التأكيد على ضرورة تجسيد “المنتدى البرلماني الموريتاني – المغربي” في أقرب الآجال ليشمل كذلك مشاركة ممثلي السلطة التنفيذية ورجال الأعمال والخبراء في البلدين.
وأكد راشيد الطالبي العلمي أن “اللقاء مع الوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال تمحور حول سبل تعزيز العلاقات بين المغرب وموريتانيا، وكذلك حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك،” لافتا إلى أن “البلدين يمكن لهما أن يستفيدا من أوجه التكامل في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية، لاسيما وأن موريتانيا تزخر بموارد بشرية وطبيعية هامة”.
وأضاف أن “العالم يتحرك بسرعة وبوتيرة مرتفعة، وأن الطموح هو أن تكون موريتانيا والمغرب مؤثرتن على الصعيد الدولي، من خلال خلق شراكات جديدة في تكتلات العالم الجديد، واستخدام مواردهما المادية والبشرية لصالح الشعبين”.
من جهته تعهد رئيس البرلمان الموريتاني بأن “يتم تجسيد مخرجات هذه اللقاءات على أرض الواقع، خاصة في ما يتعلق بالمنتدى البرلماني الموريتاني – المغربي، من خلال التعاون مع الحكومة ورجال الأعمال في البلدين، وأن هذه الخطوة تأتي في إطار توطيد العلاقات التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين وتعزيزها”.
وأفاد محمد سالم عبدالفتاح رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “الدبلوماسية البرلمانية تنطلق من رؤية إستراتيجية للمملكة التي تروم التأسيس لشراكات اقتصادية كبرى مع بلدان الساحل وموريتانيا، بما يعود بالنفع على كافة بلدن المنطقة، وتحصين المكتسبات من خلال الانفتاح على جواره الإقليمي والعمق الأفريقي الذي يتضمن موريتانيا ومنطقة الساحل”.
وأكد أن “نواكشوط مهتمة بما يقوم به المغرب الذي يؤسس لمشاريع إستراتيجية كبرى من قبيل مشروع الربط القاري الذي يعزز موقع المغرب كبوابة للقارة الأفريقية، فضلا عن مشروع مبادرة أفريقيا الأطلسية التي تروم تعزيز الاندماج الاقتصادي ما بين بلدان الساحل الأفريقي الأطلسي، وكذلك أنبوب الغاز المغربي – النيجيري الذي من شأنه أن يحقق الأمن في مجال الطاقة لكافة البلدان المعنية ومنها موريتانيا”.
وأجرى الطرفان خلال هذه الزيارة محادثات معمقة تناولت أوجه التعاون بين الهيئتين التشريعيتين لتعزيز هذه العلاقات حتى ترقى إلى مستوى الإرادة لقائدي البلدين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، اللذين يسعيان إلى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى الإستراتيجي.
وتم في مطلع فبراير الجاري تشكيل مجموعة صداقة برلمانية موريتانية – مغربية ضمت حوالي 20 نائبا يمثلون مختلف القوى السياسية الموريتانية، ما بين أغلبية ومعارضة، حيث أشاد السفير المغربي بنواكشوط، حميد شبار بهذه الخطوة، معتبرا إياها ستساهم في مواكبة الديناميكية الإيجابية بين البلدين.
وتعتبر موريتانيا شريكا في المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي وتفتح الباب أمام المزيد من التعاون بين البلدين الجارين، حيث تشترك نواكشوط مع المملكة في الواجهة الأطلسية التي توفر فرصا كبيرة لتعاون حقيقي بين بلدان الجنوب بشكل عام.
ويشدد المغرب وموريتانيا على أن التعاون البرلماني والدبلوماسي والأمني يجب أن يدعم المجال الاقتصادي لبلوغ مستوى جديد في قطاعات مثل الطاقة والزراعة والمياه، من أجل الارتقاء إلى مستوى تطلعات قائدي البلدين.
واعتبر عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء عبداللطيف كمات، في ندوة علمية، أن “القطب المكون من المغرب وموريتانيا في شمال أفريقيا يتمتع بموقع إستراتيجي حساس يدفع البلدين إلى التعاون أكثر للمساهمة في التنمية والاندماج الاقتصادي الأفريقي، حيث تمكن الجغرافيا والعلاقات الممتدة عبر التاريخ وعدد من المؤهلات البلدين من أن يلعبا دورا محوريا في التنمية للقارة الأفريقية”.
واستعرض خبراء في الاقتصاد والعلاقات الدولية عددا من القطاعات الإستراتيجية التكاملية بين المغرب وموريتانيا، التي لها آفاق واسعة بالنسبة إلى البلدين والقارة الأفريقية تهم الطاقات المتجددة والاقتصاد الأزرق، نظرا إلى امتداد المحيط الذي يجمع البلدين، إلى جانب الاقتصاد الأخضر.