الجزائر تعزز علاقتها بموريتانيا تحسبا للتوترات الإقليمية

قام وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بزيارة إلى موريتانيا، أين التقى وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، واستقبل من طرف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وسلمه رسالة خطية من الرئيس عبدالمجيد تبون.

وتأتي هذه الزيارة في سياق حركية لافتة بين البلدين، حيث سبق لوزير خارجية ورئيس مجلس النواب الموريتانيين زيارة الجزائر منذ أيام. كما تندرج الزيارة في إطار جولة إقليمية لرئيس الدبلوماسية الجزائرية هادفة إلى تحسين العلاقات مع دول الجوار وكسر ما بدا أنه مسار للعزلة تعيشه الجزائر بسبب توتر علاقاتها الإقليمية.

وصرّح عطاف بأن العلاقات الجزائرية – الموريتانية تعيش أبهى مراحلها التاريخية، خاصة وأنها تتعزز بمشاريع اندماجية وتكاملية بين البلدين، بإمكانها خلق حركية اقتصادية واجتماعية على خط الجزائر –  نواكشوط.

◙ الجزائر تولي أهمية كبيرة لتطوير علاقاتها مع موريتانيا، حيث تم الاتفاق على تأسيس آلية مشتركة للتشاور السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والأمني

وجاءت زيارة رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى موريتانيا في إطار جولة إقليمية لعدة عواصم إقليمية على غرار تونس وطرابلس، أين نقل رسائل خطية من طرف الرئيس تبون، مما يترجم رغبة الجزائر في تحريك محاور الجوار لبلورة مقاربة مشتركة بغية مواجهة التحديات القائمة، لاسيما دخول قوى إقليمية على خط النفوذ في المنطقة.

ويبدو أن الجزائر المنزعجة من حملة مناهضة لها، بقيادة المجلس العسكري الحاكم في مالي، خاصة بعد إعلان المجلس إنهاء العمل باتفاق السلم والمصالحة، واتهام الجزائر بـ “رعاية الإرهاب والتدخل في شؤون بلدهم الداخلية”، تريد تطويق الأزمة في إطار محدود، وبلورة مقاربة بين دول الجوار، قياسا بما تراه “مغامرة تهدد أمن مالي ووحدتها والمنطقة عموما”.

ويقول مراقبون إن رهان الجزائر على موريتانيا هدفه تأمين الطريق إلى غرب أفريقيا ومنافسة المغرب، وهو ما يفسر حرص الجزائر على الاستمرار في إنجاز طريق برية بمسافة تقارب 800 كيلومتر، ويهدف إلى تقليص التباسات حركة الأفراد والمركبات التي كانت تضطر إلى قطع جزء من رحلاتها في إقليم الصحراء.

يشار إلى أن هذا الطريق البري الطويل يمر عبر مناطق ذات تضاريس وعرة تحدّ من تنقل القوافل التجارية بين البلدين. كما أن معالم جزء من الطريق تختفي عند هبوب الزوابع الرملية، لاسيما في ظل وجود مسافة طويلة لم يتم تعبيدها، ودون بنية تحتية أو مرافق لاستراحة السائقين.

وفي تصريح لأحمد عطاف عقب استقباله من الرئيس الموريتاني قال إن “زيارته إلى موريتانيا، التي استغرقت يومين، تندرج في إطار الطموح المشترك الذي يحدو قائدي البلدين في تعزيز العلاقات الجزائرية – الموريتانية، والارتقاء بها إلى أسمى المصاف”.

وأشار إلى “حرص قائدي البلدين على المساهمة في كل ما يدعم استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة وفي الجوار الإقليمي، وأن العلاقات الثنائية تعيش أبهى مراحلها التاريخية تطورا وحركية، لاسيما في سياق المشاريع التكاملية والاندماجية”.

ولفت إلى أن “الجزائر وموريتانيا تتقاسمان انشغالا عميقاً إزاء ما يحيط بهما من توترات في بيئة إقليمية مضطربة، إلى جانب التطورات الخطيرة التي تشهدها القضية الفلسطينية، خاصة الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، وأن البلدين يعملان على تكثيف جهودهما المشتركة من أجل التأثير بصفة إيجابية على مجريات الأمور لما فيه خير بلدان وشعوب جوارهما الإقليمي”.

◙ زيارة عطاف إلى موريتانيا تترجم رغبة الجزائر في تحريك محاور الجوار لبلورة مقاربة مشتركة بغية مواجهة التحديات الإقليمية

ولم يستبعد مراقبون في المنطقة أن تكون الزيارة قد حملت ردا للرئيس الموريتاني على رسائله التي وجهها في وقت سابق لكل من قادة تونس والجزائر والمغرب وليبيا والسودان ومصر، ويرجح أن تكون قد تمحورت حول الوضع في الشرق الأوسط والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفي منطقة الساحل الأفريقي، فضلا عن طموح نواكشوط لتولي رئاسة الاتحاد الأفريقي.

وتطمح موريتانيا إلى تولي رئاسة الاتحاد الأفريقي، بدعم من الدول العربية في شمال القارة السمراء، عند انعقاد القمة السابعة والثلاثين لرؤساء دول الاتحاد، المقررة في 17 و18 فبراير الجاري بأديس أبابا، الأمر الذي يترجم النشاط الدبلوماسي والحركية المتصاعدة بين الطرفين في الآونة الأخيرة.

وتعززت الحركية الاقتصادية بين الجزائر وموريتانيا بعدة مشاريع تكاملية كبعث خطوط تجارية بحرية وجوية وبنوك، والاستعداد لفتح أول معبرين بريين ثابتين، وإطلاق منطقة للتبادل التجاري الحر، وتشييد طريق بري بطول نحو 800 كلم، إلى جانب تنفيذ مذكرات تفاهم في مجالات التعليم العالي والتدريب والطاقة.

وتولي الجزائر أهمية كبيرة لتطوير علاقاتها مع موريتانيا، حيث تم الاتفاق على تأسيس آلية مشتركة للتشاور السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والأمني، خاصة في ظل التوترات التي تعيشها المنطقة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: