الأصالة والمعاصرة المغربي يطوي صفحة عبداللطيف وهبي وسط غموض بشأن خليفته
أعلن الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة” في المغرب عبداللطيف وهبي، مساء الجمعة، عدم نيته الترشح لقيادة الحزب لولاية ثانية، وسط غموض بشأن هوية من يقود دفته خلال السنوات الأربع المقبلة.
وكشف وهبي عن قراره في كلمة تشبه خطبة الوداع في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي انطلق مساء الجمعة بمدينة بوزنيقة جنوب العاصمة الرباط، قائلا “أعلنها أمامكم، لن أترشح لولاية ثانية”.
وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حضور عدد من الشخصيات السياسية والحكومية، على رأسها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وإدريس لشكر الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، ونبيل بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وشخصيات نقابية وسفراء بعض الدول بينهم سفير دولة فلسطين.
وقال وهبي الذي يشغل منصب وزير العدل في الحكومة الحالية إن انعقاد المؤتمر في موعده المحدد “هو مجهود وعزم على مواصلة العمل السياسي والحزبي الذي بدأه المؤسسون”.
واعتبر وهبي أن المؤتمر ينعقد في سياق دولي ووطني بالغ الخطورة على حد وصفه، مضيفا أنه مع ذلك هناك استقرار سياسي وديمقراطي، تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، وهو ما مكن المغرب من تحقيق انتصارات أهمها في ما يتعلق بقضية وحدته الترابية.
وأضاف أن “هناك غياب تام للنقاش الفكري والسياسي والعقلاني، وتهريج للنيل من شخصيات سياسية وحكومية، جعلنا نعيش فراغا سيملأه خطاب شعبوي فارغ وسطحي في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأوضح أن الحزب يعاني من “الابتزاز” وأنه “مستعد لذلك في سبيل الوطن والديمقراطية”، معتبرا أن “وحدة الحزب ظلت قوية رغم الضربات”.
ويبدو أن قرار عدم الترشح لولاية ثانية، يعبد الطريق أمام فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني للحزب ووزيرة إعداد التراب الوطني و التعمير و الإسكان و سياسة المدينة في حكومة عزيز أخنوش، للظفر بمنصب الأمين العام، ما لم تحدث مفاجآت في الأمتار الأخيرة من السباق.
وينتظر أن تتم مناقشة التقرير الأدبي والمالي والمصادقة عليهما، فضلا عن انتخاب رئاسة المؤتمر، كما ستنطلق أشغال اللجان بمناقشة الورقة السياسية ومشروع النظام الأساسي.
وسيختتم مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة المنعقد تحت شعار “تجديد الذات الحزبية لضمان الاستمرارية”، مساء اليوم السبت بالإعلان عن الأمين العام الجديد لحزب.
وينعقد المؤتمر الخامس في وقت يمر فيه الحزب بإحدى أسوأ مراحله، جراء الزلزال التنظيمي والسياسي الذي ضربه في الأسابيع الأخيرة، بعد اعتقال اثنين من قادته البارزين في ملف بارون المخدرات الدولي المعروف إعلامياً بـ”إسكوبار الصحراء”، وهما سعيد الناصري رئيس مجلس عمالات الدار البيضاء، وعبدالنبي بعيوي رئيس جهة الشرق، وهو الزلزال الذي جعل المشروع السياسي للحزب ككل محل تساؤل.
وانطلق مؤتمر الأصالة والمعاصرة الخامس، على وقع المطالبة بتغيير القيادة ونهج “التسيير المشترك”، وقد أكدت القيادات السياسية للحزب سعيها صوب طريقة جديدة في التدبير بدل الطريقة المعتادة بانتخاب أمين عام.
وقبل يومين فقط من انطلاق المؤتمر الخامس، كان لافتاً إصدار رئيسة المجلس الوطني للحزب فاطمة الزهراء المنصوري نداء، دعت من خلاله إلى ما وصفته بـ “تجديد النخب” خلال المؤتمر، و”النأي بالحزب عن الشبهات”. وقالت “الشفافية هي أن تكون لنا الجرأة لنقول نريد أن نكون فوق كل الشبهات، ولن يتحمل المسؤولية في صفوفنا إلا أناس بأخلاق عالية ومبادئ صادقة وقناعات صافية. والحزب هو الإيمان القوي بدولة الحق، لا أحد فوق القانون، والقانون هو ضامن العدالة وتكافؤ الفرص”.
ولم يعلن أي اسم، أنه سيترشح لتولي الأمانة العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وسط معلومات بأن الحزب يتجه إلى اعتماد قيادة جماعية تضم ما بين 3 إلى 5 أشخاص، ستسهر على تدبير شؤون الحزب واتخاذ قراراته في المرحلة المقبلة، وذلك في محاولة لـ”تحريك المياه الراكدة” في المشهد كما سماها أحد قادة الحزب لموقع “هسبريس”، معتبرا ذلك “نهجا مختلفا عما هو سائد في الساحة الحزبية”.
من جهة أخرى، أكد وهبي، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن “الأصالة والمعاصرة” حقق قفزة نوعية، سواء في الشأن التنظيمي للحزب أو في العمل الحكومي الذي يدار في مرحلة مهمة وفارقة في تاريخ المغرب.
وأشار إلى أنه مع أعضاء حزبه، حققوا “الكثير خلال الأربع سنوات الماضية، رغم الإكراهات التي توقف فيها النضال المؤسساتي مدة سنتين بسبب جائحة كوفيد-19، والإنهاك الناجم عن ضرورة مواجهة انتخابات تشريعية ومحلية جد ساخنة وغير مسبوقة، بالإضافة إلى تبعات الخروج من مؤتمر مليء بالجراح والاختلافات”.
ولم يفت وزير العدل، في هجومه على الخصوم السياسيين في المعارضة، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية الذي قاد التجربة الحكومية السابقة دون ذكره بالاسم، التأكيد أن “آفة النسيان كانت السبب الكبير في الإساءة إلينا، نسيان أصحاب القرار بالأمس كل ما فعلوه أو لم ينجزوه من موقع تواجدهم داخل القرار الذي نحن فيه، واليوم يحولونه إلى أحكام ضدنا ويتحولون معه إلى خصم وحكم”.