خوسيه ألباريس في مهمة طي صفحة الأزمة مع الجزائر
يحلّ مطلع الأسبوع، وزير الخارجية الإسباني، بالجزائر في زيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع القطيعة بين البلدين، بعد إعلان الجزائر في صائفة العام 2022 تعليق العمل باتفاقية الشراكة وحسن الجوار. ويعوّل على الزيارة التي تأتي بدعوة من وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، لطي صفحة الأزمة بين الطرفين والعودة إلى الوضع الطبيعي، الذي بدأت مؤشراته تلوح في الأفق منذ عدة أسابيع.
ويؤدي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، بداية من الإثنين زيارة عمل للجزائر، بدعوة من نظيره أحمد عطاف، لتكون بذلك أول نشاط رسمي حكومي بين البلدين بعد عام ونصف من القطيعة المثيرة للجدل، وينتظر أن تكون إعلانا بعودة علاقات الطرفين إلى الوضع الطبيعي الذي كان سائدا قبل شهر جوان 2022.
ونقل عن بيان رسمي لوزارة الخارجية الإسبانية، بأن “الوزير خوسيه مانويل ألباريس، سيقوم بزيارة عمل إلى الجزائر يوم الإثنين، وهي الزيارة التي ستكون فرصة لاستعادة العلاقات بين البلدين التي تضررت منذ يونيو 2022”.
وسبق لوسائل إعلام في البلدين، أن تداولت موضوع الزيارة، التي يعول عليها لاختراق حاجز الأزمة المثيرة للجدل، قياسا بتداعياتها السلبية على المبادلات الاقتصادية والتجارية، رغم الحفاظ على التزامات ضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا بعد القرار القاضي بوقف العمل على الخط المار عبر التراب المغربي.
ومنذ أسابيع تحدثت تقارير عن تطبيع هادئ يمهد لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، بعد رفع الجزائر تدريجيا الحظر على المبادلات الاقتصادية والتجارية. وتم تجديد معاملات واتفاقيات بين مؤسسات إسبانية وموردين جزائريين، لتزويد السوق الجزائرية بمختلف المواد.
تعيين الدبلوماسي عبدالفتاح دغموم، لشغل منصب سفير الجزائر في إسبانيا، كان قد مهد لطي صفحة القطيعة
وكان تعيين الدبلوماسي عبدالفتاح دغموم، لشغل منصب سفير الجزائر في إسبانيا، واعتماده سريعا من طرف حكومة بيدرو سانتشيز، قد مهد لطي صفحة القطيعة بين البلدين، وعودة الوضع الطبيعي بين البلدين المتجاورين على ضفتي حوض المتوسط.
وهي الخطوة التي توجت قرار الحكومة الجزائرية، القاضي بتوجيه مذكرة للجمعية المهنية للمؤسسات المصرفية والمالية، تقضي بتوطين عمليات التحويل المالية الموجهة لاستيراد مواد تسمين الدجاج وصغار الحضنة مثل الصيصان وبيض التفريخ من دولة إسبانيا.
وهو الأمر الذي أنهى أكثر من عام ونصف من القطيعة بين البلدين، مما أضفى أزمة مضاعفة لديهما، فمن الجانب الإسباني تكبدت المؤسسات التي كانت تغطي الأسواق الجزائرية خسائر معتبرة، في حين سجلت انفلاتا غير مسبوق في الجزائر أدى إلى ارتفاع كبير لأسعار الدجاج والبيض بسبب ارتفاع كلفة الاستيراد من بريطانيا والمجر.
وكانت الأزمة الجزائرية – الإسبانية، قد ألقت بظلالها على المنطقة، وساهمت في توتر لافت بينها وبين مجموعة الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى تعطيل وإرجاء العديد من المواعيد والأجندات الثنائية، بسبب انحياز الاتحاد لصالح إسبانيا باعتبارها عضوا من المجموعة، وترجيحه لكفة التضامن السياسي والاقتصادي على حساب الاتفاقيات الثنائية رغم طابعها الإستراتيجي.
الأنظار تتوجه إلى ما ستسفر عنه الزيارة، وتطرح الاستفهامات عن الطرف الذي سيقدم التنازلات للآخر صيانة للعلاقات الطبيعية
وتتوجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه الزيارة، خاصة فيما يتعلق بالسبب الرئيسي الذي أثار الأزمة بين البلدين، وهو الموقف من مقاربة حل نزاع الصحراء بين المغرب وجبهة بوليساريو، وتطرح الاستفهامات عن الطرف الذي سيقدم التنازلات للآخر صيانة للعلاقات الطبيعية، ويطرح الاستفهام عما إذا كانت مدريد هي التي ستعدل موقفها من أجل شريكها الهام، أم الجزائر التي ستتغاضى عن موقف شريكها من أجل مصالحها.
ويطرح التطبيع المرتقب بين الجزائر وإسبانيا، العديد من الملفات الشائكة، خاصة مستقبل العلاقات الطاقوية بين البلدين، وموقع الخط الرابط بينهما مرورا بالمغرب، والقرار الجزائري الأخير، القاضي بحظر المواد التجارية القادمة عبر ميناء طنجة المغربي.
وشكلت عودة النشاط التجاري بين البلدين، آلية ناعمة للتطبيع السياسي والدبلوماسي بين الجزائر وإسبانيا، خاصة بعد عودة السفير الجزائري عبدالفتاح دغموم إلى مدريد، ورسائل الاستلطاف التي وجهها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز إلى القيادة السياسية الجزائرية، بتأكيده على “الطابع الإستراتيجي لعلاقات البلدين، والمصالح المشتركة، وتثمين العلاقات الثنائية بينهما”، الأمر الذي مهد تدريجيا للتطبيع بينهما.
وتختلف هذه الزيارة لوزير الخارجية خوسيه ألباريس، عن تلك التي أداها في ديسمبر 2021، لأنها تأخذ أهمية رمزية مختلفة تماما، ففي البرنامج لقاءات مع نظيره أحمد عطاف، وكذلك لقاء مع الرئيس عبدالمجيد تبون. ومن المقرر أيضا عقد لقاءات مع قادة الأعمال الجزائريين وأساتذة اللغة الإسبانية، وهو دليل ملموس على رغبة الجانبين في طي صفحة الأزمة.
ولا يستبعد أن يتناول الطرفان مختلف الملفات الثنائية والإقليمية، خاصة الوضع في منطقة الساحل، الذي تهزه الاضطرابات الأمنية بشكل يهدد الأمن الإستراتيجي للجزائر وللمنطقة عموما، وكذلك الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، والوضع في قطاع غزة، حيث يظهر البلدان مواقف متقاربة من العدوان الإسرائيلي على سكان القطاع.