المنصة الصناعية طنجة المتوسط تجذب استثمارات جديدة في السيارات

اكتسبت خطط المغرب ليصبح لاعبا بارزا في صناعة السيارات زخما جديدا مع تدشين منشأة جديدة للمكونات في طنجة، بسبب مناخ الأعمال الجذاب وموقعه المهم لخطوط الشحن وبفضل رؤية الملك محمد السادس الطموحة لتحويل بلده إلى مركز عالمي تنافسي.

افتتحت شركتا راڤاغو وريبسول، هذا الأسبوع، مصنعا جديدا لمكونات السيارات بالمنصة الصناعية طنجة المتوسط شمال البلاد، في تأكيد آخر على مدى جاذبية مناخ الأعمال المحلي.

وجرى تدشين المصنع بحضور وزير الصناعة والتجارة رياض مزور والقنصل العام لإسبانيا بطنجة، ومسؤولي مجموعة طنجة المتوسط، وممثلي الإدارات العمومية وفاعلين اقتصاديين.

والمنشأة الجديدة التي تعمل انطلاقا من المنطقة الحرة بطنجة متخصصة في إنتاج الأجزاء البلاستيكية للسيارات البولي بروبيلين الذي يعتبر إحدى المواد التقنية الأكثر استخداما في القطاع.

وعلاوة على ذلك، سينتج المصنع مكونات البولياميد والبوليبوتين بولياميد تيريفثاليت، ومركبات البولي أميد والسبائك، لتلبية الطلب المحلي، وخاصة شركات التصنيع مثل رينو ومجموعة ستيلانتيس، اللتين تدعمان المشروع منذ انطلاقه.

 

رياض مزور: المشروع هو حلقة جديدة في تطوير المنظومة الصناعية

ويعتبر استثمار ريبسول وراڤاغو في هذا المصنع، البالغ 20 مليون يورو، إجراء إستراتيجيا يستهدف دعم التوسع الدولي للمجموعتين بفضل منتجات ذات قيمة مضافة عالية موجهة لصناعة السيارات.

ومن المتوقع أن تصل القدرة الإنتاجية للمنشأة إلى 18.5 ألف طن سنويا، موجهة للتصدير للأسواق الأوروبية بالأساس مع إمكانية زيادة هذه الطاقة في المستقبل.

وأكد مزور أن افتتاح المصنع هو حلقة جديدة في تطوير المنظومة الصناعية المحلية التي تعرف نجاحا وتطورا كبيرين، والتي وصلت إلى مستوى رفيع من الجودة والتنافسية بفضل رعاية الملك محمد السادس.

وقال إن “المصنع متخصص في إنتاج البولي بروبيلين، الذي يعتبر المكون الأساسي في العديد من الأجزاء البلاستيكية التي تدخل في صناعة السيارات”.

وأشار مزور إلى أن المصنع سيلبي تقريبا 30 في المئة من حاجيات قطاع صناعة السيارات المحلية.

وأضاف إن “هذه الوحدة الإنتاجية هي ثمرة شراكة بين رائدين عالميين في المجال، رائد إسباني في تطوير هذا النوع من البوليميرات ورائد بلجيكي في مجال إعادة تدوير المواد البلاستيكية”.

وبحسب الوزير، فإن مصنع طنجة من شأنه تقوية تنافسية منظومة صناعة السيارات بالمغرب وتعزيز توجه الصناعة المغربية نحو الاستدامة.

وتقول الحكومة إن البلاد في طريق التحول الجديد لصناعة السيارات الكهربائية التي ستتحول إلى 100 في المئة بحلول عام 2030، مع نظام صناعي متكامل من الكيمياء إلى تصنيع السيارات الكهربائية.

ويؤكد المسؤولون أن المغرب سيكون واحدا من الدول النادرة في العالم التي لديها نظام صناعي متكامل تماما لإنتاج بطاريات السيارات.

وقال أنطونيو بورتيلا، مدير البولي أوليفينات بشركة ريبسول، إن “تعاوننا مع راڤاغو في المنطقة يسمح لنا باندماج أمثل في سلسلة قيمة قطاع السيارات المحلي بالمغرب”.

وأضاف “سنواصل الاستثمار في مواد صناعة السيارات وزيادة طاقتنا الإنتاجية لتقديم خدمة مثالية لإنتاج الأجزاء اللازمة للنماذج المجمعة في مصانع طنجة والقنيطرة والدار البيضاء”.

 

أنطونيو بورتيلا: المنشأة تسمح باندماج أمثل في سلسلة القيمة بالمغرب

وشدد بورتيلا أن هذه الشراكة “ستمكننا من تعزيز تواجدنا في المنطقة وتزويد زبنائنا بمواد عالية الجودة لتلبية احتياجاتهم في قطاع السيارات”.

وريبسول هي مجموعة عالمية تقود عملية التحول النظيف، وتتطلع لبلوغ صافي الانبعاثات الصفري بحلول 2050 وتوزع منتجاتها في حوالي 90 دولة.

في المقابل، تقدم مجموعة راڤاغو خدمة توزيع وإعادة بيع وتصنيع مكونات السيارات وإعادة تدوير المواد البلاستيكية. ولديها على 19 مصنعا لإعادة التدوير وتصنيع المكونات بقدرة سنوية إجمالية تزيد عن مليون طن متري.

وتعليقا على هذا المستجد، أكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري لـ”العرب”، أن القطاع قطع أشواطا كبيرة على مدى العقدين الماضيين.

وقال “كان القطاع يقتصر في البداية على تصنيع الجزيئات الصغيرة للسيارات، لينتقل فيما بعد إلى مرحلة إدماج وصلت إلى 20 في المئة، واليوم نتحدث عن نسبة إدماج وصلت إلى ما يقارب 65 في المئة في أفق الوصول إلى نسبة أكثر من 80 في المئة”.

وأوضح ساري أن المغرب قادر على أن ينافس دوليا في مجال السيارات لكن ليس على المستوى القريب، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بالسوق المحلية كخطوة أولى.

وأضاف “يجب أن تشتغل الشركات المغربية على التسويق وأن تكسب ثقة المستهلك المحلي، بتقديم أسعار تفضيلية وتنافسية، العملية تحتاج بعض الوقت لكنها ستصنع الفرق”.

ويستفيد المصنع الجديد من قربه من المجهزين الأساسيين في قطاع السيارات، لاسيما المستقرين بالمنصة الصناعية لطنجة المتوسط، إلى جانب البنيات التحتية اللوجستية المتوفرة لتسهيل الولوج المباشر إلى الأسواق الدولية.

 

رشيد ساري: القطاع قطع أشواطا كبيرة على مدى العقدين الماضيين

ولفت المدير العام لطنجة المتوسط للمناطق أحمد بنيس، أن استقرار مشروع ريبسول – راڤاغو بالمنصة الصناعية طنجة المتوسط يدل على مواصلة الالتزام بزيادة معدل الاندماج المحلي لصناعة السيارات. وقال إن “هذه المبادرة تجسد عزمنا على المساهمة بفعالية في تحسين تنافسية منظومتنا الصناعية”.

واعتبر مانويل غايو، المدير التجاري بشركة راڤاغو للتصنيع بمنطقة أوروبا، أن “الأمر يتعلق بمرحلة رئيسية في إستراتيجية نمو راڤاغو في مجال المكونات البلاستيكية، مع مواصلة مواكبة زبنائنا فيما يخص الحلول لتلبية متطلباتهم المتزايدة”.

وأفاد مكتب الصرف بأن قيمة صادرات قطاع السيارات نمت بمقدار 30.2 في المئة الأشهر الأحد عشر الأولى من 2023، على أساس سنوي لتبلغ أكثر من 130.6 مليار درهم (12.76 مليار دولار).

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن القطاع يشعل قرابة 160 ألف شخص إلى حدود 2022، بينهم سبعة آلاف مهندس.

وفي مارس 2022، صادقت وزارة الصناعة على 8 اتفاقيات مع كبريات الشركات العالمية في القطاع لتوفير 12 ألف فرصة عمل جديدة. والهدف المنشود هو 80 في المئة بحلول 2026، على أمل تحقيق حلم صناعة سيارة كهربائية مغربية بالكامل بنهاية هذا العقد.

ونجح المغرب في جذب العديد من المصنعين للمركبات الكهربائية مثل شركات فيات وأوبل ورينو وبي.أس.أي، وهو ما وضعها على الخارطة العالمية لصناعة هذه الأنواع من السيارات.

وأكد رئيس جمعية مستوردي السيارات عادل بناني، الخميس الماضي، أنه تم بيع 463 سيارة كهربائية خلال 2023 في السوق المحلية، وهو ما يمثل نموا واضحا بنسبة 133 في المئة بمقارنة سنوية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: