أمم أفريقيا نسخة للنسيان واستخلاص العبر للمغرب
تحالفت العديد من العوامل لتتسبب في انهيار حلم منتخب المغرب في كأس الأمم الأفريقية، حيث ودع النهائيات الجارية في كوت ديفوار مبكرا من ثمن النهائي على يد جنوب أفريقيا. وكان المغرب المنتشي بحصوله على المركز الرابع في مونديال قطر يتطلع إلى كسر لعنة اللقب القاري الثاني الذي أخفق في تحقيقه مجددا، لتبقى نجمة واحدة ثابتة على قميصه منذ تتويجه الوحيد عام 1976.
يتواصل لهث المنتخب المغربي لكرة القدم نحو نجمته القارية الثانية نسخة أخرى. كان “أسود الأطلس” أقرب أكثر من أي وقت مضى للتتويج بلقب كأس أمم أفريقيا لكرة القدم في كوت ديفوار، عطفا على إنجازهم في مونديال قطر عندما بلغوا نصف النهائي، لكنهم خيبوا الآمال بالخروج مبكرا ومن ثمن النهائي.
لم يكن أشد المتشائمين يتوقع خروج المغرب مبكرا كونه دخل النهائيات بأغلب عناصره التي أبلت البلاء الحسن في المونديال، بفوزها على عمالقة القارة العجوز بلجيكا وإسبانيا والبرتغال ووقفت ندا أمام فرنسا بطلة نسخة 2018 في نصف النهائي.
قاده آنذاك مدربه الشاب وليد الركراكي الذي اكتسب شهرة عالمية بنتائجه المونديالية وفوزه التاريخي على البرازيل وديا، لكن العرس القاري أعاد أسوده إلى أرض واقع مرير يعانون منه منذ سنوات كثيرة.
وحذَّر الركراكي قبل نسخة كوت ديفوار من أن الأمر لن يكون سهلا في ظل الظروف المناخية الصعبة وكون منتخب بلاده مستهدفا من جميع المنتخبات للفوز عليه. بدا ذلك جليا منذ المباراة الأولى التي وإن فاز بها بثلاثية نظيفة على تنزانيا، عانى من إهدار مهاجميه للكثير من الفرص السهلة.
ولعله كان أحد الأسباب الأساسية التي أدت إلى خروجه خالي الوفاض من نسخة كان يعقد عليها آمالا كبيرة لرفع الكأس للمرة الأولى منذ 48 عاما وشحن معنويات لاعبيه على آمل الظفر بلقب ثان تواليا عندما يستضيف النسخة المقبلة في 2025.
تكرر المشهد ضد الكونغو الديمقراطية حيث إنه رغم افتتاحه التسجيل مبكرا فشل في التعزيز ما سمح لمنافسه بالعودة في النتيجة وفرض التعادل 1 – 1، ثم حقق فوزا بشق النفس على تنزانيا 1 – 0 في الثالثة. دفع الثمن غاليا في ثمن النهائي أمام جنوب أفريقيا التي عكّرت صفو نجاحاته للمرة الثانية تواليا، بعدما كانت المنتخب الأول والأخير الذي تغلب عليه عقب الإنجاز المونديالي في تصفيات النسخة الحالية 2-1.
سنعود أقوى
كان ذلك لسان حال الركراكي عقب اللقاء “أعتقد أننا حصلنا على فرص لقتل المباراة في الشوط الأول ولم نفعل، وحصلنا على ركلة جزاء كان من الممكن أن تغير مجريات المباراة لكن للأسف أهدرها أشرف حكيمي” قبل خمس دقائق من نهاية الوقت.
وأضاف “في هذا المستوى من المنافسة الفعالية أمام المرمى مهمة جدا. هذه المجموعة ستتعلّم. عانينا من الكثير من الغيابات والإصابات وخصوصا سفيان بوفال وحكيم زياش. أنا لا أختبئ، الفشل اليوم هو للمدرب وليس للاعبين أتحمل مسؤوليتي”. وتابع “كنت مخطئا في بعض الاختيارات” في إشارة إلى الدفع بظهير بايرن ميونخ الألماني نصير مزراوي العائد للتو من الإصابة والذي كان إحدى نقاط ضعف أسود الأطلس في المباراة.
أخطاء في اختيار التشكيلة ركَّز عليها لاعب الوسط الدولي السابق يوسف شيبو في تحليله لقنوات “بي.أن سبورتس” بقوله “مزراوي لاعب كبير لكنه لم يلعب منذ أكثر من شهر وبالتالي لم يكن جاهزا، كان الأجدر إشراك يحيى عطية الله الجاهز والمعتاد على مواجهة جنوب أفريقيا التي أغلب لاعبيها يمثلون صنداونز الذين واجههم كثيرا مع فريقه الوداد البيضاوي”. وأضاف “تجب إعادة النظر في الدفع ببعض اللاعبين في التشكيلة، يجب إشراك لاعبينا الشباب الذين توجوا بلقب أمم أفريقيا تحت 23 عاما في المغرب، من أجل بث روح جديدة وتطوير الشق الهجومي للمنتخب”.
◙ الركراكي أكد أن الخروج ليس نهاية العالم وقد حصل ذلك مع العديد من المنتخبات ووعد بالعودة بقوة رغم أن المغرب انتظر التتويج منذ فترة طويلة
شاطره زميله في القناة الدولي المصري السابق محمد أبوتريكة الرأي بقوله “تملكون منتخبا رائعا سيكسر الدنيا (سيفرض سيطرته) في المستقبل، كل ما تحتاجون إليه هو دعم صفوفه والمدرب الركراكي، المجموعة لا ينقصها سوى مهاجم جيد يقدر على ترجمة الفرص ولاعب وسط هجومي رقم 8 مختلف يكمل أدوار عزالدين أوناحي وسفيان أمرابط”. وتابع “ليست لديكم مشاكل المنتخبات العربية الأخرى، مصر لديها مشاكل كثيرة جدا في المنظومة وفي كل شيء والجزائر لديها مشاكل كثيرة وتونس أيضا، لكن المغرب لا”.
تحدث الركراكي عن مستقبله على رأس الإدارة الفنية لأسود الأطلس وهو الذي صرح عقب المونديال القطري بأنه سيستقيل من منصبه في حال عدم بلوغ نصف النهائي “لا يمكن أن أقرر بخصوص مستقبلي الآن وعقب هذا الخروج القاسي، سنعود إلى المغرب ونجلس مع الرئيس (فوزي لقجع) ونرى الأفضل للمنتخب. وأنا لا أزال عند كلمتي مثلما تعرفونني”. وأضاف “لدينا الوقت الكافي من أجل اتخاذ القرار المناسب لمصلحة المنتخب”.
وتوجه الركراكي إلى الصحافيين قائلا “الخروج ليس نهاية العالم سواء أردتم ذلك أم لا، حصل ذلك مع العديد من المنتخبات المرشحة، سنعود بقوة رغم أننا ننتظر التتويج منذ فترة طويلة، هذه المجموعة تضم العديد من اللاعبين الشباب وأنا متأكد من أنهم سيتوجون باللقب في المستقبل”.
حارس المرمى البديل منير المحمدي الذي كان أحد اللاعبين القلائل الذين تحدثوا إلى وسائل الإعلام عقب المباراة حيث التزم الباقون الصمت والاستياء واضح على محياهم، قال “لم يكتب لنا أن نواصل مشوارنا حتى النهاية والتتويج باللقب الذي تنتظره الجماهير المغربية. يجب أن نواصل العمل حتى نتمكن في المستقبل من رفع الكأس”.
عدة أسباب
أما القائد رومان سايس فقال “هناك محاور يجب تطويرها ويجب أن نعمل ونتوقف عن ارتكاب أخطاء الماضي إذا كنا نأمل في الذهاب بعيدا”. وتراكمت عدة أسباب لتقصي المغرب من السباق القاري، لعل أبرزها الإصرار على الموندياليين رغم غزارة الخيارات وثراء دكة البدلاء بعناصر أولمبية واعدة، إلا أن المدرب وليد الركراكي لم يغير التشكيل الذي قاده إلى المربع الذهبي في مونديال قطر.
واضطر الركراكي إلى التغيير أمام جنوب أفريقيا بعد غياب الثنائي حكيم زياش وسفيان بوفال بداعي الإصابة. ومنذ انطلاق الكان اعتمد المدرب على 10 لاعبين موندياليين، مما جعله كتابا مفتوحا لكل الخصوم، مما صعب المهمة، وهو ما كان ألمح إليه هوغو بروس مدرب جنوب أفريقيا في المؤتمر الصحفي بعد المباراة. أصر الركراكي على ضم 5 عناصر مصابة إلى قائمة المغرب بكأس الأمم الأفريقية، مثل سفيان بوفال، وزياش والقائد رومان سايس الذين شاركوا في مباريات وغابوا في أخرى.
بينما لم يظهر أسامة العزوزي لاعب بولونيا الإيطالي، كما تأخر ظهور نصير مزراوي لاعب بايرن ميونخ حتى مباراة ثمن النهائي، مما قلص الحلول وأضعف القوة الضاربة للأسود، بعد تجاهل لاعبين آخرين كانوا أكثر جاهزية.
أثار الركراكي خلال البطولة القارية الجارية بعض الجدل المجاني، مما تسبب في ارتباك اللاعبين ودخول اتحاد الكرة المغربي لأكثر من مرة على الخط للتهدئة. ومن ذلك واقعة الركراكي مع الكونغولي شانسيل مبيمبا، واستمرار القضية بخطاب اتحاد الكرة الكونغولي ليلة مباراة جنوب أفريقيا، وتهديدهم بالتصعيد واللجوء إلى محكمة “كاس” لتأكيد معاقبة الركراكي على الأحداث التي أعقبت مباراة الأسود ضد الكونغو الديمقراطية بدور المجموعات.
وقع النجم المغربي أشرف حكيمي لاعب باريس سان جرمان، ضحية لعنة لازمت منتخب بلاده في السنوات الأخيرة. كما شرب حكيمي من نفس الكأس المريرة التي ذاقها زميله وصديقه في الفريق الباريسي كيليان مبابي قبل عامين ونصف العام. أضاع حكيمي ركلة جزاء في وقت قاتل من مباراة المغرب وجنوب أفريقيا ليهدر فرصة التعادل ويتسبب في وداع أسود الأطلس لكأس الأمم الأفريقية.
خسر المنتخب المغربي أمام نظيره الجنوب أفريقي بهدفين دون رد، ليودع المونديال الأفريقي من دور الـ16 بعدما كان أبرز المرشحين للتتويج باللقب. وتصدر المغاربة التوقعات للصعود إلى منصة التتويج بكأس الأمم للمرة الثانية في تاريخهم بعد إنجاز الوصول إلى المركز الرابع في كأس العالم الأخيرة 2022. لكن أشرف حكيمي كان ضحية أيضا للعنة ركلات الجزاء التي لازمت منتخب المغرب في آخر ثلاث مشاركات بكأس الأمم الأفريقية. خلال هذه المشاركات ودع منتخب أسود الأطلس كأس الأمم الأفريقية كلما احتسبت له ركلة جزاء.
ففي نسخة عام 2019 التي استضافتها مصر وكانت أول بطولة تقام بمشاركة 24 منتخبا كان حكيمي شاهدا على بداية سلسلة اللعنة المغربية. ودع المنتخب المغربي أيضا هذه النسخة من الدور الثاني بعد خسارة مفاجئة أمام بنين بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1 – 1. وكان المغرب حينها من أبرز المرشحين للفوز باللقب القاري أيضا بعد عروضه المميزة تحت قيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد في كأس العالم روسيا 2018. أبدع المغاربة في مجموعة مونديالية صعبة كانت تضم إسبانيا والبرتغال وإيران، وودعوا كأس العالم مرفوعي الرأس.
لكن في كأس أمم 2019 أهدر حكيم زياش نجم منتخب المغرب ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة أمام بنين بتسديد الكرة في القائم لتكون سببا في وداع المغرب. وبسيناريو مختلف ودع منتخب المغرب كأس الأمم من دور الثمانية بالنسخة الأخيرة 2022 في الكاميرون بالخسارة أمام منتخب مصر بنتيجة 2 – 1. في هذه المباراة احتسبت للمنتخب المغربي ركلة جزاء، ولكن سددها سفيان بوفال بنجاح، لكن نجح الفراعنة في قلب السيناريو بالخروج فائزين. واختتم أشرف حكيمي سلسلة اللعنة المغربية في مدينة سان بيدرو الإيفوارية، ليقع فريسة للانتقادات والسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب اللقاء.
نفي مطلق
تداولت العديد من الحسابات تصريحا سابقا للمدرب الإيطالي أنطونيو كونتي بقوله “لا بد أن يموت جميع اللاعبين قبل أن أفكر في السماح لحكيمي بتسديد ركلة جزاء”. وعلق كونتي بهذه الرسالة على عدم إجادة حكيمي لتسديد ركلات الجزاء بسبب اعتماده على قوة التسديد وذلك عندما كان مدربه في إنتر ميلان.
ووقع حكيمي أيضا في فخ كيليان مبابي الذي أضاع ركلة ترجيح أمام سويسرا لتودع فرنسا بطولة يورو 2020 بعدما كانت أبرز المرشحين للقب. وكان الخروج أمام سويسرا من الدور الثاني صدمة كبيرة ليقع مبابي فريسة للسخرية التي وصلت إلى حد العنصرية وهو ما أغضب النجم الفرنسي بشدة.
◙ رومان سايس قائد منتخب المغرب جدد اعتذاره لجماهير أسود الأطلس، بعد الخروج المبكر من كأس الأمم
جدد رومان سايس قائد منتخب المغرب، اعتذاره لجماهير أسود الأطلس، بعد الخروج المبكر من كأس الأمم. وقال سايس عبر حسابه على إنستغرام “لا أجد عبارات لوصف مشاعر الحزن، لم نخطط للخروج المبكر، ولذلك وجب علينا الاعتذار إليكم”، وأضاف “حاولنا إسعاد الجمهور وتقديم كل شيء من أجل الفوز، وبصفتي قائدا يجب أن أتحمل المسؤولية والمضي قدما إلى الأمام والنهوض متحدين”.
وجدد سايس دعمه لمواطنه أشرف حكيمي نجم باريس سان جرمان، بقوله “أخي حكيمي لن يلومك أحد، كل شخص معرض للخطأ”. وكان أشرف حكيمي قد أهدر ركلة جزاء خلال مواجهة المغرب وجنوب أفريقيا. وأتم “وبالنسبة لأمين عدلي، كل الاحترام لك فأنت مثال للشخصية القوية.. ونثق في دعم الجمهور للنهوض سريعا”.
نفى مسؤول بالاتحاد المغربي لكرة القدم مشاركة منتخب بلاده في نهائيات “كوبا أميركا 2024″، المقررة بالولايات المتحدة بين 20 يونيو و16 يوليو المقبلين. جاء ذلك في تصريح لمسؤول بالجامعة (الاتحاد) الملكية لكرة القدم. وأعلن المسؤول (لم يذكر اسمه) “عدم توصل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بأي دعوة من اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) بخصوص مشاركة المنتخب الوطني في نهائيات كوبا أميركا”.
وكان الإعلام المحلي وصفحات بمنصات التواصل الاجتماعي تداولت أخبارا تفيد “بتلقي المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم دعوة للمشاركة في نهائيات كوبا أميركا 2024″. وعرفت الدورة السابقة من “كوبا أميركا” مشاركة منتخبين من خارج القارة الأميركية، هما قطر واليابان. وتقام البطولة من 20 يونيو إلى 16 يوليو 2024 بمشاركة 16 منتخبا من دول أميركا الجنوبية وأميركا الشمالية والكونكاكاف، وستتم استضافة المباريات في 14 ملعبا.