إسبانيا تفكك شبكة دولية تتاجر بالبشر تضم مقربين من زعيم بوليساريو
فككت السلطات الأمنية الإسبانية خيوط شبكة لتهريب والاتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة، يتوزع عناصر بين إسبانيا والجزائر ومخيمات تندوف وموريتانيا، يقودها قريب قيادي بارز في جبهة بوليساريو الانفصالية تعمد إلى استغلال الصليب الأحمر لتزوير ملفات طبية لتسهيل تمكين الراغبين في الهجرة إلى إسبانيا من التأشيرات، وفق وسائل إعلام اسبانية.
وهذه القضية تنضاف إلى رصيد جرائم الانفصاليين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بعد عمدت إلى اختطاف فتاة قاصر في مخيم تندوف بعد قدومها لرؤية عائلتها البيولوجية في المخيم وقامت بإحراق وثائقها من جواز سفرها وغيرها. وفق ما أفاد موقع “معلومات أكثر” الاسباني في وقت سابق من الشهر الجاري.
وكشف منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، المعروف اختصارا بـ”فورساتين”، عبر موقعه الإلكتروني، عن أن الشبكة المفككة تضم أكثر من 22 شخصا، ينسق بينهم في الواجهة شخص يدعى مولاي لحسن ولد لبصير، البالغ من العمر 69 سنة، الذي يشغل منصب المكلف بالصحة باسم عصابة البوليساريو في منطقة إستوريا.
وأكد المصدر نفسه أن التحقيقات التي بوشرت سلمت نتائجها للقاضي الإسباني “كوفادونغا فاسكيز”، الذي طلب توسيع البحث والاستماع إلى المحادثات الهاتفية للمتهمين، إذ أوصى بتوزيع عقوبات سجنية على المتهمين وصلت مجتمعة إلى 34 سنة، منها 9 سنوات لولد لبصير، الذي أظهرت التحريات أنه أحد أقارب قيادي بارز بعصابة البوليساريو، ومسؤول داخل تنظيمها.
وأفاد المنتدى بأن ولد لبصير استغل عمله الموسمي مع الصليب الأحمر، إذ كان يتكلف بالملفات التي تبعثها له جبهة البوليساريو، بغية تمكين أصحابها من الهجرة إلى إسبانيا، ومهمته تقتضي توفير دعوات مزيفة، أو إدراج أسمائهم في ملفات طبية مزورة تستدعي حضورهم للعلاج، خصوصا إلى مستشفى “هوكا” بإستوريا.
وأوضح أن الجزء الثاني من خطة التهجير، تتكلف به شبكة أخرى تشرف عليها عصابة البوليساريو بالمخيمات، تنسق مع موظفين جزائريين، لتظهير والمصادقة على الوثائق، وتحضير ملف طبي مزور، تسهيلا لدفعه للقنصلية الإسبانية للحصول على تأشيرات طبية والتنقل إلى الديار الإسبانية.
وأظهرت أن التحريات أيضا أن الحاصلين على التأشيرات وصلوا إلى إسبانيا عبر طائرة متجهة إلى مدريد وبرشلونة، فيما البعض الآخر وصل عن طريق الباخرة إلى فالنسيا وألميريا.
ووفق معطيات المنتدى، فإنه عند وصول المعنين بالأمر، كان يتكلف ولد لبصير باستقبالهم وتذاكرهم وإيوائهم وإطعامهم في ملجأ خاص بالصليب الأحمر الدولي، وباستغلال جمعيات تابعة لجبهة البوليساريو تبين أنها غطاء لأنشطة مشبوهة.
وكشف المصدر ذاته أن العصابة سهّلت خروج العشرات من الصحراويين من داخل المخيمات، منهم مقربون من قياديين بالبوليساريو، ومنهم جزائريون من تندوف وكذلك موريتانيون خرجوا على أنهم صحراويون، وتمكنوا من الحصول على الفيزا، وتلقوا تسهيلات للحصول على وثائق الإقامة بعد وصولهم عن طريق وثائق أخرى مزورة، خلال سنوات 2017 و2018 و2019.
ونقل موقع “هيسبريس” عن رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، قوله إن “رئيس هذه الشبكة الإجرامية هو أولا من عائلة أحد القياديين البارزين في الجبهة واليد اليمنى لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي”، مسجلا أن “استمرار هذه الأنشطة الإجرامية وتورط البوليساريو فيها يكشف في الحقيقة حالة الفساد المستشري في المخيمات وحالة الإفلاس السياسي والقيمي الذي وصل إليه هذا التنظيم”.
وأضاف مسعود أن عناصر “الجبهة الانفصالية، بتواطؤ مع الضباط الجزائريين، وصلوا مستوى عال من الحقارة، إذ يتاجرون بأزمة الصحراويين واللاجئين في المخيمات ويستغلونهم أبشع استغلال بما يخدم أجندتهم وأهدافهم وينمي أرصدتهم البنكية”، مشيرا إلى أن “هذه الشبكة ليست إلا جزءا صغيرا من مستنقع الفساد والإجرام الذي تمارسه البوليساريو في حق اللاجئين في المخيمات”.
وسجل رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد أن “مجموعة من الفضائح باتت تلاحق جبهة البوليساريو والمحسوبين عليها داخل إسبانيا، من ضمنها فضيحة الاستغلال الجنسي للقاصرين من المخيمات الذين يتوافدون على هذا البد في إطار برنامج عطل السلام الذي كان برنامجا يروم استغلال الأطفال في الدعاية السياسية الانفصالية قبل أن يتحول إلى وسيلة لتلبية النزوات الجنسية لبعض المتعاطفين مع الجبهة في إسبانيا”، لافتا إلى أن جمعيته وضعت مجموعة من الشكايات لدى القضاء الإسباني بشأن هذا الأمر.
وخلص إلى أن “السكان في المخيمات باتوا يريدون حلا للنزاع حول الصحراء، إذ اقتنعوا بأن قضيتهم إنما يتم استغلالها من طرف قادة الجبهة والعسكر الجزائري الذين يراهنون على استمرارية هذا النزاع بحيث يستفيدون منه كما يستفيدون أيضا من استمرار وجود اللاجئين أنفسهم”.
ويرى متابعون لما يحدث في مخيمات تندوف أن تلك الجرائم التي ما انفكت ترتكبها الجبهة الانفصالية تستدعي متابعة دولية ومراقبة لما يحدث خلف أسوار المخيمات، معتبرين أيضا أن على الهيئات الأممية والدولية فتح ملفات مآل التمويلات والمساعدات طيلة العقود الماضية والتي يرجح أن قادة البوليساريو حولوا وجهتها لحساباتهم.
ويعيش سكان مخيمات تندوف منذ بداية النزاع المفتعل بالصحراء المغربية إلى اليوم، ظروف قاسية من فقر وتجويع واحتجاز وتعذيب تمارسه جبهة بوليساريو تحت رعاية الجزائر في حق سكان هذه المنطقة الذين وجدوا أنفسهم أداة ورهينة في يد العسكريين الجزائريين لتمرير تصورات وأفكار جاهزة لا تمت للواقع بصلة.