أصوات بريطانية تنادي بانهاء التردد في الاعتراف بمغربية الصحراء
تصاعدت الأصوات المؤيدة من داخل المملكة المتحدة لخيار النسج على منوال أبرز البلدان الأوروبية التي دعمت مبادرة الحكم الذاتي، بعد أن اتسعت الدعوات إلى خروج بريطانيا من المنطقة الرمادية وإعلان دعم المغرب في سيادته على صحرائه.
ودعا عضو مجلس اللوردات البريطاني، دانيال هانان، السبت، إلى الاعتراف بـ”سيادة المغرب الكاملة” على صحرائه وتعزيز العلاقات التجارية بين المملكتين.
وكتب اللورد هانان، في مقال نشرته اليومية البريطانية “ذا ديلي تلغراف” “لا يجب أن نلغي الرسوم الجمركية فحسب، بل يتعين أن ننشئ ممرا رقميا بين طنجة وموانئنا لتقليل المعاملات الورقية وتسهيل الاستثمارات (…) ونسهر على أن تعترف سياستنا التجارية بشكل كامل بسيادة المغرب على الصحراء”.
وأعرب عن انبهاره الشديد بالمواقع الصناعية المغربية خلال الزيارة التي قام بها إلى المملكة الأسبوع الماضي.
وأشار اللورد هانان، وهو أيضا رئيس معهد التجارة الحرة، إلى أن ميناء طنجة المتوسط ”هو الأكبر، ليس في أفريقيا فحسب، بل أيضا في البحر الأبيض المتوسط”، مسجلا أن “صناعة ضخمة لصناعة السيارات تطورت حول هذه البنية التحتية”.
وأضاف المتحدث أنه على مدى السنوات العشرين الماضية، تم تطوير مركز للطيران في الدار البيضاء علاوة على ربط المدن الرئيسية في البلاد بقطارات فائقة السرعة، معتبرا أن “عددا قليلا من البلدان تتمتع بموقع جيد لإنتاج طاقة الرياح، والطاقة الشمسية ومنتجها الثانوي، الهيدروجين الأخضر”.
وأكد اللورد هانان أن المغرب اتخذ القرار الاستراتيجي لتنويع اقتصاده، مشيرا في هذا الصدد إلى أن معهد التجارة الحرة طرح سلسلة من الاقتراحات لتحرير التجارة بين المملكتين.
وأوضح النائب الأوروبي السابق أنه من شأن مثل هذه السياسة أن تسمح للمملكة المتحدة بالاستفادة الكاملة من الفرص التي يتيحها البريكسيت.
وعينت بريطانيا مؤخرا مبعوثا تجاريا خاصا إلى المملكة المغربية في إطار برنامج المبعوثين التجاريين لرئاسة الوزراء البريطانية، الذي يروم دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول.
من جهتها، أكدت وزارة الأعمال والتجارة في هذا البلد الأوروبي، في نوفمبر الماضي، جوابا عن سؤال برلماني حول إمكانية إعادة النظر في الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الخضر والفواكه من المغرب، أن “الحكومتين المغربية والبريطانية باشرتا إجراءات إعادة النظر في هذه التعريفات في إطار بنود اتفاقية الشراكة الموقعة بين البلدين، التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2021” فيما توقع خبراء تحدثوا لموقع “هسبريس” في وقت سابق أن تقدم لندن إما على إبقاء هذه الرسوم في مستوياتها الحالية أو التخفيض منها.
وهذه الدعوة ليست الأولى لإنهاء التردد البريطاني، فقد سبق أن دعا النائب ليام فوكس، في الثامن من يناير الحالي المملكة المتحدة إلى تقديم دعمها الكامل للمغرب وأن تعترف بسيادته على الصحراء.
وبعث النائب البريطاني رسالة إلى وزير الشؤون الخارجية، ديفيد كاميرون، أكد فيها على ضرورة اتخاذ “موقف أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة” بشأن قضية الصحراء المغربية.
وقال النائب المحافظ في هذه الرسالة إن موقفا أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة تجاه المبادرة المغربية للحكم الذاتي أساسي ليس للعلاقات الدبلوماسية فحسب، بل أيضا من أجل السلام والتعاون الدولي.
ودعم مبادرة الحكم الذاتي توجه يعززه عضو مجلس اللوردات البريطاني ستيوارت بولاك، بقوله “إن الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه هو الموقف الصائب الذي يجب اتخاذه وسنشجع الحكومة البريطانية على اتباع نفس المسار”.
ويوجد تقارب بين البلدين، خصوصا بعد توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الرباط ولندن عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تعول بريطانيا على المغرب في تعويض المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحصول على حاجياتها.
وأبدت بريطانيا رغبتها في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وكان آخرها إعلان شركة “أوبلين” البريطانية عزمها على الاستثمار في مشروع لإنتاج الهيدروجين بمدينة الداخلة، الحاضرة الجنوبية لأقاليم الصحراء المغربية.
وسبق أن اتخذت بريطانيا موقفا إيجابيا تجاه قضية الصحراء المغربية، بإصدار محكمة الاستئناف بلندن قرارا في مايو 2022 يقضي برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة لبوليساريو من أجل إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ الثلاثين من ديسمبر من عام 2020.
ويرى مراقبون أن قرار المحكمة البريطانية يحظى بأهمية قصوى، قضائية وسياسية إذ يعدم أي مزاعم لبوليساريو بالتمثيلية والصفة والمصلحة، ويمتد أثر تنفيذ الحكم والقرار الصادر عن محكمة بريطانيا إلى السياسة الخارجية لبريطانيا، لأنه أصبح عنوانا للحقيقة.