موريتانيا تتبرأ من أي محاولات للتسلل داخل الصحراء المغربية
لاقت محاولات جبهة البوليساريو لخلق مشكلة بين نواكشوط والرباط بخصوص المنقبين عن الذهب الذين قضوا داخل الحدود الشمالية لموريتانيا، تجاهلا من نواكشوط التي أعربت بشكل غير مباشر عن تفهمها لموقف المملكة في الحفاظ على أمنها القومي.
وصرّح محمد أحمد ولد محمد الأمين، وزير الداخلية واللامركزية في حكومة محمد ولد بلال مسعود، بأن “العديد من المواطنين يمارسون أنشطة التعدين والتنقيب في المناطق الشمالية، غير أن بعضهم، للأسف، يمارس هذه الأنشطة خارج حدود البلد وفي منطقة معروفة حساسيتها الأمنية ووضعيتها الإقليمية، وبالتالي فهم يعرضون بذلك أنفسهم للخطر”.
وأضاف ولد محمد الأمين، خلال مؤتمر صحفي أن “السلطات الإدارية والعسكرية في المناطق الشمالية أطلقت حملات لتحسيس وتوعية للمنقبين في شأن هذا الموضوع ومن أجل حثهم على حصر أنشطتهم داخل الحدود الجغرافية للبلاد”، مشيرا إلى أن “بعضهم استجاب وبعضهم الآخر لم يفعل وما زال يمارس نشاطه خارج الحدود، وهذا ما نجم عنه وفاة عدد منهم”.
وفي ظل تأكيدات الحكومة الموريتانية على حرصها على استمرار علاقاتها الطيبة والجيدة مع المملكة، رغم تشويش البوليساريو على تلك العلاقات باستغلال ملف المنقبين، يحرص المغرب على جدية وصرامة في مراقبة الحدود مع موريتانيا، والتي تعرف إلى جانب مرور المنقبين عن الذهب بتسلل أفراد جبهة البوليساريو إلى الأراضي المغربية والقيام بأعمال إرهابية.
وفي هذا الصدد قال قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء آب ولد بابتي، الثلاثاء، للمنقبين عن الذهب، إن السماح لهم بدخول المنطقة العسكرية المغلقة يجب ألا يكون على حساب الأمن، مؤكداً أن “الأمن فوق كل اعتبار ولا مساومة فيه”، ودعاهم إلى “احترام القوانين والتعليمات وإلا فإنهم يعرضون حياتهم للخطر لأن هناك الكثير من الناس يتربص بالأمن، وأن كل ما سيحدث على الميدان سيكون شفافاً ودقيقاً، وكل من سيحاول التسلل إلى المنطقة العسكرية المغلقة، ستتخذ ضده الإجراءات”.
وعلّق محمد الطيار، الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، بأن تصريح المسؤول الموريتاني يضع حدا لمحاولات الجزائر، توظيف نشاط المنقبين الذين يحملون أوراق هوية موريتانية وينتمون في نفس الوقت إلى البوليساريو، من أجل التأثير على العلاقات بين الشعبين المغربي والموريتاني وعرقلة مساعي المغرب للسيطرة على المنطقة العازلة وإنهاء وضعها القديم الذي شكل طيلة العقود السابقة تهديدا حقيقيا للسلم والأمن الدوليين.
وكشف الناطق باسم الحكومة الموريتانية الناني ولد أشروقه، في وقت سابق عن وفاة منقبين موريتانيين خارج حدود البلاد الشمالية قرب الجدار الأمني المغربي، وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن الحكومة تجدد التأكيد على ضرورة أن يلتزم المنقبون الموريتانيون بممارسة نشاطهم داخل الحدود الترابية للبلاد، والتوجيهات والتحذيرات الحكومية في هذا الصدد، معتبرا أن “مهام الدولة تقتصر فقط على تأمين حوزتها الترابية الوطنية”.
◙ المغرب يحرص على جدية وصرامة في مراقبة الحدود مع موريتانيا، والتي تعرف إلى جانب مرور المنقبين عن الذهب بتسلل أفراد جبهة البوليساريو إلى الأراضي المغربية والقيام بأعمال إرهابية
وتأتي تأكيدات الحكومة الموريتانية لتظهر حرصها على استمرار علاقاتها الطيبة مع دول الجوار وتعزيز تعاونها مع المغرب، في ظل “خطاب استفزازي” تبنته جبهة البوليساريو في الآونة الأخيرة من أجل حث نواكشوط على اتخاذ موقف واضح من دفاع المملكة المغربية عن حوزتها الترابية، وذلك على خلفية مقتل المنقبين الموريتانيين بقصف لطائرات مسيرة تابعة للقوات المسلحة الملكية بعد اختراقهم للحدود المغربية.
ووفق بعض التقارير الصحفية المحلية، فإن الأمر يتعلق بأربعة منقبين موريتانيين كانوا على متن واحدة من ثلاث سيارات، تعرضت للقصف من طرف الطيران المغربي خلال عبورهم لمنطقة تشهد عمليات عسكرية تقوم بها عناصر تابعة لجبهة البوليساريو ضد القوات المغربية قرب الجدار الأمني العازل.
ويرى الطيار في تصريح لـه، أن بوليساريو ومن يدعمها تقوم بشن حملات إعلامية في المواقع الإخبارية وفي وسائل التواصل الاجتماعي بهدف إحراج المغرب وموريتانيا، خاصة في ظل الحديث عن تحرك عسكري مغربي على الأرض لاسترجاع كامل المنطقة العازلة كما فعل في 13 نوفمبر 2020 بمنطقة الكركرات.
واستهدفت جبهة البوليساريو، في أكتوبر وديسمبر الماضيين، مدينة السمارة فيما وراء الجدار الرملي العازل في استهداف يطال الجميع، بمن فيهم مراقبو الأمم المتحدة والمنقبون عن الذهب والرعاة في المنطقة. وقد شكلت الاجتماعات العسكرية المنتظمة بين المغرب والجانب الموريتاني فرصة لتعزيز التنسيق لضبط الحدود بين البلدين لتجاوز مناورات الخصوم لإقحام الجانب الموريتاني في أي اشتباك غير مطلوب مع القوات المغربية.
وصادقت حكومة نواكشوط على مشروع مرسوم يقضي بإنشاء ما أسمته “منطقة دفاع” حساسة شمال البلاد بمحاذاة الحدود المغربية، واعتبرت السلطات الموريتانية أن المنطقة المعنية بهذا المشروع “خالية أو غير مأهولة، وقد تشكل أماكن للعبور بالنسبة للإرهابيين ومهربي المخدرات وجماعات الجريمة المنظمة”.
وأكد الخبير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، في تصريحه لـه، أن موريتانيا تعي جيدا أن تحرك الطائرات المسيرة المغربية جاء لتأمين المنطقة الواقعة شمال الحدود الموريتانية المعروفة بالمنطقة العازلة والموجودة شرق الجدار الأمني المغربي، وهي خاصرة أمنية رخوة وتهديداحقيقي للأمن القومي المغربي، وكانت مستباحة أمام عناصر مليشيات البوليساريو خاصة من قبيلة الرقيبات والذين يحملون الجنسية الموريتانية والجزائرية ويتحركون بحرية بين مخيمات تندوف ومنطقة تيرس زمور.
وبعد العمليات الإرهابية التي استهدفت بعض المناطق الحضرية بالصحراء المغربية، كثفت القوات المسلحة الملكية عملياتها الاستباقية ضد أي تحرك يستهدف المس بأمن واستقرار المنطقة والتسلل لتراب المملكة دون اكتراث لتحذيرات سلطات الدول المجاورة.
ودعّم المغرب أسطوله الجوي بالعشرات من المسيرات العسكرية، في السنوات الأخيرة، ساهمت في مصرع عدد من قادة البوليساريو منذ سنة 2021، منهم الداه البندير، وخطري بره، واباعالي حمودي، حيث لقوا حتفهم في غارات متفرقة من طرف طائرات “درون” تابعة للقوات المغربية، بعدما حاولوا الاقتراب من الجدار العازل.