هل يؤثر قرار موريتانيا زيادة الرسوم على الصادرات المغربية على زخم العلاقات الثنائية
ماموني
تسود حالة من الجدل في الأوساط المغربية والموريتانية حول قرار نواكشوط زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 171 في المئة على الصادرات المغربية القادمة عبر معبر الكركرات، لاسيما وأن القرار استتبعته تسريبات تتحدث عن إيقاف الجزائر لوارداتها عبر الموانئ المغربية، الأمر الذي يثير الشكوك في أن تكون للخطوة الموريتانية أبعاد سياسية، في علاقة بضغوط جزائرية.
أثار قرار الحكومة الموريتانية زيادة قيمة الرسوم الجمركية على البضائع المغربية التي تمر عبر معبر الكركرات الحدودي في الصحراء المغربية، تساؤلات حول دوافع الخطوة، خصوصا وأن نواكشوط لم تقدم أي تبرير لها.
ولا يستبعد متابعون أن يكون القرار مرتبطا بضغوط جزائرية خصوصا بعدما كشفت وكالة الأنباء الموريتانية، نقلا عن مصادر رسمية جزائرية، قبل أيام عن شحنة من البصل الأحمر في طريقها إلى ميناء نواكشوط، وذلك بعد مرور أشهر من انقطاع التصدير عبر الخط البحري الذي افتتح بين الجزائر وموريتانيا في الرابع والعشرين من فبراير 2022 ولم يشهد هذا الخط التجاري البحري، حتى الآن، سوى عمليات تصدير محدودة ومتباعدة جدا.
وقال هشام معتضد، الباحث في العلاقات الدولية، إن القرار الموريتاني ظرفي ولا يحمل بين طياته أبعادا سياسية ولن يؤثر على زخم العلاقات الثنائية مع مراعاة الحكومة الموريتانية لمصالحها الاقتصادية واحتياجات مواطنيها.
واستبعد معتضد في تصريح لـه أن تقدم نواكشوط على خطوات سلبية تجاه المغرب الذي يلعب دورا مركزيا في حماية الحدود الموريتانية وتأمين احتياجات أسواقها من مواد غذائية ومنتجات أساسية، معتبرا أن الارتفاع غير المتسارع في المعاملات التجارية والصادرات المغربية نحو موريتانيا هو توجه إستراتيجي يهدف إلى تعميق التوافقات السياسية في عدد من الملفات، التي ترمي أساسا إلى تقوية العلاقات بأبعاد جنوب – جنوب لخلق فضاء سياسي أكثر واقعية ومرونة.
ولفت الباحث المغربي إلى أن النمو الاقتصادي المتسارع بين البلدين هو اختيار سياسي للرباط وانخراط إستراتيجي لنواكشوط، خاصة وأن الطرفين يدركان أهمية الدفع بالبعد الاقتصادي، الذي يساعد الجارين على الارتقاء بالعلاقات إلى مستويات تحترم الجوار الجغرافي وتستثمر في التكامل الاقتصادي، مستجيبين في ذلك لتطلعات الفاعلين الاقتصاديين وحاجيات الشعبين بما يحفظ التوازنات التجارية للدولتين.
وتزامن قرار الحكومة الموريتانية زيادة الرسوم على الواردات المغربية بنحو 171 في المئة مع إجراء جزائري يقضي بوقف الواردات عبر موانئ المغرب.
وتضمنت وثيقة منسوبة لـ”الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية” بالجزائر، قرارا بـ”رفض كل عملية توطين بالنسبة لعقود النقل التي تتضمن إعادة الشحن/ العبور من الموانئ المغربية”.
كما قررت الجزائر وقف قروض تمنح لدول أفريقية أغلبها انخرطت في علاقات إيجابية مع المغرب في الفترة الأخيرة وحضر ممثلوها اجتماعا تحضيريا لمبادرة اقتصادية أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس في نوفمبر، وأصرت الجزائر على إرجاع الأموال المخصصة إلى خزينة الدولة دون تقديم المزيد من التفاصيل أو توضيح أسباب القرار.
الجزائر قررت وقف قروض تمنح لدول أفريقية أغلبها انخرطت في علاقات إيجابية مع المغرب في الفترة الأخيرة
وقال معتضد إن النظام الجزائري فقد البوصلة في سياسته العدائية تجاه المملكة والتي اتخذت منحى تصاعديا منذ قطع العلاقات بين البلدين في أغسطس 2021.
وأوضح أن الجزائر تعمل جاهدة على نسف أي جهود لتقوية العلاقات الموريتانية – المغربية، لافتا إلى أن نواكشوط تحاول أن تتفادى أي ضغط جزائري خدمة لمصالحها الكبرى المرتبطة بالمغرب على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية، في إطار رؤية الرباط الهادفة إلى خلق فضاء جيوسياسي ذي تفاعل إيجابي من أجل إعطاء العلاقات الثنائية بعدا ثريا سينعكس دون شك على الجانب السياسي لتطور العلاقات بين البلدين.
ويشكل التقارب بين نواكشوط والرباط على عدة مستويات مصدر إزعاج للجزائر، وهو ما يدفعها في كل مرة إلى محاولة التشويش على هذا التقارب رغم أن إرادة البلدين مستمرة في التعاون الثنائي.
وتعيش نواكشوط على وقع أزمة ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه في أسواقها الوطنية، حيث كشف المنتدى الموريتاني لحماية المستهلك، في بيان، أن تأثيرات زيادة الرسوم الجمركية وصلت إلى الأسواق المحلية، حيث عرفت الأسعار ارتفاعا يهدد القدرة الشرائية للمواطنين الموريتانيين.
وحذر بيان المنتدى “من التأثير السلبي الفادح الذي سينجم عن تطبيق القرار نظرا إلى أن المستهلك الموريتاني مثقل من استمرار زيادة الأسعار والاحتكار والغلاء”، داعيا السلطات في البلاد “إلى الإسراع في اتخاذ إجراءات عاجلة تخفف من هذه الوضعية، بما يحفظ حقوق المستهلكين ويخفف من ارتفاع الأسعار المتواصل بسبب وبدون سبب”.