المغاربة يحتفلون لأول مرة برأس السنة الأمازيغية وهم في عطلة رسمية
يحتفل المغاربة، الأحد، برأس السنة الأمازيغية وهم في عطلة رسمية مؤدى عنها، على غرار رأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.
ويعتبر هذا الاحتفال الأول من نوعه بعد أن جرى إقرار هذا اليوم كعطلة وطنية رسمية بأمر من العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار.
ويأتي هذا القرار، كما أكد بلاغ الديوان الملكي في مطلع مايو الماضي “تجسيدا للعناية الكريمة، التي ما فتئ يوليها الملك محمد السادس للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية”.
ويشكل هذا الاحتفال تجليا بارزا للجهود المبذولة لترسيخ الاهتمام المتزايد بالثقافة والتراث الأمازيغيين كمكون أساسي للهوية المغربية.
ويهدف القرار الملكي بإقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة إلى صيانة التنوع الثقافي الوطني، وتعزيز ما تحقق من مكتسبات متعلقة بالأمازيغية منذ الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بأجدير سنة 2001.
إقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة يهدف إلى صيانة التنوع الثقافي، وتعزيز ما تحقق من مكتسبات للأمازيغية
وبناء على هذا القرار التاريخي، صادقت الحكومة على مشروعي مرسومين، يتعلق الأول بالمرسوم رقم 2.23.1000 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.04.426 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1425 (29 ديسمبر 2004) بتحديد لائحة أيام الأعياد المؤداة عنها الأجور في المقاولات الصناعية والتجارية والمهن الحرة والاستغلالات الفلاحية والغابوية.
ويتعلق الثاني بمشروع المرسوم رقم 2.23.688 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.77.169 بتاريخ 9 ربيع الأول 1397 (28 فبراير 1977) بتحديد لائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطلة في الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والمصالح ذات الامتياز.
وبموجب هذه المصادقة تم اعتماد 14 يناير (رأس السنة الأمازيغية)، عيدا رسميا مؤداة عنه الأجور، وذلك في إطار العمل على تنفيذ التعليمات الملكية السامية بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في المغرب مؤدى عنها.
ويكتسي الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الذي يندرج ضمن مداخل التنمية الشاملة، رمزية دالة على تجذر وتنوع النسيج الثقافي للمغاربة، ويؤشر على الرغبة في المضي قدما على طريق التفعيل الحقيقي للطابع الرسمي للأمازيغية. كما يتعلق الأمر بإجابة عملية على تطلعات المجتمع المغربي في سياق النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وإدماج الأمازيغية في التعليم والإدارة.
وقد أعطى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية دفعة قوية لمسار تنزيل التدابير المتخذة لتعزيز الفعل الأمازيغي الوطني، لاسيما على المستويات الثقافية، وهي خطوة تأتي في سياق رفع التحديات التي طرحت على مستوى دعم الثقافة الأمازيغية في المغرب، وتعزيز مكانتها في جميع المجالات، من خلال التطبيق الأمثل لنص الدستور.
الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يكتسي رمزية دالة على تجذر وتنوع النسيج الثقافي للمغاربة
كما تأتي الخطوات والفعاليات المختلفة بإقرار رأس السنة الأمازيغية لتؤشر أيضا على انخراط الحكومة في تفعيل ورش الطابع الرسمي للأمازيغية.
وتعتمد السلطة التنفيذية النهج المتدرج في تفعيل هذا الطابع، عبر الإطلاق الرسمي لمشاريع تهم تعزيز استعمال اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية وإدماجها بمختلف مجالات الحياة العامة.
كما تبذل عدة مجهودات بغية توفير خدمة الاستقبال باللغة الأمازيغية في مجموعة من الإدارات العمومية، حيث تم تخصيص مئات الموظفين المكلفين باستقبال وتوجيه الناطقين باللغة الأمازيغية لتسهيل ولوجهم للخدمات العمومية، وإدراج اللغة الأمازيغية في اللوحات وعلامات التشوير بمقرات الإدارات والمؤسسات العمومية.
وتؤكد الحكومة أنه تمّ، أيضا، توفير خدمة الاستقبال الهاتفي باللغة الأمازيغية في تسعة مراكز للاتصال تابعة لبعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، التي تشهد إقبالا كبيرا من خلال توفير 63 مكلفا بالتواصل الهاتفي باللغة الأمازيغية.
يذكر أن الفصل 5 من دستور المملكة ينص على أنه “تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية..”.
الاحتفال يشكل تجليا بارزا للجهود المبذولة لترسيخ الاهتمام المتزايد بالثقافة والتراث الأمازيغيين كمكون أساسي للهوية المغربية
وأكد رئيس جمعية لغتنا المواطنة مولاي هشام كنون، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “سياق الاحتفال برأس السنة الأمازيغية بالمغرب سنة 2024 يتميز برغبة متزايدة في تعزيز الثقافة والهوية الأمازيغيتين. ويهدف هذا الاحتفال إلى أن يكون تجربة ثقافية غامرة لإبراز ثراء الثقافة المغربية”.
وأضاف أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هذا العام يوافق اليوم الأول من سنة 2974 من التقويم الأمازيغي المعتمد على الدورة القمرية.
وأشار إلى أن الاحتفال يمثل لحظة تاريخية في الاعتراف الرسمي بالثقافة الأمازيغية.
من جهتها، قالت رئيسة مؤسسة الطارق لعلوم النيازك والكواكب حسناء الشناوي أودجهان، إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في المغرب يشكل فرصة للأمازيغ للالتقاء والاحتفاء بثقافتهم وتراثهم، مشيرة إلى أن الاحتفالات تشمل رقصات تقليدية وأغاني وعروض للأزياء ومهرجانات للمأكولات.
وقالت “إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يكتسي معنى خاص، يجمع بين التقاليد والحداثة، وذلك مع إحداث منصة في متناول الجميع لاستكشاف وتقدير ثراء الثقافة الأمازيغية”.
وأضافت “أن معارض الصور الفوتوغرافية، والأطباق التقليدية، والندوات والعروض تشكل تجربة غامرة وتربوية وترفيهية.. تحفز هذه المقاربة الاهتمام أكثر بالثقافة الأمازيغية داخل المجتمع، كما تشجع الحوار بين الثقافات. وتنظيم أنشطة ترفيهية إضافية للأطفال يجلب تجربة ممتعة بلمسة عائلية تشجع الأجيال المقبلة على حماية هذا التراث الثقافي”.
ويشكل الاحتفال فرصة لاستكشاف جوانب مختلفة من الثقافة الأمازيغية من خلال أربع ندوات، تتمثل في “رأس السنة الأمازيغية: من أسطورة شيشنق إلى براغماتية الفلاحين الأمازيغ”، و”تاغونجة، أسطورة أنزار”، و”التعابير الأمازيغية” بالدار البيضاء”، و”مرريدة الشاعرة المنسية” لآيت مكداز.