تجاوبا مع دعوات سياسية ونقابية لإنهاء أزمة التعليم المستمرة منذ أشهر، أعلنت التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب تعليق كافة الأشكال الاحتجاجية المزمع تنفيذها الأسبوع الجاري.
وقالت التنسيقية في بيان لها إن ذلك يأتي في إطار تفاعلها الإيجابي والمسؤول وإبداء حسن النية مع المبادرات النقابية والسياسية والحقوقية والدعوات التي تلقتها التنسيقية في شأن التزامها بالانخراط في إنهاء الأزمة لإعادة الثقة في المؤسسات، وفي نضالات هيئة التدريس وأطر الدعم بصيغة متوازنة ومنصفة تستحضر مصلحة جميع مكونات المدرسة العمومية، وينتصر فيها الجميع لمصلحة الوطن.
كما حذرت التنسيقية من “مغبة تكرار الفشل في نزع فتيل الاحتقان وعدم حل الأزمة في شموليتها، ما سيؤدي تلقائيا إلى استئناف التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم لبرنامجها النضالي وبأشكال تصعيدية غير مسبوقة على قاعدة ‘اللاعودة’ إلى حجرات الدراسة إلا بإلغاء كافة التوقيفات ‘التعسفية’، والتراجع عن الاقتطاعات غير القانونية من الأجور الهزيلة للمضربين والاستجابة للمطالب التي تقدمت بها التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم، وإصدار نظام أساسي يستجيب لتطلعات الشغيلة التعليمية ويترجم مطالبها العادلة والمشروعة وحقها في مكتسبات محصنة من الالتفاف والتراجع عنها”.
من جانبها أكدت التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي أنها قررت تعليق الإضراب “تفعيلا لمبدأ إتاحة الفرصة لتوفير مناخ إيجابي، يضمن عودة الحياة للفصول الدراسية، على أساس تشاركي يساهم فيه كل طرف بما يلزمه انطلاقا من المسؤولية النضالية والحس الوطني”.
وارتباطا بالمبادرات التي تحدثت عنها التنسيقيات التقت النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد وأمينته العامة سابقا، نبيلة منيب، قبل يومين من إيقاف الإضراب مع ممثلي التنسيقيات التعليمية، لمعرفة مطالبهم، مشيرة إلى أنه “قد تمت دعوة التنسيقيات لندوة حول يوم دراسي بالبرلمان من أجل تجاوز الأزمة الآنية للتعليم، بحضور عدد من الأحزاب والنقابات الأكثر تمثيلية، الجمعة 12 يناير الجاري”، ثم أبلغت الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية بها، آملة أن تتجاوب الوزارة مع مطلب سحب التوقيفات، ومذكرة الوزارة بأنها ستكون أول المستفيدين من إعادة انطلاق الموسم الدراسي.
بدوره ناشد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية “كافة نساء ورجال التعليم، من أجل استئناف الدراسة وإعطاء الأولوية لإنقاذ الموسم الدراسي لملايين بنات وأبناء الشعب المغربي من شبح سنة بيضاء”، مشددا على “الضرورة القصوى والمستعجلة، لتلبية نداء الوطنية والمواطَنَة من طرف الهيئة التعليمية والحكومة بتفادي صبِّ الزيت على النار من خلال إجراءات التوقيف عن العمل والاقتطاع من الأجور”.
واعتبر رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن “المبادرات محمودة لأجل تعليق إضرابات الأساتذة، لأنها فرصة لاستثمار الزمن المدرسي المتبقي وإيقاف الاحتقان لفائدة إصلاح المدرسة العمومية مع تحقيق المطالب التي طرحت للنقاش المتعلق بالنظام الأساسي، ومن حقهم الدفاع عنها، لأجل إنقاذ الموسم الدراسي كمسؤولية مشتركة بين الحكومة والأستاذة”.
وكان إضفاء صفة الموظف العمومي على كافة العاملين بقطاع التربية الوطنية من بين أبرز النقاط التي اتفقت عليها اللجنة الثلاثية الوزارية وممثلو النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية حول النظام الأساسي، والذي كان من المطالب الأساسية للمتعاقدين والمتمثل في إدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية.
ولجأت الوزارة إلى قرار التوقيف المؤقت عن العمل في حق أكثر من 500 أستاذ وأستاذة على المستوى المحلي، والذي استهجنته منظمات نقابية وحقوقية واعتبرته غير مجد.
ودعا المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان “جميع الهيئات والمنظمات المدنية والمهنية إلى تفعيل جميع المبادرات الترافعية النبيلة لوضع حد لهذا الاحتقان من أجل إلغاء التوقيفات التعسفية، والاستجابة لمطالب نساء ورجال التعليم من هيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب، لأجل إنقاذ الموسم الدراسي، بعد أن وصل الزمن المدرسي الخاص بالسداسي الأول إلى حدّ الهدر الكلي”.
المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان يدعو جميع الهيئات والمنظمات المدنية والمهنية إلى تفعيل جميع المبادرات الترافعية النبيلة لوضع حد لهذا الاحتقان
وثمنت الفيدرالية الوطنية لأولياء الأمور وآباء وأمهات التلاميذ الجمعة قرار بعض التنسيقيات تعليق الإضرابات وكل الأشكال الاحتجاجية مؤقتا، وإعلان تنسيقيات أخرى تدارسها للقرار من أجل إنقاذ الموسم الدراسي، وأن تطوى صفحة الإضرابات والأزمة التي أضرت بالقطاع بشكل نهائي.
ودعت منظمة “ماتقيش ولدي” الحكومة إلى حل الأزمة في أقرب وقت بشكل يضمن مكتسبات المدرسة العمومية وجودة التعليم المغربي، وينصف المعلم في حقوقه حتى يتفرغ ذهنيا لتربية الأجيال وتقديم كل ما يملك من معارف وتقنيات تربوية.
وإلى جانب الزيادة في رواتب موظفي التعليم توصلت اللجنة الوزارية والنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية إلى اتفاق بشأن التعديلات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، والمتعلقة بالجانب التربوي والمالي لموظفي قطاع التعليم.
وأكد ممثلو النقابات التعليمية في تصريحات صحفية أن الاجتماع كان فرصة “للحسم في كل التعديلات المتعلقة بالنظام الأساسي عبر التطرق الشامل إلى كل مواده”، معبرين عن التطور الإيجابي الذي ميّز الناقشات وساهم في إعادة الدفء إلى المدرسة العمومية وعودة التلاميذ إلى الأقسام، ومشيدين بالتجاوب الملموس الذي أبانت عنه اللجنة الوزارية خلال الاجتماعات.