صفقات عسكرية جديدة بين المغرب والولايات المتحدة تكشف عمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين
ماموني
دعّم المغرب قدراته العسكرية الدفاعية، بصفقات جديدة مع الولايات المتحدة، وذلك في إطار تعزيز ترسانته العسكرية وتنويع مصادر التسليح، بهدف إثبات موقعه ضمن المعادلات الجيوسياسية إقليميا وقاريا، في ظلّ تنامي التهديدات والاضطرابات الأمنية التي تهدد أمنه الخاص.
أفاد تقرير جديد لوزارة التجارة الأميركية أن المغرب عقد صفقات عسكرية لمبيعات خارجية مع الولايات المتحدة بقيمة 8.5 مليار دولار مع عدد من الصفقات الأخرى قيد التنفيذ حاليا وأخرى يتم التفاوض حولها، سوف ترفع قيمة الصفقات إلى ما يزيد عن 10.3 مليار دولار.
ويهدف المغرب إلى أن يكون لديه قوات برية وجوية وبحرية مؤهلة بشكل جيد، حيث ستعمل ميزانية الدفاع المتزايدة على تعزيز أسطول الدوريات التابع للبحرية الملكية بفرقاطتين جديدتين، كما يخطط المغرب للاستثمار في نظام مراقبة ساحلي متطور، حيث أصبح تأمين السواحل أولوية رئيسية للمملكة.
وقد خصص المغرب 20 مليار دولار لأهدافه الإستراتيجية المتمثلة في التحديث وقابلية التشغيل البيني، وتفوق على المملكة العربية السعودية بصفقات تصل قيمتها إلى 10.3 مليار دولار، زادت المبيعات العسكرية الأمريكية للمغرب بأكثر من الضعف في عام 2020.
وتكشف ميزانية الدفاع عن وجود منحى تصاعدي للمغرب في مجال توفير تمويلات للدفاع في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت بـ4 مليارات درهم عن سنة 2023، وبـ 9 مليارات درهم عن سنة 2022، وذلك تماشيا مع المخطط العسكري المغربي الرامي لتحديث الترسانة العسكرية للقوات المغربية وتوفير الأسلحة المتطورة للجيش.
وأكد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن “الصفقة تؤشر لعمق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين في مختلف المجالات، وتكتسي أهمية بالغة في تمتين علاقات التعاون الثنائي المتميز على المستوى السياسي والدبلوماسي والأمني والعسكري”.
وأضاف في تصريح لـه ، أن “الهدف هو تعزيز قدرات المغرب على التعامل مع التهديدات الحالية والمستقبلية، وتوطيد الأمن والاستقرار الإقليمي بمواجهة التحديات الأمنية بالمنطقة خاصة منها الصراعات بأفريقيا، ولتقوية الإستراتيجية الموجهة لتحديث تسليح الجيش المغربي”.
وبالإضافة إلى الصفقات العسكرية المتطورة مع واشنطن عرفت القوات المسلحة الملكية مناورات عسكرية عالية المستوى مع جيوش عالمية، أهمها “الأسد الأفريقي” بجانب حليفها قوات الولايات المتحدة الأميركية.
وتستحوذ واشنطن على جل واردات المغرب من السلاح، إذ يشير تقرير لمعهد “ستوكهولم” للسلام، إلى أن أغلب الأسلحة التي يستوردها الجيش المغربي بمختلف قواته، البرية والجوية والبحرية، مصدرها واشنطن، بنسبة تبلغ 76 في المئة.
ولتعزيز هدف المغرب في بناء صناعة عسكرية ودفاعية، في أوائل عام 2022، وقعت شركتا “سابكا” و “سابينا ايروسبيس” وهي جزء من “مجموعة بلوبيري” البلجيكية، والحكومة المغربية، وشركة “لوكهيد مارتن” الأميركية، شراكة إستراتيجية لإنشاء مشروع مشترك للصيانة “أيرو ماروك”، وتشمل هذه الشراكة مركزا متطورا للصيانة والإصلاح والمراجعة والتحديث للطائرات العسكرية والمروحيات في مطار بنسليمان.
وستحصل القوات المسلحة الملكية في الأشهر المقبلة على نسخة محدثة من نظام “تاو” المضاد للدبابات والمدرعات، من شأنه أن يزيد من تقوية الصد الدفاعي للمدرعات المغربية، بعدما رخصت واشنطن لشركة “باونت ديفنس تيكنولوجي” لبدء تحديث هذا النظام، لأن الجيش المغربي يصنف ضمن العديد من القوات في العالم والتي كانت قد حصلت على هذا النظام في السنوات الماضية، وبالتالي فستكون من الدول التي ستحصل على التحديثات التي سيتم إضافتها إلى هذا النظام الهام.
وفي إطار التحديث المتواصل الذي يقوم به المغرب لترسانته العسكرية، وصفقات التسلح التي يبرمها، وقعت إدارة الدفاع الوطني المغربية وشركة بوينغ في فبراير الماضي، اتفاقية تعويض صناعي في إطار تمديد برنامج اقتناء مروحيات أباتشي، وتتوافق هذه الاتفاقية مع القانون المعتمد حديثا لصناعة الدفاع حيث تستهدف جميع الأسلحة والذخائر وصيانة الطائرات العسكرية.
وشدد نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، في تصريح لـه، على أن “موقع المغرب الجغرافي ذا الخصائص الإستراتيجية، والتحديات الأمنية المطروحة بمنطقة المتوسط وشمال أفريقيا، وعدم حل مشكلة الصحراء المغربية، كلها عوامل تفرض تدعيم القدرات العسكرية للجيش المغربي وتطوير إمكانياته الدفاعية والهجومية، سواء على المستوى البشري أو اللوجستيكي”.
ورغم أن المملكة وقعت العشرات من صفقات التسلح في السنوات الأخيرة مع العديد من الدول، إلا أن الولايات المتحدة تظل على رأس قائمة أكثر البلدان المزودة للقوات الملكية بالأسلحة، والتي تتدرب بانتظام مع القوات الأميركية، مع التركيز على مكافحة الإرهاب والمنظمات المتطرفة العنيفة في منطقة المغرب العربي والساحل.
وتعتبر صفقة صواريخ “هيمارس” الأميركية الاستثمار الأبرز خلال سنة 2023، حيث حصل المغرب أيضا على نظام “هيماريس” الأميركي في صفقة فاقت نصف مليار دولار، وتضمنت 18 قاذفة صواريخ إم142 عالية الحركة مع 40 من أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش “أتاك ام اس”، و36 من أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة، و36 رأسا حربيا بديلا لأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (جي إم ايل ار اس) وتسع مركبات متعددة الأغراض عالية القدرة على التنقل.
وبخصوص توقيعات التسلح، فقد أبرم المغرب العام الماضي صفقة مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على صواريخ جديدة من نوع “AGM15C JSOW” لفائدة سربه من مقاتلا إف 16 المتطورة.