البوليساريو” تتهم مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد بـ”بيع ذمتها” للمغرب بعد انخراطها في المبادرة الملكية لربط دول الساحل بالأطلسي
تسبب تجاوب 4 دول من أصل 5 تنتمي إلى مجموعة دول الساحل، مع مبادرة الملك محمد السادس، الهادفة إلى ضمان ربط بلدان المنطقة بالمحيط الأطلسي عبر ميناء الداخلة الجديد، في حالة استنفار داخل جبهة “البوليساريو” الانفصالية، التي اجتمعت على عجل أمس الثلاثاء بمخيمات تندوف في الجزائر، تحت رئاسة أمينها العام إبراهيم غالي.
وهاجمت الجبهة الانفصالية الدول التي أعلنت انخراطها في المبادرة، من خلال اجتماع يوم السبت الماضي في مراكش، والذي دعا إليه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وحضره وزراء خارجية مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، حيث اعتبرت أن هذه البلدان “باعت ذمتها للمغرب”.
وعبر بيان غاضب تلا اجتماع ما يسمى بـ”المكتب الدائم للأمانة الوطنية للبوليساريو”، والذي خُصص أساسا للتطرق إلى الخطوات الأولى لتنزيل المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس بتاريخ 6 نونبر 2023، من خلال خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، تحدثت البوليساريو عن سياسة المغرب من أجل “شراء ذمم” الدول التي حضرت اجتماع مراكش.
وأوردت الجبهة أن الأمر يتعلق بـ” سياسة الرباط المتمثلة في شراء الذمم وبيع الأوهام”، حسب تعبيرها، وتابعت أن ذلك ما لوحظ أخيرا عبر “مسعاه تجاه بعض الدول في المحيط الإقليمي وذلك في تناقض تام مع منطق الجغرافيا و التاريخ”، في حين كالت المديح لـ”علاقاتها” مع موريتانيا، البلد الوحيد من دول الساحل الذي غاب ممثله عن الاجتماع المذكور.
وفي المقابل عبرت الجبهة، كما العادة، عن “امتنانها للجزائر، قيادة وحكومة وشعبا، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، على موقفها المبدئي الدائم ومساندتها وتضامنها مع كفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية وتقرير المصير”، لكن السياق هذه المرة مختلف، كون هذا الخطاب يأتي بعد إعلان وزير الخارجية أحمد عطاف عن رغبة بلاده في “الإسراع في إيجاد حل” للأزمة مع الرباط.
ونهاية الأسبوع الماضي، وفي أول رد فعل لها على اجتماع مراكش، اعتبرت ما توصف “السفارة الصحراوية” في الجزائر أن الأمر ينطوي على “استفزاز” لها، ملوحة بورقة “الحرب” في وجه الدول المعنية، وقالت إن المبادرة “ما هي إلا محاولة استفزاز جديدة، ومحاولة لإغراء دول الساحل بمبادرات وهمية لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع”، موردة أن “منطقة الأطلسي تشهد حربا”، وأنه لا يمكن استغلالها إلى بانفصال المنطقة عن المغرب.
واعتبرت الجبهة على لسان ممثلها الإعلامي في “سفارتها” بالجزائر العاصمة، محمد الأمين، أن “ما يقوم به المغرب في الساحل هو نوع من المناورات لإيهام بعض الدول الإفريقية، وخلق المزيد من عدم الاستقرار والتوتر في المنطقة”، زاعما أن الرباط تستهدف من خلالها “التأثير على نجاحات المقاربة الجزائرية في الساحل”.
وكان الوزراء المشاركون في لقاء مراكش قد عبروا عن انخراطهم في المبادرة الملكية الدولية، وذلك في البيان الختامي الذي تلا الاجتماع، مشددين على “الأهمية الاستراتيجية لهذه المبادرة، التي تندرج في إطار تدابير التضامن الفاعل للملك محمد السادس مع البلدان الإفريقية الشقيقة عموما، ومنطقة الساحل على وجه الخصوص، والتي تتيح فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها، بما ستسهم فيه من تسريع للتواصل الإقليمي وللتدفقات التجارية ومن ازدهار مشترك في منطقة الساحل”.
ورحب المشاركون بـ”المقاربة الشاملة والتشاركية من أجل بلورة هذه المبادرة”، مؤكدين على طموحهم المشترك “لتعزيز علاقات التعاون من خلال شراكات متعددة القطاعات وهيكلية ومبتكرة، تعكس قيم التعاون جنوب – جنوب والتنمية المشتركة”، واتفقوا على إنشاء فريق عمل وطني في كل بلد من أجل إعداد واقتراح أنماط تنفيذ هذه المبادرة، كما اتفقوا على العمل، في أقرب الآجال، على وضع اللمسات الأخيرة على المقترحات التي ستعرض على الملك محمد السادس، ورؤساء دول بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد.