المغرب يعزز البنية التحتية في معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا كقاطرة تنموية للعمق الافريقي
يولي المغرب أولوية قصوى في سياساته التنموية والاقتصادية للأقاليم الجنوبية في المملكة، فخصص للمركز الحدودي الكركرات جملة من المشاريع التنموية الرائدة منذ تدخل القوات المسلحة الملكية لتأمينه وإعادة فتحه أمام حركة المرور، التي تعتبر تطورا اجتماعيا واقتصاديا مهما ومتواصلا وتعزيزا للتنمية الاقتصادية وتعمير هذا الجزء من الصحراء المغربية الذي يعتبر بوابة المملكة نحو عمقها الإفريقي.
ومركز الكركرات التابع لجماعة بئر كندوز (إقليم أوسرد)، هو النقطة الحدودية التي تربط المغرب بموريتانيا وباقي بلدان غرب إفريقيا والمحور الطرقي الاستراتيجي الذي يعرف تدفقا يوميا مهما لحركة عبور الشاحنات وتنقل الأشخاص والبضائع والخدمات ويعتبر مجالا ملائما لإقامة عدد من المشاريع التنموية الكبرى بالمنطقة، وقد شهد عام 2023 تدشين وإعطاء انطلاقة لعدد من المشاريع لهذا المركز في عدد من المجالات، ومنها تشغيل محطة تحلية مياه البحر، بكلفة إجمالية 30 مليون درهم (الدولار الأميركي=9.9 درهم مغربي)، ممولة من قبل وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
ويعكس هذا الزخم التنموي في المركز الحدودي الكركرات أهمية الجهود المبذولة من قبل المملكة من أجل تحويل جهة الداخلة وادي الذهب إلى محور اقتصادي مهم يزخر ببنية تحتية قوية، وصلة وصل تهدف ضمان تنمية مشتركة وشاملة للقارة الإفريقية.
ويمكن هذا المشروع الذي يتضمن إنجاز وتجهيز بئر جديد ومحطة لتحلية مياه البحر بقدرة 432 متر مكعب في اليوم وإنشاء خزان عال بسعة 200 متر مكعب وشبكة للتوزيع بطول 5 كلم، من تحسين ظروف تزويد سكان هذه المنطقة بماء الشرب عبر شاحنات، انطلاقا من محطة تحلية محلية بمياه ذات جودة عالية في مرحلة أولى.
ويشتمل المشروع الذي انطلقت أشغال إنجازه في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، على مرحلة ثانية تتعلق بإنجاز شبكة لتوزيع الماء الشروب، والتي من المرتقب انطلاق الأشغال بها في غضون سنة 2024.
كما تعززت البنيات التحتية بالمركز الحدودي الكركرات بتدشين وإعطاء انطلاقة عدد من المشاريع التنموية، من خلال افتتاح أول وكالة بنكية لمؤسسة “البريد بنك” من شأنها المساهمة بشكل فعلي في تنمية المنطقة، انسجاما مع الرؤية الملكية الرامية إلى النهوض بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
ويضم هذا المشروع الذي تم إنجازه على مدى 18 شهرا على مساحة إجمالية بلغت 1030.58 متر مربع (بينها 748.98 متر مربع مغطاة)، وكالة البريد بنك ووكالة البريد كاش ووكالة 3 ووكالة 4 وأربع محلات، وستة مساكن وظيفية.
كما شهد المركز الحدودي الكركرات تدشين وحدة فندقية تم إنجازها بغلاف مالي ناهز 7.6 مليون درهم على مساحة إجمالية تفوق 1000 متر مربع، وبطاقة إيوائية تبلغ ما مجموعه 36 سريرا.
وفي المجال الروحي، تم تشييد صرح ديني أطلق عليها اسم “مسجد الخير”، من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بكلفة مالية ناهزت 8 ملايين و800 ألف درهم على مساحة إجمالية بلغت 3776 متر مربع، وبقدرة استيعابية تشمل 520 مصليا. ويندرج تشييد هذا الصرح الديني، الذي انطلقت أشغاله في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بمناسبة تخليد الذكرى الخامسة والستين لاستقلال المملكة، في سياق الجهود الرامية إلى تلبية الاحتياجات الروحية المتزايدة للمواطنين والعابرين على حد سواء، وتمكينهم من ممارسة شعائرهم الدينية في أحسن الظروف.
ويمتاز هذا المسجد الذي افتتح للمصلين مع بداية شهر رمضان 1444 هــ، بخصوصية تتمثل في تواجده بنقطة مهمة تعد جسرا بين المغرب وباقي بلدان إفريقيا، مما يجعل منه قبلة لإقامة الشعائر الدينية على أكمل وجه، سواء بالنسبة للعاملين بالمعبر الحدودي أو السائقين المتواجدين بكثرة في المعبر.
وعلى الصعيد الرياضي تم إطلاق أشغال تهيئة ملعب لكرة القدم بالكركرات، من أجل وضعه رهن إشارة الفرق المحلية، والمساهمة في دعم ممارسة كرة القدم واكتشاف عدد من المواهب الكروية بالمنطقة. ويهم المشروع الذي تنجزه الجمعية الملكية المغربية لكرة القدم، من خلال الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، تكسية الملعب بعشب اصطناعي من الجيل الجديد، بكلفة مالية تناهز 9 ملايين درهم، مع إنجاز مرافق تابعة للملعب (مستودعات اللاعبين والحكام، بعض المدرجات، سياج حول الملعب..).
ويأتي إطلاق أشغال تهيئة ملعب بالكركرات في إطار برنامج البنيات التحتية المعتمد من قبل الجمعية الملكية المغربية لكرة القدم منذ سنة 2014، في سياق الجهود الرامية إلى تعزيز البنيات التحتية الرياضية بالأقاليم الجنوبية، ومواكبة الدينامية التنموية التي يشهدها المركز الحدودي الكركرات. كما نظمت الجمعية الملكية المغربية للرياضة للجميع قافلة رياضية بالمركز الحدودي، تضمنت أنشطة رياضية وتربوية وترفيهية بهدف التشجيع على ممارسة الرياضة.
من جهة أخرى، شهد المركز إقامة الدوري الدولي الأول “الكركرات” في رياضة الكرة الحديدية، من قبل جمعية نادي الداخلة وادي الذهب للكرة الحديدية.
وفي المجال الصحي، استفاد حوالي 400 شخص، ينحدرون من المركز الحدودي والجماعة القروية بئر كندوز من قافلة طبية مغربية – أميركية متعددة التخصصات. ويهدف هذا العمل الإنساني والتضامني، المنظم بمبادرة من جمعية متطوعي المغرب وسفارة المغرب بواشنطن ومؤسسة الجنوب، بتعاون مع مؤسسة “بول تشيستر” واللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بأوسرد والمندوبية الإقليمية للصحة والحماية الاجتماعية، تقريب الخدمات الطبية من الفئات الاجتماعية في وضعية هشاشة بالوسط القروي.
وشملت هذه البعثة الإنسانية، التي عبأت طاقم عمل يتكون من 34 طبيبا أميركيا ومغربيا، بالإضافة إلى ممرضين متعددي التخصصات وإداريين وتقنيين، مجموعة من الخدمات التي تهم الرعاية الصحية في مجالات الطب العام والمتخصص، لاسيما طب النساء والتوليد وطب العيون، فضلا عن العلاجات الخاصة بالأسنان، بالإضافة إلى توزيع الأدوية مجانا.