اجتماع في مراكش يبحث تفعيل مبادرة العاهل المغربي لولوج بلدان الساحل إلى الأطلسي
أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس مبادرة دولية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، في إطار استمرارية الجهود الدؤوبة التي تبذلها المملكة، وذلك تجسيدا للتعاون جنوب – جنوب.
افتتحت السبت بمدينة مراكش المغربية أشغال اجتماع وزاري للتنسيق بشأن المبادرة الدولية للعاهل المغربي الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، بمشاركة مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.
ويتمحور الاجتماع التنسيقي، المنظم بمبادرة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، حول المبادرة الملكية الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي التي تعد امتدادا للجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة المغربية، تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس، من أجل أفريقيا مزدهرة.
ويعرف هذا الاجتماع مشاركة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمالي عبدواللاي ديوب، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون والنيجيريين بالخارج باكاري ياو سانغاري، ووزيرة الشؤون الخارجية والتعاون الإقليمي والبوركينابيين بالخارج كاراموكو جان ماري تراوري، وكذلك المدير العام لأفريقيا والاندماج الأفريقي بوزارة الشؤون الخارجية والتشاديين بالخارج والتعاون الدولي أبكار كورما.
وتوفر المبادرة الملكية إمكانات غير مسبوقة، من شأنها تقديم حلول مناسبة لتعزيز الاندماج والتعاون الإقليميين، والتحول الهيكلي لاقتصادات هذه الدول الشقيقة وتحسين الظروف المعيشية لساكنة دول الساحل والصحراء في إطار مقاربة مبتكرة ومندمجة لتعزيز استقرار المنطقة وأمنها.
وتم الإعلان عن هذه المبادرة في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، والذي أكد فيه على أن “المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة”.
الإعلان عن المبادرة جاء في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء
ومن أجل تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، قال العاهل المغربي “نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي”.
وأضاف أن “المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، والطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة تلك الدول دعما لهذه المبادرة”.
وتفتح المبادرة الملكية المجال أمام بلدان الساحل، التي ليس لها منفذ على البحر، للولوج إلى البنيات التحتية الطرقية والمينائية للمملكة.
وتؤكد هذه المبادرة الملكية الجديدة ذات الأبعاد الإقليمية والدولية أن المملكة لا زالت تولي أهمية كبرى للبعد الإنساني والتنموي المستدام لدول منطقة الساحل، من خلال العمل الدائم على تعزيز التعاون الجريء والمبتكر بما يتماشى مع تطلعات القارة الأفريقية .
وتوجت الزيارات الملكية لبعض بلدان الساحل بالنجاح الكبير، بالنظر إلى العدد الهائل من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون المبرمة بهذه المناسبة، فضلا عن مختلف الإجراءات التي قام بها العاهل المغربي لفائدة الفئات المعوزة في البلدان التي زارها.
المبادرة الملكية تفتح المجال أمام بلدان الساحل، التي ليس لها منفذ على البحر، للولوج إلى البنيات التحتية الطرقية والمينائية للمملكة
وتجسيدا لقيم التضامن التي يحافظ عليها الملك محمد السادس، بين المملكة المغربية والبلدان الأفريقية الشقيقة، تمّ إحداث مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة، والتي تتولى القيام بمهام إنسانية بالقارة الأفريقية.
كما تم إطلاق العديد من الإجراءات في دولة مالي، ويتعلق الأمر بالمشاريع الملكية لبناء مصحة محمد السادس للرعاية ما قبل الولادة وما بعدها بباماكو والتي تم تدشينها وتسليمها للسلطات المالية يوم 7 يوليو 2022، ومركز التكوين المهني في مجالات البناء والأشغال العمومية والسياحة والترميم.
ويمكن استحضار قرار العاهل المغربي، سنة 2000، والقاضي بإلغاء ديون الدول الأفريقية الأقل نموا وذلك بإعفاء منتوجاتها من الرسوم الجمركية عند دخول السوق المغربية.
وتتميز العلاقات التجارية بين المغرب ودول الساحل بالاستثمارات المباشرة الكبيرة للمملكة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، خاصة عبر الشركات الوطنية والبنوك المتواجدة في الساحة الاقتصادية لتلك الدول.
من جهة أخرى، اتخذ الملك محمد السادس عدة مبادرات لمواكبة بلدان الساحل في مجال التعاون الثقافي.
وكانت هذه الدول من أوائل المستفيدين من التكوينات لتلبية طلبها في المجال الديني، حيث تم التوقيع، في هذا الصدد، على اتفاقيات مكنت من تكوين 500 إمام مالي، و200 إمام نيجيري، و199 إماما تشاديا في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.
الملك محمد السادس اتخذ عدة مبادرات لمواكبة بلدان الساحل في مجال التعاون الثقافي
وأعطى العاهل المغربي في سبتمبر 2016 تعليماته لإرسال عدة أطنان من المساعدات الإنسانية (أغذية، أدوية، أغطية، خيام، وغيرها)، وذلك عقب الفيضانات التي اجتاحت العاصمة البوركينابية، كما قدم المغرب العديد من التبرعات التي تشمل المعدات الطبية والأدوية لدول الساحل لدعم سلطات هذه الدول الشقيقة في مكافحة جائحة كوفيد – 19.
وفي مجال مكافحة التغيرات المناخية، أولت المملكة أهمية كبيرة لقضية البيئة في أفريقيا، عموما، وفي منطقة الساحل على وجه الخصوص.
وتؤكد قمة العمل الأفريقي، التي انعقدت على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22)، الذي احتضنته مدينة مراكش سنة 2016، التزام المغرب بالحفاظ على البيئة ومكافحة تغير المناخ. ومن بين الأولويات التي حددتها هذه القمة إحداث لجنة المناخ لمنطقة الساحل.
ويشكل تكوين الأطر، سواء على المستوى الجامعي والتقني أو المهني، الجانب الأبرز من هذه الإجراءات، والجانب الذي أعطى النتائج الأكثر وضوحا مع بلدان الساحل. كما يعتبر المجال لتعاون أكثر استدامة بالنسبة إلى المغرب تجاه شركائه الأفارقة.
وارتفع إجمالي عدد الطلبة المنحدرين من منطقة الساحل، الذين يستفيدون من منح دراسية لمتابعة الدراسة في مؤسسات التعليم العالي العمومية برسم العام الدراسي 2022 – 2023، إلى 741 طالبا من مالي و478 طالبا من النيجر و493 طالبا من بوركينا فاسو و374 طالبا من تشاد.
وتتمحور المساعدة التقنية التي يقدمها المغرب للبلدان الأفريقية، أساسا، حول تبادل الخبرات في عدد من القطاعات، لاسيما الزراعة، والصيد البحري، والملاحة التجارية، والطاقة المائية، والصحة، والتنمية القروية، والصناعة التقليدية، والسياحة، والبنيات التحتية. ويتجلى هذا التعاون بشكل ملموس من خلال إرسال خبراء مغاربة إلى الميدان واستقبال تقنيين وخبراء بالمغرب.
وأولى التعاون ثلاثي الأطراف الذي أطلقه المغرب أهمية خاصة لتنمية الموارد البشرية من خلال العديد من الإجراءات متعددة القطاعات، بالتعاون مع المانحين والممولين الإقليميين والدوليين لفائدة أطر بلدان الساحل، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.