مالي تستدعي السفير الجزائري للتنديد بالتدخل في شؤونها
أعلنت وزارة الخارجية في باماكو أنّها استدعت الأربعاء سفير الجزائر احتجاجاً على “أفعال غير ودّية” من جانب بلاده و”تدخّلها في الشؤون الداخلية” لمالي.
وتأخذ مالي على الجزائر خصوصا عقدها اجتماعات مع الانفصاليين الطوارق دون إشراك السلطات المالية، وهو ما من شأنه أن يهدد بنسف اتفاق السلام الذي ترعاه الجزائر منذ العام 2015، كما قد يؤثر على وساطتها لحل الأزمة السياسية في البلاد.
وقالت الوزارة في بيان إنّ باماكو استدعت السفير الجزائري “لإبلاغه احتجاجاً شديداً” من جانب السلطات المالية “على خلفية الأعمال غير الودية الأخيرة التي قامت بها السلطات الجزائرية، تحت غطاء عملية السلام في مالي”.
والجزائر هي الدولة الرئيسية التي تتوسّط لعودة السلام إلى شمال مالي بعد “اتّفاق الجزائر” الذي تمّ توقيعه في 2015 بين الحكومة المالية وجماعات مسلّحة يغلب عليها الطوارق.
ومنذ نهاية أغسطس، استأنفت هذه الجماعات المسلّحة عملياتها العسكرية ضدّ الجيش المالي في شمال البلاد بعد ثماني سنوات من الهدوء.
ويتنافس المتحاربون من أجل السيطرة على الأراضي والمعسكرات التي أخلتها قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة المنتشرة منذ 2013 في هذا البلد والتي طردها الجيش منذ استولى على السلطة في انقلاب في 2020.
وبحسب بيان الخارجية المالية فإنّ باماكو تأخذ على الجزائر خصوصاً “الاجتماعات المتكرّرة التي تعقد في الجزائر على أعلى المستويات ومن دون أدنى علم أو تدخّل من السلطات المالية، من جهة مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقّعة” على اتفاق 2015 والتي “اختارت المعسكر الإرهابي”.
وحذّر البيان من أنّ من شأن هذه الأفعال “أن تفسد العلاقات الجيّدة” التي تربط بين مالي وجارتها الشمالية.
وتستضيف الجزائر حالياً قادة عدد من الجماعات الانفصالية الطوارقية، وفقاً لهذه الحركات.
والثلاثاء، استقبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبّون في الجزائر العاصمة رجل دين مالي نافذ هو الإمام محمود ديكو، بحسب ما أعلن الأخير. وينتقد هذا الإمام باستمرار الجيش الممسك بالسلطة في بلاده.
وفي بيانها قالت وزارة الخارجية المالية إنّ باماكو تعتبر أنّ “هذه الأعمال تشكّل تدخّلاً في الشؤون الداخلية لمالي”.
ودعا البيان “الجانب الجزائري إلى تفضيل مسار التشاور مع السلطات المالية، السلطات الشرعية الوحيدة، للحفاظ على تواصل من دولة لدولة مع شركاء مالي”.
وليست المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات بين الجزائر والسلطات المالية الحاكمة توترا بسبب سياسات الحكومة الجزائرية التي تسمح لنفسها بالتدخل في شؤون دول الجوار.
وكانت وزارة الخارجية الجزائرية قد أصدرت في الرابع من أكتوبر الماضي بيانا أوضحت فيه أنه تم رصد تداول بيان يتعلق بمالي ويزعم أنه منسوب لها مؤكدة أنه لا يوجد أي صلة رسمية للوزارة بهذا التعبير المفبرك.
وكان النظام العسكري الجزائري أعطى لنفسه، في ذات البيان، مسؤولية أخلاقية لحماية الشعب المالي”، في الوقت الذي يمر به البلد بأزمة سياسية.
وتثير سياسة النظام الجزائري في كل من مالي والنيجر غضب المجلس العسكري في البلدين، بينما يتخوف جنرالات قصر المرادية من تداعيات تدهور الوضع السياسي والعسكري في منطقة الساحل على الأمن القومي في الجارة الشرقية.
وأعلن الانفصاليون الطوارق، الأربعاء، أنهم فرضوا حصارا على الطرق الرئيسية في شمال مالي، حيث استعاد جيش البلاد بعض المناطق في الأسابيع الأخيرة.
وأعلن تحالف “الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية” الذي يضم مجموعات متمردة مسلحة، في بيان “فرض حصار كامل على المحاور الممتدة من الحدود الجزائرية إلى مدن ميناكا وكيدال وغاو وتمبكتو وتودني”، وهي المدن الرئيسية في الشمال الذي يمتد على مساحة شاسعة بين موريتانيا ومالي والنيجر.
وأوضح البيان أن هذا الحصار “يشمل كل المنتجات وكل أنواع وسائل النقل”.
وفقدت المجموعات المتمردة التي يهيمن عليها الطوارق السيطرة على عدد من المناطق في الأسابيع الأخيرة، في هجوم للجيش المالي بلغ ذروته في منتصف نوفمبر، بالسيطرة على كيدال التي تعد معقلا للانفصاليين.
واستؤنفت الأعمال العدائية في أغسطس، بعد 8 سنوات من الهدوء بين المتحاربين الذين يتنافسون للسيطرة على الأراضي والمعسكرات التي خلفتها القوات التابعة للأمم المتحدة التي طردتها باماكو.
وحقق العسكريون الذين استولوا على السلطة بالقوة في انقلاب خلال سنة 2020، نجاحا رمزيا، لكن المتمردين لم يلقوا أسلحتهم وتفرقوا في هذه المنطقة الصحراوية والجبلية.
وبعد سيطرة الجيش على كيدال، قال “الإطار الاستراتيجي الدائم” إن “الكفاح مستمر” وأكد انسحابه منها “لأسباب استرتيجية”.
وسمحت الوسائل الجوية للجيش المالي من طائرات ومسيّرات، بالتقدم على المتمردين الذين لا يملكون معدات من هذا النوع.
كما حظيت القوات المالية بدعم مرتزقة “فاغنر”، حسب المتمردين ومسؤولين محليين، مع أن المجلس العسكري ينفي وجود المجموعة الروسية الخاصة في البلاد، التي تواجه انتقادات بسبب ممارساتها، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
ولقي الهجوم في شمال مالي اتهامات للقوات المالية وحلفائها الروس بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، وهو ما تنفيه السلطات المالية.
وعملية جمع المعلومات والتحقق منها معقدة إلى حد كبير في مالي، بسبب صعوبة الوصول إلى مواقع نائية ومصادر مستقلة، في أجواء غياب الأمن وإسكات الأصوات المعارضة.