أزمة التعليم في المغرب مستمرة: انفتاح الحكومة يقابل بتصلب من التنسيقيات
تتخذ أزمة التعليم في المغرب منعرجا جديدا مع إبداء التنسيقيات والنقابات تصلبا، وعدم تجاوب مع الخطوات التي اتخذتها الحكومة، ويرى متابعون أن الإشكال يكمن في فجوة الثقة بين الطرفين، محذرين من أن التلاميذ هم من يدفعون ثمن استمرار الأزمة.
تبدي تنسيقيات ونقابات التعليم في المغرب تصلبا، رغم انفتاح الحكومة على التفاوض بشأن المطالب التي تتمسك بها ومنها التعديلات التي تهم النظام الأساسي لموظفي القطاع.
وأعلن التنسيق الوطني لقطاع التعليم، الذي يضم 25 هيئة، تمديد الإضراب عن العمل ليشمل أربعة أيام، بعد أن كان حدده سابقا بيومين فقط، لينضم بذلك للتنسيقية الموحدة لهيئة التدريس، وتنسيقية الثانوي التأهيلي.
من جهتها أعلنت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الثلاثاء غلق باب الحوار مع وزارة التربية الوطنية، مرجعة ذلك إلى اشتراط الوزارة الخروج بنداء للعودة للعمل مقابل استئناف التفاوض.
وقالت النقابة، إنها اختارت الاصطفاف إلى جانب الشغيلة لذلك “خرجنا بإضراب لأربعة أيام”، داعية إلى المشاركة في المسيرة الوطنية التي ستنطلق من أمام البرلمان الخميس المقبل.
ويعيش المغرب على وقع إضرابات للأسرة التعليمية منذ أكثر من شهرين، بسبب رفضها النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية الذي اعتمدته الحكومة في السابع والعشرون من سبتمبر الماضي.
وقد حرصت الحكومة على فتح باب التفاوض مع التنسيقيات والنقابات للتوصل إلى اتفاق، لكن الأمور لم تسر وفق ما هو مأمول، حيث ترفض التنسيقيات التعامل مع مطالبهم على القطعة ويتمسكون بتنفيذها ضمن حزمة واحدة.
وتتلخص المطالب في سحب النظام الأساسي، وإلغاء التوظيف الجهوي، وتفعيل الاتفاقات السابقة بين النقابات والوزارة المعنية، وإرجاع الاقتطاعات التي تمت من أجور المضربين.
◙ نقابة الاتحاد الوطني للشغل في المغرب تعلن الثلاثاء غلق باب الحوار مع وزارة التربية الوطنية، رافضة شروط الوزارة
ويقول متابعون إن الأزمة لا يبدو أنها في وارد الانفراج قريبا، حيث أن هناك أشبه ما يكون بعملية شد حبال بين وزارة التربية الوطنية وتنسقيات ونقابات التعليم، الأمر الذي يهدد بسنة بيضاء بالنسبة إلى التلاميذ في المغرب.
ويلفت المتابعون إلى أن وزارة التربية لم تحسن منذ البداية التعامل مع الأزمة التي فجّرها النظام الأساسي الجديد، والأكثر من ذلك أنها سببت في تفاقم الوضع بعدد من الإجراءات منها اقتطاع أجور المضربين.
ويوضح المتابعون أن تحرك رئيس الحكومة عزيز أخنوش ودخوله على خط تفكيك عقد الأزمة، لاسيما من خلال إيقاف العمل بالنظام الأساسي المثير للجدل، وصولا إلى توقيع اتفاق 10 ديسمبر الجاري، أوحى بإمكانية انتهاء الأزمة، لكن الإشكال بقي في فجوة الثقة بين الجانبين.
ويشير هؤلاء إلى أن تصلب مواقف أعضاء في تنسيقيات التعليم لا يخلو أيضا من مناكفات سياسية للحكومة، دون الاهتمام بالتداعيات الخطيرة للأمر على التلاميذ.
واستنكرت الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، الاثنين، بشدة ما وصفته بـ”حالة العبث التي تعيشها المدرسة العمومية جراء هذا الوضع الشاذ وغير المقبول أخلاقيا وإنسانيا وتربويا، بسبب مواصلة الإضراب من طرف المدرسين والمدرسات”، في إشارة إلى تنسيقيات التعليم.
◙ المغرب يعيش على وقع إضرابات للأسرة التعليمية منذ أكثر من شهرين، بسبب رفضها النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية
ونددت الفيدرالية في بيان لها بـ”الممارسات التي تسعى إلى تعطيل الدراسة بكل أشكالها”، داعية “كل الأمهات والآباء إلى مرافقة أبنائهم وبناتهم المتمدرسين والالتحاق بفصولهم الدراسية في أوقات العمل المنصوص عليها في جداول حصصهم الدراسية تعبيرا منا عن رفض المدارس المغلقة، مع تحميل المسؤولية الكاملة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والأطر الإدارية والتربوية حول منعهم من الدخول أو إخراجهم إلى الشارع”.
ودعا البيان إلى “تغليب المصلحة العليا للوطن ولأبناء الفئات الهشة والمقهورة التي تضررت من هذه الوضعية غير المسبوقة في قطاع يراهن عليه في كل تنمية بشرية”، داعيا الحكومة إلى “عقد اجتماع عاجل مع الفيدرالية الوطنية لدراسة السبل الكفيلة للخروج من هذا الوضع المتأزم ولمناقشة مطالب الأمهات والآباء وعلى رأسها توفير تعليم جيد، واحترام الزمن المدرسي وتوفير مدرسين ومدرسات ذوي كفاءات عالية وتكوين عال”.
وأشادت الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة في المغرب بـ”المدرسات والمدرسين الذين لم يحرموا التلاميذ من حقوقهم المشروعة باستئنافهم للعمل مما مكن فئة قليلة من دروسهم”.
وطالب البيان “الوزارة الوصية على القطاع باتخاذ الإجراءات والقرارات الحاسمة التي من شأنها وضع حد لهذا التلاعب والاستهتار بمصير أبناء الشعب المغربي”.