الخطوط المغربية تطمح لتصبح أساس النقل نحو أفريقيا
قدمت الخطوط الملكية المغربية انطلاقا من تونس رؤيتها الإستراتيجية الجديدة الرامية إلى تعزيز أسطولها وشبكتها الدولية بحلول عام 2037، حيث تريد الشركة أن تصبح أساس النقل نحو أسواق أفريقيا.
استعرضت شركة الخطوط الملكية المغربية رؤيتها المستقبلية التي تهدف إلى أن تكون دعامة رئيسية لحركة السفر في قارة أفريقيا والانفراد بالمنافسة في هذه السوق الكبيرة في غضون 15 عاما.
وتستهدف الرؤية، التي كُشف عن خطوطها العريضة أثناء حدث نظم مساء السبت الماضي في تونس، تعزيز أسطول الشركة بمئتي طائرة جديدة وشبكة من 143 وجهة من خلال تدشين مسارات متوسطة وطويلة المدى في أربع قارات.
وتضع خطة كهذه شركة الطيران الحكومية في طريق المنافسة الإقليمية وربما في مرحلة ثانية الدخول في المنافسة على المسافات الطويلة، لاسيما في ظل اعتماد البلاد سياسة الأجواء المفتوحة.
وأكد الممثل الإقليمي للشركة بتونس محمد عصام مصدق خلال الحدث بحضور عدد من المهنيين في مجال السياحة ووكالات الأسفار الشريكة والزبائن أن الإستراتيجية توفر فرصا كبيرة للشركاء في السوق التونسية لتطوير الأنشطة وشراكة مربحة للجانبين.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن مصدق قوله إن “الشركة تصاحب تطور القارة الأفريقية بأكملها مع آفاق نمو واعدة للغاية لجميع أسواق الشركة وأيضا في أسواق جديدة”.
وأوضح أن الشركة توفر روابط مثالية من وإلى تونس بمركزها الإستراتيجي في الدار البيضاء عبر رحلتين يوميا، مما “يربط الشبكة المحلية للخطوط الملكية بأفريقيا والأميركتين وشبه الجزيرة الإيبيرية”.
ويسعى المغرب لأن تكون الدار البيضاء مركزا حديثا يتمتع بقدرة استيعابية كبيرة، مع سوق ضخمة، خاصة عقب حصول البلد على حق تنظيم مونديال 2030 مع كل من إسبانيا والبرتغال.
ويقول خبراء في صناعة الطيران إن الخطوط المغربية تريد أن تكون نقطة الوصل الرئيسية بين أوروبا ودول غرب أفريقيا، خاصة وأنه لا توجد شركات طيران ناجحة في شمال أفريقيا. وأكدوا أن المغرب يمتلك فرصة كبيرة لأنه على عكس دبي والمنامة والدوحة ومسقط، التي تتنافس على أن تكون نقطة العبور إلى شرق آسيا.
وأوضح مصدق أن المسافرين الذين يختارون الخطوط الملكية المغربية دوليا بمدة عبور تزيد عن 8 ساعات سيستفيدون بشكل آلي من التكفل، مثل الذين يسافرون بين تونس وشبه الجزيرة الإيبيرية والعكس صحيح.
وتعد الشركة، بأسطول يضم أكثر من 50 طائرة وشبكة تضم أكثر من 80 وجهة، عضوا في تحالف ون وورلد العالمي الذي يضم 13 شركة طيران ملتزمة بتوفير أعلى مستوى من الخدمات ووسائل الراحة لما يقرب من ألف وجهة في 170 دولة.
وبحسب بيانات الشركة المنشورة على منصتها الإلكترونية فإنها تسير رحلات إلى 38 وجهة في أوروبا و28 وجهة في أفريقيا وسبع وجهات في آسيا وخمس وجهات في أميركا الشمالية، بالإضافة إلى وجهتين في أميركا الجنوبية.
وفي انسجام بشكل تام مع رؤية 2024 – 2037 أطلقت الخطوط المغربية أيضا علامتيها “ميت أفريكا” و”ميت ماروك” ذاتي التوجه الرقمي، مما يؤكد من جديد التزامها وإيمانها بالإمكانات الأفريقية. وتترجم هذه الإستراتيجية طموح الشركة إلى ترسيخ مكانتها كشركة رائدة في القارة وتعزيز إشعاع المغرب وأفريقيا.
وقطع المغرب خطوة باتجاه تعزيز نشاط شركة الطيران المملوكة للدولة خلال السنوات المقبلة، مع بروز مساع لخوض غمار المنافسة في سوق النقل الجوي من بوابة تحسين قدرتها على توسيع شبكة رحلاتها عبر إستراتيجية تبدأ بمضاعفة الأسطول.
وفي الصيف الماضي وسعت الحكومة طموحاتها في قطاع الطيران حينما قررت رفع رأسمال الملكية المغربية، في برنامج يهدف إلى مضاعفة أسطولها أربع مرات مما هو عليه اليوم.
وينص العقد الذي أبرمه رئيس الحكومة عزيز أخنوش والمدير العام للشركة حميد عدو في يوليو الماضي على رفع مساهمة الدولة في رأسمال الخطوط الملكية. وتشير آخر البيانات إلى أن رأسمال الشركة بلغ في عام 2019 حوالي 370 مليون دولار، مملوكا بأكثر من 98 في المئة للدولة.
وكان 2018 آخر عام حققت فيه الخطوط الملكية أرباحا بواقع 15 مليون دولار، ليبدأ مسلسل الخسائر منذ 2019 بنحو 12.7 مليون دولار، ثم تفاقمت بسبب وباء كورونا إلى 370 مليون دولار عام 2020، و260 مليون دولار في 2021.
وتتضمن حزمة الدعم المالي الحكومي للشركة ضمانات من الدولة للاقتراض من أجل شراء الطائرات الجديدة، وهو ما كشفت عنه مصادر في وقت سابق هذا العام.
وتستهدف الخطوط المغربية شراء طائرات عريضة ومتوسطة البدن، بحسب رئيسها التنفيذي، الذي أفاد في وقت سابق هذا العام بأنه في نهاية 2023 ستفتح الشركة الباب أمام الصانعين العالميين لتقديم عروضها.
وقال خلال مؤتمر بلومبرغ نيو إيكونومي غيتواي أفريقيا في يونيو الماضي “سنطرق باب جميع شركائنا والبنوك والشركات الكبرى لتمويل هذه الصفقات”. وأضاف “سننتقل من 50 إلى 200 طائرة، أي بمعدل 15 طائرة سنويا، وهذا قدر كبير بالنسبة إلينا، ولكننا واثقون جداً من أننا سنصل إلى هذا الهدف”.
ويتكون أسطول الشركة في معظمه من طائرات بوينغ الأميركية، وتسعى منافستها أيرباص للظفر بطلبية شراء أحد طرازاتها، وفق تصريح سابق لهادي عاكوم، نائب رئيس المبيعات لأفريقيا والشرق الأوسط في شركة تصنيع الطائرات الأوروبية.
ومن المرجح أن تحقق الملكية المغربية مكاسب أكبر من ناحية الإنفاق التشغيلي، حيث تبدو كل دول ساحل المتوسط الأوروبية مكلفة، وأقرب نقطة تشغيل منافسة ستكون مطار إسطنبول، وهذا يعقد الأمر على المسافر، وهو ما سيجعله يختار مسارات شركة الطيران المغربية.
ويرى الخبراء أن الشركة ستنافس بسهولة مع شركة الطيران الهولندية كي.أل.أم ولوفتهانزا الألمانية، التي تسيطر على سوق النقل من غرب أوروبا إلى غرب أفريقيا.
ولدى الخطوط الملكية 12 شركة تابعة لها تعمل في مجالات مرتبطة بالنقل الجوي، كصيانة الطائرات والتدريب والمناولة، وتُشغّل أكثر من 3400 موظف حاليا، بعدما لجأت إلى تسريح حوالي 750 موظفا، من ضمنهم حوالي مئة طيار، عقب الوباء.