الإعلام الجزائري يسقط “الثابت والواضح” في الموقف الأميركي تجاه الصحراء المغربية
تسير وسائل الإعلام الجزائرية على نفس النهج عندما يتعلق الأمر بالاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه، حيث يجري تنسيق لأجندة السلطة حتى في نشر الأخبار الزائفة لتوجيه الرأي العام، لكنها دائما ما تخسر مصداقيتها بسبب كشف التضليل من قبل الدول المعنية بالخبر الكاذب.
خسرت وسائل إعلام جزائرية مصداقيتها وإمكانية تأثيرها على الجمهور بنشر الأخبار المضللة عن المغرب إمعانا في تنفيذ الأجندة السياسية للسلطة، بعد أن كشفت وزارة الخارجية الأميركية عدم صحة الأخبار التي نشرتها عن موقفها تجاه الصحراء المغربية.
وأكدت الخارجية الأميركية على أن الموقف “الواضح والثابت” للولايات المتحدة إزاء قضية الصحراء المغربية لم يتغير، مجددة دعم واشنطن للمخطط المغربي للحكم الذاتي باعتباره “جادا وذا مصداقية وواقعيا”، لتنسف ادعاءات بعض وسائل الإعلام الجزائرية التي تحدثت عقب الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شمال أفريقيا، جوشوا هاريس إلى الجزائر عن تغيير مزعوم في موقف الولايات المتحدة بشأن قضية الصحراء.
ويؤكد الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن محاولات بعض وسائل الإعلام الجزائرية باتت مكشوفة للرأي العام ولم تعد مؤثرة سوى على مصداقية المنابر المضللة التي نشرت الأخبار الزائفة وباتت تحمل وصمة الكاذبة، وأعادوا نشر الخبر الصحيح استنادا إلى بيان الوزارة الأميركية. وجاء في تعليق على موقع إكس:
واحتشدت معظم وسائل الإعلام في الجزائر في الصف المعادي للمغرب، وأعلنت حالة استنفار جماعية لمهاجمة المغرب وتلفيق الأخبار الكاذبة، ويقول متخصصون في الاتصال أن وسائل الإعلام بمختلف أصنافها دوماً ما تلعب دورا أساسيا في التعاطي مع القضايا التي تهمّ الأمن القومي، وخاصة عند الإحساس بالخطر الجمعي؛ ولكن مع احترام أخلاقيات المهنة والضوابط المهنية، غير أن وسائل الإعلام في الجزائر تبتعد عن هذه المسلّمات عندما يتعلق الأمر بالمغرب.
وتسير وسائل الإعلام الجزائرية على نفس النهج عندما يتعلق الأمر بفتح الهيئات الدبلوماسية في الصحراء المغربية وتواصل الاعترافات الدولية بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، حيث يجري استخدام مختلف أساليب التلاعب والتضليل والتشويه ونشر الأخبار الزائفة مع ما رافقها من تعبئة شاملة في المنظومات التواصلية لتوجيه الرأي العام.
وتحاول المنابر الجزائرية صناعة مخيلة إعلامية قائمة على معاداة المغرب وسياساته باعتماد الممارسات الدعائية وآليات التلاعب والتضليل، حيث ألغت كل ما يتنافى ويتعارض مع مصالح الجزائر خدمة لأجندات خاصة للمؤسسة العسكرية.
ويرى متابعون أن هذه الممارسات تعكس العجز السياسي والإعلامي في الجزائر وغيرها من الدول التي مازالت متمسكة بطرح لم تعد الأمم المتحدة تؤمن بفائدته، كما تعكس توجسا جزائريا من حالة الإجماع التي تحظى بها قضية الصحراء المغربية لدى جميع مكونات المجتمع المغربي واستعدادها للتضحية من أجل وحدتها الترابية.
وزارة الخارجية الأميركية تنسف ادعاءات بعض وسائل الإعلام التي تحدثت عن تغير موقفها بشأن الصحراء المغربية
وينتقد متابعون باستمرار التدفق الإعلامي الكثيف من الإعلام الجزائري خصوصا الوكالة الرسمية باتجاه المغرب وهو ما عكسه حجم القصاصات الإخبارية وعددها.
ويطالب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون كلما سنحت له الفرصة الإعلام في بلاده بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”، وحثّه على المزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف من أجل التصدي لحروب الجيل الرابع، في اعتراف ضمني بعدم احترافية الإعلام في بلاده وعدم قدرته على المنافسة دوليا.
واستذكر متابعون العديد من الأخبار الكاذبة التي دأبت المنابر الجزائرية على تلفيقها، كما فعلت سابقا صحيفة “الشروق” المقربة من النظام، حيث نشرت صورة من الأرشيف توثق لتظاهرات سلمية شهدتها الرباط سنة 2017، وتدعي أنها للاحتجاجات في مدن المملكة.
ولقيت الصورة التي عنونتها الصحيفة الجزائرية بـ”مظاهرات حاشدة في المغرب ومواجهات بين الشرطة والمحتجين” انتقادات لاذعة وتعليقات ساخرة من قبل رواد موقع فيسبوك، بمن فيهم الجزائريون، حيث اعتبروا أن الصحيفة تعمل بتعليمات مباشرة من نظام الجنرالات الحاكم في الجزائر.
وقال متابعون إن جريدة “الشروق” لم ترتدع رغم البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الروسية، والتي اتهمت فيه الجريدة الجزائرية بأنها تعيش في عالم مواز للعالم الواقعي، وأنها تحوك قصاصاتها من نسج خيال صحافييها.
جريدة “الشروق” لم ترتدع رغم البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الروسية، والتي اتهمت فيه الجريدة الجزائرية بأنها تعيش في عالم مواز للعالم الواقعي
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد نفت في وقت سابق ادعاءات الإعلام الجزائري بشأن وجود “أزمة عاصفة متفاقمة” بين الرباط وموسكو، واصفة التقرير الذي نشرته صحيفة “الشروق” بـ”الكاذب”.
وأكدت الخارجية الروسية على موقعها الرسمي أن تقرير صحيفة “الشروق” الجزائرية الذي تزعم فيه بأن الجزائر هي السبب في اندلاع الأزمة بين روسيا والمغرب “كذب وتضليل للرأي العام”، مشددة على أن هناك مغالطات كثيرة تم الترويج لها بشأن التعاون الثنائي بين الرباط وموسكو.
وقال ناشطون إن الدول التي تلجأ إلى تلفيق الأخبار ومهاجمة الدول التي على خلاف معها عبر وسائل الإعلام إنما تسيء لنفسها أمام الرأي العام وتؤكد محدودية فكرها السياسي في تدبير علاقاتها الدولية وملفاتها الكبرى.
وقال البراق شادي عبدالسلام الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر إن “هيستيريا التضليل الإعلامي الذي تنتهجه الدوائر المعادية للمملكة المغربية باستهداف المؤسسات الإستراتيجية للدولة بالأخبار الزائفة والأكاذيب المفضوحة مازال متواصلا، وآخرها الخبر الذي روجته صفحات ومواقع تابعة لجهات معادية حول انشقاق ضباط مغاربة، بعد فشل العديد من المخططات الرامية إلى إضعاف الموقف المغربي المتماسك داخليا وخارجيا باصطفاف كل القوى الحية في المغرب وراء المؤسسة الملكية، وهو ما يؤكد حالة الهزيمة النفسية التي يعاني منها خصوم المملكة المغربية داخليا وخارجيا بفضل النجاحات الكبرى التي تحققها المملكة في مختلف الميادين، سواء منها المدنية أو العسكرية”.
وأشار إلى أن “لجوء الجهات المعادية للمغرب إلى أساليب الجيل الرابع من الحروب الذي يعتمد على حرب الإشاعات والأكاذيب والتضليل الإعلامي والخداع الإستراتيجي باستهداف المؤسسات الإستراتيجية للدولة المغربية، كالقوات المسلحة الملكية المغربية والمؤسسات الأمنية، هو فصل أخير من فصول رقصات الديك المذبوح، ومحاولة فاشلة للتأثير على الموقف الداخلي، خاصة في ظل المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية التي تسير في اتجاه دعم واسع للمسارات والجهود المغربية للطي النهائي لملف الوحدة الترابية على أساس مخطط الحكم الذاتي، باعتباره الحل الممكن الوحيد الذي يحافظ على ميكانيزمات الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي”.