لافارج الفرنسية أمام القضاء مجددا بسبب دعم داعش
رفع المئات من الأميركيين الإيزيديين، بقيادة نادية مراد الحائزة على جائزة نوبل للسلام، دعوى قضائية ضد شركة لافارج الفرنسية للأسمنت واتهموها بالتآمر لتقديم دعم مادي لتنظيم الدولة الاسلامية “داعش”، لحماية مصالحها بعد سيطرة التنظيم على مصنعها في سوريا.
ويمثل المدعين وجميعهم مواطنون أميركيون، المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان أمل كلوني والدبلوماسي الأميركي المخضرم السابق لي ولوسكي. ومقيمو الدعوى وعائلاتهم من الناجين من عنف الدولة الإسلامية الذي بدأ عندما استهدف مسلحو التنظيم موطن الإيزيديين في سنجار بشمال العراق عام 2014.
وبحسب الدعوى المرفوعة أمام محكمة اتحادية في نيويورك، فإن لافارج “ساعدت وحرضت على أعمال إرهاب دولي ارتكبتها الدولة الإسلامية وتواطأت مع التنظيم ووسطائه، ويتعين عليها دفع تعويضات للناجين”.
والإيزيدية أقلية دينية تجمع تعاليم من المسيحية والزرادشتية والإسلام، ويعتبر تنظيم الدولة الإسلامية أتباعها من عبدة الشيطان.
وأقرت لافارج أمام محكمة أميركية في أكتوبر من العام الماضي بالذنب في تهمة تقديم أموال لجماعات تصنفها الولايات المتحدة إرهابية، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية، حتى تتمكن الشركة من مواصلة تشغيل أعمالها في سوريا. وقالت إنها “نادمة ندما شديدا” على ما وقع “وتتحمل المسؤولية عن المديرين التنفيذيين المعنيين”.
ووافقت لافارج، التي أصبحت جزءا من شركة هولسيم المدرجة في البورصة السويسرية عام 2015، على دفع 778 مليون دولار كغرامات في إطار اتفاقية الإقرار بالذنب.
وقالت كلوني في بيان “من الصادم أن تعمل شركة عالمية رائدة جنبا إلى جنب مع الدولة الإسلامية بينما كان التنظيم يعدم مدنيين أميركيين ويرتكب إبادة جماعية ضد الإيزيديين”. وعندما أقرت لافارج بالذنب أمام محكمة أميركية العام الماضي، أشارت هولسيم في بيان إلى أنها غير متورطة في الأمر وأنها “لم تعمل مطلقا في سوريا”.
وافتتحت الشركة مصنعها في قرية الجلبية، قرب الحدود التركية في 2010، بعد استثمار 860 مليون دولار. وقال الادعاء العام الأميركي إن فرع لافارج في سوريا دفع لتنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم جبهة النصرة 5.92 مليون دولار لحماية المستخدمين في المصنع، بعدما تأجج النزاع المسلح في البلاد. وأضاف أن المديرين شبهوا ذلك بدفع “الضرائب”.
وغادرت لافارج المصنع في سبتمبر 2014، عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على البلدة وعلى المصنع. ولكن الشركة حققت بفضل تلك الصفقة، أرباحا قيمتها 70 مليون دولار، حسب الادعاء العام الأميركي.
وجاء في الدعوى المرفوعة ضد لافارج “قبل وأثناء وبعد الوقت الذي نفذ فيه تنظيم الدولة الإسلامية هذه الهجمات الوحشية على الإيزيديين، كان المتهمون يدفعون ويتآمرون مع التنظيم”.
وقالت مراد التي حصلت على نوبل للسلام عام 2018 لجهودها لإنهاء استغلال الاغتصاب كسلاح في الحرب “عندما هاجمت الدولة الإسلامية سنجار، قُتلت عائلتي، وتعرضت للاسترقاق. وواجهت الاستغلال والاعتداء كل يوم حتى هروبي”.
وتابعت “لسوء الحظ، قصتي ليست فريدة من نوعها بين الإيزيديات. إنها حقيقة عاشتها آلاف الإيزيديات. والأمر الأكثر مأساوية هو أن الرعب الذي تعرضنا له حدث على مرأى ودعم من شركات قوية مثل لافارج”.
وأقامت عائلات عامل إغاثة وجنود أميركيين قتلوا جميعا أو أصيبوا على يد تنظيم الدولة الإسلامية وجماعة جبهة النصرة دعوى قضائية مماثلة ضد لافارج في يوليو.
وقالت نائبة المدعي العام، ليزا موناكو، آنذاك إن “تصرف لافارج يعكس درجة الانحدار الذي وصلت إليه جرائم الشركات”. وأضافت أن “المعاملات التجارية مع الإرهابيين لا ينبغي أن تمر على أنها معاملات تجارية عادية”.
وقد استقال إيريك أولسون، الذي كان مديرا في لافارج وهولسيم، حتى 2017، من منصبه، عقب تحقيق في نشاطات لافارج في سوريا. وقال وقتها إنه لم يخالف القانون، وإنه قرر الاستقالة من أجل رفع “الحرج” عن الشركة.