بوليساريو تستعين بمرتزقة أفارقة في مواجهة أزمة ولاء داخلية
ذكرت وكالة الأنباء الصحراوية التابعة لجبهة بوليساريو أن الأخيرة خرجت دفعة جديدة من المقاتلين، بينما ذكرت مصادر محلية أن من بين هذه الدفعة مرتزقة أفارقة من دول جنوب الصحراء جرى استقدامهم فيما تواجه الجبهة الانفصالية حركة انشقاقات داخلية وأزمة ولاء للقيادة على وقع تفاقم عزلة الكيان غير الشرعي بفعل انحسار خياراته بعد تواتر الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء.
وتعيش الجبهة المدعومة من الجزائر أسوا فتراتها ولم تعد تملك هامشا واسعا للمناورة وتكابد في مواجهة تصدعات داخلية هي في الأصل ناشئة منذ المؤتمر السادس عشر لبوليساريو الذي جُدّدت فيه الثقة في شخص كبير الانفصاليين إبراهيم غالي بدفع من الجزائر.
ويشير تخريج دفعة من المقاتلين بينهم مرتزقة أفارقة إلى عدة سياقات أولها تنامي حالة الانشقاقات وحاجة بوليساريو لقوة تحميها وتحصن نفوذها وثانيها انعدام ثقتها ومخاوفها من تحركات داخلية قد تقوض سلطة إبراهيم غالي وحاشيته رغم ما يحظى به من دعم وحماية جزائرية.
ويبقى السياق الثالث أنها تستعد على ما يبدو للتصعيد ضد المغرب بعد أن نفذت في الفترة الأخيرة هجمات إرهابية استهدفت مدينة السمارة جوهرة الصحراء المغربية في الأقليم الجنوبية.
وفي حين تبدو كل هذه السياقات منطقية وواقعية فإن استقدام مرتزقة من دول جنوب الصحراء ليس أمرا طارئا بقدر ما هو استكمال لخطط تضخيم أعداد متساكني مخيمات تندوف وهي خطة جزائرية يجري تنفيذها منذ سنوات.
وترفض الجزائر وبوليساريو إجراء تعداد سكاني لقاطني تندوف وهو مطلب انتقل من المغرب إلى دول غربية بينها اسبانيا في انتظار أن يتحول إلى مطلب أممي لتحديد عدد سكان المخيم.
وأثار سياسيون اسبان ومسؤولون سابقون في الفترة الأخيرة هذه القضية وسط تساؤلات كيف يمكن تأسيس دولة لبضعة آلاف من الصحراويين معظمهم مسلوبي الإرادة تحت حراب بوليساريو وضغط جزائرية ولا يملكون قرارهم حتى ينخرطوا في ما تنادي به الجبهة الانفصالية من “تقرير المصير”.
واشار هؤلاء إلى الفرق بين العيش في كنف دولة ذات سيادة وبمقومات كاملة للحياة والنماء والنهضة الاقتصادية وبين العيش في ظل كيان انفصالي لا يملك من مقومات الحياة شيئا وكل تركيزه (الكيان غير الشرعي) على تخريب جهود الحل السلمي.
وكانوا يشيرون بذلك إلى واقعية مقترح المغرب للحكم الذاتي حلا وحيدا للنزاع في الصحراء.
وجاء تخريج الدفعة الجديدة من المقاتلين ومعظمهم من الأفارقة تحت اسم “النوشة كباد أحمد”، وسط حالة تململ تحولت في أكثر من مناسبة إلى انتفاضة وتمرد داخل مخيمات تندوف.
وتراهن الجبهة الانفصالية على ما يبدو على مرتزقة أفارقة لتحصين نفسها في مواجهة تلك الانشقاقات من جهة والاستعداد على ما يبدو لتصعيد هجماتها على مدن في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية على غرار اعتداءاتها الإرهابية التي استهدفت مدينة السمارة في الفترة الأخيرة.
لكن في كل الحالات يبقى تجنيد مرتزقة دليلا آخر على أن الكيان المعلن والذي لا يحظى باعتراف دولي والمسمى الجمهورية العربية الصحراوية كيان منبت لا مقومات له باستثناء ما يحظى به من دعم جزائري.
وأوردت وكالة الأنباء الصحراوية التابعة لبوليساريو أن الأخيرة أقامت احتفالا بتخرج دفعة جديدة من المقاتلين وسط استعراضات عسكرية للإيهام بأنها كيان يمتلك جيشا قويا تسميه “جيش التحرير” وهي التسمية المرتبطة بما تروج له لنفسها كحركة تحرير وطني والحال أن كل ممارساتها لا تخرج عن سياق ممارسات الجماعات الإرهابية.
ورافق تخريج الدفعة الجديدة من المقاتلين وبينهم عدد كبير من الأفارقة، هالة إعلامية سوقت للأمر كأنما هو تخريج دفعة من جيش نظامي في حركة مناقضة لطبيعة الجبهة التي يعتبرها المغرب عصابات وميليشيات تحركها الجزائر لحساب خدمة أجندتها الضيقة.
ويؤكد هذا التطور أيضا ما سبق وأن ذكرته تقارير متطابقة عن تنامي رفض الشباب في مخيمات تندوف الانخراط فيما تسميه الجبهة “جيش التحرير” وهو ما يعكس حالة التمرد واليأس الناجم عن ممارسات بوليساريو وعن توجه رافض للاستمرار تحت سلطة الجبهة وطروحاتها التي لم تجلب لسكان تندوف سوى المزيد من الآلام والمعاناة.
وليس هذا التطور استثناء فقد انشق كثيرون عن بوليساريو وشكلوا تحالفات تنادي في الخارج تنادي بالانخراط في الطرح المغربي باعتباره طرحا وطنيا قادرا على تخليص سكان تندوف من أسر العصابات التي تديرها الجبهة الانفصالية.
وأيدت أكثر من جهة انشقت عن بوليساريو مبادرة الحكم الذاتي حلا للنزاع في الصحراء تحت السيادة المغربية، مشيرة إلى الفرق بين العيش في كنف دولة تبني وتعمر وتحول الصحراء إلى قطب عالمي للاستثمار والتنمية وبين العيش تحت حراب عصابة تخدم مصالح قيادتها وتنفذ أجندة خارجية.
والإعلان عن تخريج دفعة جديدة من المقاتلين يأتي كذلك في سياق التضخيم والاستعراضات لمدارة حالة الوهن الذي تعانيه بوليساريو التي تشتد عزلتها يوما بعد آخر في ظل تواتر الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء وبمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا وحيدا للنزاع.
ولم يعد للجبهة خيارات ولا هامش للمناورة مع تواصل الجهود الأممية لحل النزاع سلميا واعتبار الجزائر شريكة في الأزمة وليست طرفا محايدا.
وذكرت وكالة الأنباء الصحراوية أن الاحتفال شهد إقامة استعراضات عسكرية أدى بعدها المتخرجون الجدد من دفعة المقاتلين ما سمته القسم كالتزام لخدمة بوليساريو. كما جرى تقليدهم الرتب وشهادات لمن تفوقوا في الدفعة.
وتابعت أن الحفل شهد كذلك تقديم عروض تشمل القتال المتلاحم وحركات بدون سلاح ورماية بالذخيرة الحية وتمارين تكتيكية تحاكي مداهمة منازل مشبوهة إضافة إلى تمرين عن كيفية حماية الشخصيات وما سمته الجهة المشرفة على التمرينات، اقتحام نقاط ومراكز معادية في إشارة إلى مواقع للقوات المغربية.
وبالنسبة للتمارين المتعلقة باقتحام منازل مشبوهة فقد حملت إشارات واضحة إلى حملات أمنية سابقة في مخيمات تندوف شارك فيها الدرك الجزائري في مواجهة تمرد قاده نشطاء فضحوا على منصات التواصل حالة القمع والممارسات الإرهابية للجبهة داخل المخيمات.