بوليساريو تعرض صورا لمرتزقة أفارقة على أنهم مجندون من الصحراء المغربية
وقع الجهاز الإعلامي لجبهة بوليساريو الانفصالية في مأزق الكشف عن تدريب ما يعتقد أنهم مرتزقة أفارقة وتقديمهم على أنهم مجندون من الصحراء المغربية يستعدون للمشاركة كقوات تابعة لبوليساريو تعمل بمهمات عسكرية ضد القوات المغربية.
وكشفت صور وزعتها بوليساريو مع خبر عن تخريج دفعة من المقاتلين، تقول إنهم من “مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي”، أن المتدربين بسحنة سمراء داكنة وملامح أفريقية واضحة دون أن يلاحظ أن من بينهم أي مقاتل ببشرة متوسطة الاسمرار تميز سكان شمال أفريقيا.
وأشار بيان الجبهة إلى أن الدفعة حملت اسم “الشهيد النوشة كباد أحمد” وشاركت في احتفال باستعراضات عسكرية حضرها أعضاء من “الأمانة الوطنية للحركة والحكومة والأركان العامة للجيش”. وليس من المعروف ما إذا كان هؤلاء المرتزقة قد تم تجنيدهم بشكل مباشر من بلدانهم، أم أن الجزائر لجأت إلى تجنيدهم من المهاجرين الأفارقة الذين يتخذون من الجزائر نقطة عبور نحو أوروبا.
وتكشف الصور عن زيف الدعاوى السابقة للجبهة الانفصالية التي تقول فيها إن قواتها تعتمد على عناصر صحراوية محلية، وإنها لا تعتمد على عناصر خارجية، في حين أن الصور تقول إن بوليساريو تعتمد بشكل أساسي في التجنيد على المرتزقة والأطفال.
وأكد هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية والإستراتيجية، أن “الاعتماد على مجندين من جنسيات مختلفة ذات أصول أفريقية هو مقاربة كانت دائمًا في قلب توجهات بوليساريو، وذلك بإيعاز مباشر من المؤسسات الجزائرية التي تتستر على هذه التوجهات المنافية للقانون الدولي وضوابط العلاقات الدولية”.
ويوحي الاعتماد على المرتزقة بعدة استنتاجات، منها أن بوليساريو لم تعد قادرة على الاستقطاب داخل مخيمات تندوف، التي تسيطر عليها بدعم من الجزائر، وأن شباب المخيمات قد انفضوا من حولها بسبب ما خبروه عنها من فساد ومحسوبية، وخاصة الاستئثار بالمساعدات التي توجه إلى المخيمات وتوزيعها على القادة المقربين.
واعتبر معتضد، في تصريح لـ”العرب”، أن “استخدام الأفارقة هو انخراط واضح في نشاط يعاقب عليه القانون الدولي وسلوك يعاكس التوجهات الدولية وانتظارات المنتظم الدولي الساعي إلى إيجاد حل سياسي لنزاع الصحراء المفتعل، والذي تحاول بوليساريو عرقلته من أجل الاستمرار في الاستفادة المالية من المساعدات التي تتلقاها من المنظمات الإنسانية على حساب معاناة السكان في مخيمات تندوف”.
وحث الباحث المغربي المجتمع الدولي على فتح بحث قانوني وأمني في هذا الملف الخطير، خاصة وأن هذا السلوك ليس وليد اليوم لدى بوليساريو وإنما هو ممارسة قديمة تزداد بمرور السنوات. ويؤكد هذا التطور ما سبق وأن ذكرته تقارير متطابقة عن تنامي رفض الشباب في مخيمات تندوف الانخراط في ما تسميه الجبهة “جيش التحرير”، وهو ما يعكس حالة التمرد داخلها.
◙ الاعتماد على المرتزقة يوحي بأن بوليساريو لم تعد قادرة على الاستقطاب داخل مخيمات تندوف التي تسيطر عليها بدعم من الجزائر
وتزامن هذا الكشف مع تواتر الأنباء عن انشقاقات داخل بوليساريو وانسحاب قادة بارزين وسحب المقاتلين الموالين لهم في وقت أصبحت فيه عاجزة عن التحرك الميداني وتتلقى ضربات قاصمة للظهر من قِبَل القوات المسلحة الملكية.
ويشير مراقبون إلى أن شباب المخيمات قد اكتشفوا كذلك أن شعارات بوليساريو لا قيمة لها على أرض الواقع، وأنها تجمع الدعم من خلال توظيف معاناة سكان المخيمات الذين يعيشون على وقع الفقر وانتشار الأمراض واليأس ورواج المخدرات فيما يعيش قادة الجبهة في رفاهية تامة.
وهناك حقيقة أخرى تُشعر سكان المخيمات، وخاصة منهم الشباب، بأن لا معنى لرفع السلاح في ظل التغيير الحاصل في ملف الصحراء المغربية، حيث ربح المغرب الحرب فعليا، عسكريا ودبلوماسيا، وأصبحت دول العالم تقر بأن مقاربة الحكم الذاتي التي تعرضها المملكة كأرضية للحل واقعية وذات مصداقية، وهو ما يعني أن بوليساريو باتت معزولة ولا أفق أمامها بالحرب أو بالدبلوماسية.
وخلقت هذه الحالة وعيا كبيرا لدى شباب المخيمات بأن مصيرهم ليس مع بوليساريو وإنما مع المغرب. وتحدثت تقارير عن مغامرة الكثير من الشباب بالهروب من مخيمات تندوف والعودة إلى المغرب البلد الأم، متحدّين كل الصعاب والمخاطر.